أخبار دوليةالواجهةمجرد رأي

المزعج اكثر من الانزعاج الجزائري

بقلم أبو ايوب2024/7/31

مقال ماذا بعد الانزعاج الجزائري تطرقت فيه الى المرتقب حدوثه من تصعيد عسكري و دبلوماسي بشمال غرب أفريقيا ، و قلت بالحرف من موريتانيا و جبهة البوليساريو في مواجهة المغرب على اثر دعم فرنسا المقترح المغربي .

بعد اعلان الدعم مباشرة بسويعات شهد قطاع المحبس استهداف دام لحوالي ثمان ساعات من ليل الجمعة الى فجر السبت ، كرد أولي على الاعلان الفرنسي بدعم المقترح المغربي، هذا ما اكده بيان عسكري للبوليساريو و لم يؤكده او ينفيه المغرب..الأمر لا يهم بقدر ان الأهم ما اقدمت عليه موريتانيا الشقيقة الجنوبية
اليوم موريتانيا تستقبل ابراهيم غالي بصفته رئيس دولة لحضور مراسيم اداء محمد ولد الغزواني اليمين الدستوري بعدما فاز بعهدة ثانية، و هذا ما يؤكد بما لا يدع للشك مجالا أن موريتانيا اعلنت تموقعها العلني و الصريح ضمن اطار التحالف المغاربي الجديد ، استعدادا للاعلان الرسمي على حضور اشغال قمته المقبلة التي تستضيفها ليبيا قريبا ، اي بما معناه المساهمة في عزل المغرب عن محيطه الإقليمي و لم لا محاصرته … فيما الجزائر منذ يومين قامت باستدعاء سفيرها بفرنسا بأثر فوري و ليس للتشاور ، فالتشاور يبقي الباب مفتوحا أمام عودة السفير الى مقر عمله و لو بعد حين ، فيما ” بأثر فوري ” تشير إلى استحالة عودة السفير و الاقتصار على القائم بأعمال السفارة …

بالتالي على فرنسا تحمل ثمن و تكاليف موقفها هذا ، و بأن العلاقات الثنائية في كل المجالات ستعيش على وقع شبه قطيعة ( عدم التعامل مع الشركات الفرنسية او تحويل مسار شحنات الغاز الموجهة لفرنسا ضمن إطار العقود الآنية إلى وجهة اخرى
و هي إشارة إلى إيطاليا كمنصة تصدير الغاز الافريقي ” ليبيا الجزائر النيجر و نيجيريا و موريتانيا ، و قد ينضم السينغال و مالي في المستقبل المنظور ” ، غاز موجه بالاساس للدول الأوروبية .

هذا المشروع يعتبر بكل المقاييس جغرافيا سياسية كانت ام ضمن سياق الجوانب الجيوستراتيجية ، بمثابة نعي حلم دول غرب اوروبا ( فرنسا و اسبانيا) ، و البوابة كانت اسبانيا المرشحة لتكون منصة انطلاق الغاز الافريقي نحو باقي الدول الأوروبية، لا سيما بعد ما ضخ من استثمارات ضخمة +25 مليار دولار استثمارات في البنى- تحتية( مصافي تكرير النفط/ تحويل الغاز السائل الى../ محطات توليد الكهرباء/ مينائين لاستقبال حاملات النفط و الغاز و مواقع التخزين مثالا) .

و اليوم أمست ايطاليا هي الوجهة المفضلة و ” بلات-فورم” لصادرات الغاز الافريقي نحو الدول الأوروبية كألمانيا و النمسا و هولندا و بلجيكا..، بالتالي هي اليوم المتحكمة بزمام الأمن الطاقي الأوروبي خاصة الغاز المحرك الاساس لأكبر القطاعات الصناعية في أول اقتصاد اوروبي ، المانيا دينامو الاتحاد الاوروبي ، و هذا ما يؤكد بكل وضوح حقيقة نعي مشروع انبوب الغاز الافريقي عبر دول غرب اوروبا ( اسبانيا التي استثمرت و عادت بخفي حنين ، و فرنسا التي تقهقر نفوذها بالقارة السمراء بشكل فظيع)..

و كمثال جمهورية افريقيا الوسطى و بوركينافاصو و النيجر و مالي من بعد و المرشح في المدى المنظور السينغال..، و اليوم تعلن موريتانيا عن خروجها من عباءة المستعمر فرنسا سابقا علانية بما لا لبس فيه ،و هذا ما يشكل خطرا وجوديا على النفوذ الفرنسي بدول شمال غرب أفريقيا ( ليبيا و تونس و الجزائر و موريتانيا اليوم)
و ما لا يقل عنه بدول الساحل و الصحراء و المنطقة الفرنكفونية و الانغلوساكسونية غرب أفريقيا” نيجيريا مثال” و هي بالمناسبة التي شاركت في وأد او نعي المشروع الفرنسي الاسباني كمنصة انطلاق ، بعدما ركزت و فضلت و هي اليوم في المراحل الأخيرة من مشروع الغاز عبر النيجر و الجزائر نحو ايطاليا التي تربعت على عرش تأمين و حماية الأمن الغازي الاوروبي ..

بقدر ما تحمي عسكريا الجناح الشرقي لأوروبا ضمن سياق تاريخ المواجهات الأبدي بين ايطاليا و فرنسا و الذي لا زال مستمرا لحدود اليوم ، بالامس القريب و قبل انتخابات رئيسة الحكومة الإيطالية ، صرحت الشقراء مليوني بأن فرنسا تستحلب مستعمراتها السابقة بافريقيا ، و هذا ما ذهب و أكد عليه الرئيس الروسي بوتين من قبل ..

بالتالي اصبح بالإمكان الرجوع الى مقالات سابقة حملت من العناوين .. ربط المصير..تمسك غريق بغريق..ما بين المعبرين..ما بين المضيقين..متغيرات الوضع بالضفتين..باي باي ماما فرنسا..و اكتفي بهذا .

فرنسا اليوم في مفترق طرق و نفوذها بافريقيا ينهار، فلا تغرنكم شطحات الديك المذبوح او لنقل هي اليوم شبيهة دون كيشوت و صراعه الأبدي مع منصات الغاز عصب الاقتصاد الاوروبي و ليس طواحين الهواء كما جاءت في القصاصة .

السبيل الوحيد للخروج من الأزمة ، استخلاص العبر و الدروس مما جناه بيدرو سانشيز من وراء دعمه المقترح المغربي ، و نفس الأمر يتكرر لا سيما بعد فوز اليسار الفرنسي بالأغلبية و استعداده لتشكيل حكومة ، مسعى وجد له صدى و دعم قوي على اثر تسيد حزب العمال المشهد السياسي ببريطانيا، و كلى الحزبين اليساريين نهجهما داعم بقوة للطرف الآخر المعني بقضية الصحراء ” جبهة البوليساريو” .

بالتالي على المغرب ترقب مفاجئات آتية من مخاض متغيرات المشهد السياسي بعموم اوروبا … حيث ستعيش فرنسا شبه عزلة مع نظرائها من الدول الأوروبية ، و بالاخص بعد صدور الحكم الثالث لمحكمة العدل الأوروبية علاقة بالصحراء ، فضلا عن تعرضها لخسائر ذات بعد جيوستراتيجي سيفقدها حلم الريادة و الزعامة ، و لرثق العيوب و الحد من حجم الخسائر ، فالأمر يتطلب ولايتين او ثلاث لليسار الفرنسي و البريطاني تجنبا للانهيار الاقتصادي و على رأسه الأمن الطاقي .. وقد شهدنا في الايام القليلة الماضية ، نماذج من متغيرات الواقع الفرنسي و البريطاني و ما يحبل به و يرمز اليه المشهد السياسي بكلتى الدولتين على حد سواء …

أسعدتم أوقاتا ضاربا لكم موعدا مع آخر مستجدات الجغرافيا السياسية بالمنطقة المغاربية و عموم شمال افريقيا بما يشمل تطورات مخاض دول الساحل و الصحراء و البداية من مالي …

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى