الواجهة

«ابراهيم عقيل» و«أحمد وهبي» ورفاقهما في أرشيف محفل الجواسيس السوري

كتب جورج فاضل متى :

وثيقة اليوم :
ـ «آصف شوكت» أبلغ «الأسد» مطلع العام 2008 بأن «علي مملوك» جاسوس أميركي وطلب محاسبته حزبياً وقضائياً، فدفع رأسه ثمناً لذلك على يد محفل الجواسيس
ـ «شوكت» في مذكرته: «علي مملوك» سلّم «منسق مكافحة الإرهاب» في «مجلس الأمن القومي الأميركي» لائحة بقادة عسكريين من «حزب الله» و «حماس» و «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» و«الحرس الثوري»، والتفاهم بيننا وبين الأميركيين يشمل التنظيمات الإرهابية فقط وليس المقاومين، بخلاف ما يزعمه «مملوك»!
ـ «مملوك » في رد استباقي: «ما قمتُ به كان بتوجيهات الرئيس بشار الأسد وتنفيذاً للتفاهم بيننا وبين الولايات المتحدة في مؤتمر شرم الشيخ لمكافحة الإرهاب في العراق»!
ـ هل كان «آصف شوكت» ساذجاً ودرويشاً إلى حد أنه لم يعلم أن رئيسه وشقيق رئيسه و «علي مملوك» أعضاء بالتكافل والتضامن في محفل الجواسيس السوري، فارتكب الخطيئة التي أطاحت رأسه!؟
ـ الملاحظ أن جميع الأسماء الواردة في المذكرة، باستثناء ثلاثة، جرى اغتيالهم تباعاً، وفي مقدمتهم «عماد مغنية» الذي اغتيل بعد هذه إعداد هذه المذكرة بأربعة أسابيع فقط!
ـ هل محض مصادفة أن أغلبية قادة ومؤسسي حركة «الجهاد الإسلامي» الوهمية (واجهة «حزب الله» مطلع الثمانينيات) التي فتكت بـ «المارينز» والمظليين الفرنسيين (من «عماد مغنية» في العام 2008 إلى «ابراهيم عقيل» اليوم) جرى اغتيالهم على التوالي من خلال عمليات أمنية استخبارية !؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الثالث من كانون الثاني /يناير 2008، وبعد أيام قليلة على رأس السنة الجديدة، رفع رئيس شعبة المخابرات العسكرية آنذاك، اللواء «آصف شوكت»، مذكرة إلى «بشار الأسد»، بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة، كشف فيها أن مدير إدارة المخابرات العامة آنذاك ( ومستشار «الأسد» للشؤون الأمنية حالياً)، «علي مملوك»، سلّم منسق «دائرة مكافحة الإرهاب»في «مجلس الأمن القومي الأميركي»، اليهودي- الصهيوني «دانييل بنجامينDaniel Benjamin »، قائمة بأسماء وصور وأشرطة فيديو تكشف عشرة من كبار قادة «حزب الله» العسكريين، لم يكن أحد يعرفهم آنذاك، باستثناء ما ينشر في الإعلام من تكهنات وخزعبلات حول اثنين منهم فقط ( «عماد مغنية» و «مصطفى بدر الدين»)، موضوعَيْن كليهما على قوائم التعقب والجوائز الأميركية لمن يقدم عنهما معلومات تؤدي إلى اعتقالهما أو اغتيالهما، باعتبارهما مسؤولَين عن نسف مقر «المارينز» خريف العام 1983، وتفجير السفارة الأميركية في بيروت خلال اجتماع دوري لرؤساء محطات وكالة المخابرات المركزية في الشرق الأوسط. ومن المعلوم أن محطة الـ CIA في بيروت أصبحت المقر الإقليمي لعمليات الوكالة في الشرق الأوسط كله منذ انتقال المقر من «برج القاهرة» إلى لبنان على أثر الخلاف بينها وبين ربيبها العتيق «جمال عبد الناصر» بعد هزيمة يونيو 1967 .
بالإضافة لقائمة أسماء قادة «حزب الله» العسكريين، التي شملت اثنين استشهدا يوم أول من أمس في العدوان الإسرائيلي على «الضاحية» («ابراهيم محمد عقيل» و «أحمد محمد وهبي»)، تضمنت «اللائحة المملوكية» أسماء عشرة ضباط من «الحرس الثوري / فيلق القدس» ، المقيمين في سوريا أو الذين يأتون إليها في مهمات مؤقتة لتقديم العون للمقاومة اللبنانية والفلسطينية. ولم يبخل الجاسوس «مملوك» على مشغليه الأميركيين حتى باسم «خالد أحمد جبريل»، الذي وصفه بأنه «القائد العسكري في الجبهة الشعبية / القيادة العامة» و «المسؤول عن تهريب السلاح إلى الأراضي الفلسطينية عن طريق الأردن بالتنسيق مع عماد مغنية و قاسم سليماني»! و وصل الكرم المملوكي إلى حد الوشاية بمهندس إيراني (حسن شاطري)، وبالكوريين والصينيين (بغض النظر عن مدى صحة مزاعمه)، حيث زعم أن «شاطري يساعد حزب الله على حفر الأنفاق الحربية بالتعاون مع مهندسين من كوريا الشمالية يأتون بجوازات سفر مزورة تصدرها لهم وزارة أمن الدولة في الصين الشعبية»!
اللافت في هذه المذكرة أن «علي مملوك»، وخلال نقاش دار في منزله ليلة رأس السنة 2007/2008 ( قبل تاريخ هذه المذكرة بأربعة أيام فقط) مع ضابط من إدارته نفسها حول قضية تسليمه هذه المعلومات إلى الأميركيين، أكد لزميله الضابط أن ما قام به هو «تنفيذ لتوجيهات الرئيس بشار الأسد، وللتفاهم السوري – الأميركي على هامش مؤتمر شرم الشيخ في أذار/مارس 2007 لمكافحة الإرهاب في العراق»! ومن الواضح أن هذا الضابط «مخبر مدسوس» لصالح «آصف شوكت» والمخابرات العسكرية داخل إدارة المخابرات العامة. وهذا أمر طبيعي؛ فقد اعتادت الأجهزة الأمنية ، منذ الانقلاب السعودي – البريطاني الذي قام به «الأسد الأب» في العام 1970 على الأقل، أن تزرع في صفوف بعضها البعض «مخبرين» على بعضها البعض في سياق الصراع الدموي المكتوم والمكلوب بين ائتلاف عصابات ومافيات السطة. وقد استفحلت هذه الظاهرة على نحو غير مسبوق بعد وفاة مؤسس النظام ، «الأسد الأب»، في العام 2000، الذي كان الوحيد الذي يستطيع ضبط هذا الصراع وتنظيمه ومنع انفجاره و خروجه إلى العلن، رغم خروجه إلى العلن فعلاً ولو مرة واحدة على الأقل (أزمة العام 1984).
لكن أكثر ما يثير الانتباه في مذكرة «شوكت» هو أن هذا الأخير طالب رئيسه وشقيق زوجته «بشار الأسد» بــ«فتح تحقيق سريع مع علي مملوك، لمعرفة الأبعاد السياسية والأمنية لما قام به، ومعاقبته حزبياً وقانونياً وفق قانون العقوبات العسكري والقوانين النافذة الأخرى، لأنه يشكل خرقاً من الدرجة الأولى للأمن القومي (…)، واتخاذ التدابير السريعة من أجل محاصرة أخطار ما قام به في أضيق الحدود الممكنة». ولم تغب عن بال «شوكت» الإشارة إلى أن المعلومات التي قدمها «مملوك» للأميركيين، وبحكم التعاون الأمني الوثيق مع إسرائيل، «ستذهب فوراً إلى الموساد الإسرائيلي والمخابرات العسكرية الإسرائيلية، لاسيما الوحدة 8200 المعنية بالتعقب والملاحقة الإلكترونية لضباط الجيش السوري العاملين في بعض المواقع الحساسة …».
من الواضح أن «شوكت» يطلب – ضمناً- إحالة «مملوك» إلى القضاء العسكري بتهمة الخيانة الوطنية. فهل كان ساذجاً ودرويشاً إلى حد أنه لا يعرف أن شقيق زوجته «بشار» و«علي مملوك» ينتميان إلى محفل الجواسيس نفسه، فيكشف أوراقه على طاولتهما بهذه البساطة، معتقداً أن علاقة المصاهرة بالعائلة المالكة والحاكمة توفر له حصانة!؟ (1).
هذا السؤال كان يُفترض بـ«شوكت» أن يعرف جوابه حتى قبل أن يطرحه على نفسه، خصوصاً وأن هناك سابقة دموية في حياته، وإن تكن لأسباب شخصية/عائلية. ففي العام 1993 ، وكما هو معلوم،أطلق عليه البلطجي «ماهر الأسد» النار داخل القصر الجمهوري بسبب علاقته بشقيقته «بشرى» (زوجته لاحقاً). ولم يرعوِ هذا الفاجر يومها عن ممارسة بلطجيته ليس داخل القصر الجمهوري وحسب، بل حتى في حضرة والده رئيس الجمهورية، وهو ما سيفعله بعد ثلاث سنوات نظيره البلطجي العراقي «عدي صدام حسين» بالطريقة نفسها مع صهره «حسين كامل». ومن المعلوم (بفضل ما كشفته صحيفة «ليبراسيون» يومها) أن خطورة إصابة «شوكت» بنيران مسدس «ماهر الأسد» استدعت نقله إلى «مشفى بيرسي» العسكري في باريس بطائرة خاصة. ويومها كانت ذريعة هذا البلطجي ورفضه لزواج شقيقته من «شوكت» هو أن هذا الأخير متزوج ولديه أولاد، كما قيل ويقال في السرديات المتداولة. إلا أن السبب الفعلي لرفضه الدموي، وهذا ما أكشفه للمرة الأولى استناداً إلى مخطوطة الكتاب التي أخذت منه وثيقة اليوم،هو أن رئيس المخابرات التركية آنذاك، «سونميز كوكسالSönmez Köksal»، دسّ – من خلال سفير بلاده في دمشق آنذاك «صدقي أوج زيال Sıtkı Uğur Ziyal »- كذبة مجنونة في أذن «ماهر الأسد» تقول «إن شوكت ينحدر من طائفة يهود الدونما الأتراك الذين أسلموا ظاهرياً أواسط القرن التاسع عشر، وإن أجداده هاجروا يومها من تركيا إلى ولاية سوريا العثمانية/ ريف حمص، وأصبحوا إقطاعيين شركاء لإقطاعيي آل الدندشي في المنطقة». ولم يكن صاحب الدسيسة الأصلي ، وفق وثيقة رسمية سورية، سوى رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي آنذاك ، المستشرق/ المستعرب «شبتاي شافيت Shabtai Shavit »، الصديق الشخصي والزميل المهني الوثيق لرئيس المخابرات التركية منذ أن كان هذا الأخير سفيراً لتركيا في العراق قبل ذلك ويعمل بوسطجياً بين الإسرائيليين وقيادة النظام العراقي آنذاك، التي أرادت فتح قنوات تطبيعية مع واشنطن فلم تجد – كعادة العرب في هكذا أحوال- إلا البوابة الإسرائيلية لتطرقها (وبشكل خاص من خلال الجاسوس المخضرم والخطير «نزار حمدون»)!!
على أي حال، وبالعودة إلى مذكرة «شوكت»، وبخلاف ما كان يعتقده أو يتوهمه، على الأقل لتسجيل هدف في مرمى «مملوك»، كان أعضاء محفل الجواسيس الأسدي أسرع إلى أن «يتغدوا به قبل أن يتعشى بهم». فقد أقدموا على عزله كما هو معلوم من رئاسة شعبة المخابرات في العام التالي قبل أن يقطفوا رأسه في مجزرة«مكتب الأمن القومي» في 18 تموز / يوليو 2012، التي نفذها «مملوك» و«الأسد أخوان»، فكانت مذبحة «مملوكية» بحق، وإن معكوسة الأدوار. ذلك أن السيافين كانوا«مماليك القلعة» هذه المرة ، أما الضحايا فكانوا أتباع «محمد علي باشا»! وهكذا أثبت «شوكت» أنه ومن معه كانوا على درجة فظيعة من السذاجة،على الأقل منذ اعتقال قائد جوقتهم،الآدمي «فاروق الشرع»، وهو في طريقه إلى موسكو بتاريخ 19 كانون الأول/ ديسمبر 2011 بعد وشاية الكريملن بهم إلى مجلس إدارة شركة «الأسد أخوان» الاحتكارية، التي وقف إلى جانبها جميع المساهمين في رأسمالها التأسيسي ، بدءاً من السعودية وانتهاء بواشطن، مروراً بـ «بياع الغاز» الروسي نفسه!
أما الجملة القاتلة في مذكرة «شوكت» فكانت غمزه ولمزه من «الأسد» شخصياً ، باعتباره هو وليس أي شخص آخر، رئيس محفل الجواسيس. فقد حرص على أن يذكر في مذكرته أن «مملوك» أكد في حديثه خلال سهرة ليلة رأس السنة أن الخدمات التي قدمها لمندوب مجلس الأمن القومي الأميركي «دانييل بنجامين» إنما كانت «بناء على توجيهات بشار الأسد» وليس باجتهاد خياني خاص منه وحده. أي أنه لم يكن يقدح من رأسه كما يقال، بل من رأس «بشار» بالذات! والحق، وبغض النظر عن صحة ما نقله الضابط المجهول عن لسان «مملوك» إلى «شوكت»، فإن برقيات وزارة الخارجية الأميركية التي نشرتها «ويكيليكس» بعد ذلك بأقل من عامين (24 فبراير 2010) بفضل الشجاع الباسل «جوليان أسانج»، تخبرنا أن «بشار الأسد» هو شخصياً من أرسل «علي مملوك» للمشاركة في الاجتماع السري الذي كان يعقده «دانييل بنجامين»، في مقر السفارة الأميركية بدمشق ، خلال زيارته السرية الثانية إلى العاصمة السورية في 18 شباط / فبراير 2010 ، مع نائب وزير الخارجية «فيصل المقداد» والجاسوس الأميركي المخضرم الدكتور «عماد مصطفى»، سفير النظام في واشنطن آنذاك. كما تخبرنا أن مبادرة «بشار الأسد» إلى إرسال «مملوك» إلى الاجتماع للبحث في التعاون الاستخباري بين النظام والولايات المتحدة كان بناء على اتفاق جرى في اليوم السابق بين «الأسد» ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية آنذاك، «وليام بيرنز» (وزير الخارجية بعد ذلك ثم مدير وكالة المخابرات المركزية اعتباراً من العام 2021 وحتى اليوم)(2)!
اللافت في قائمة الأسماء التي سلمها «مملوك» إلى ممثل مجلس الأمن القومي الأميركي ، بمعرفة رئيسه «بشار الأسد»، أن جميع قادة حزب الله العسكريين الذين وردت أسماؤهم في القائمة، باستثناء ثلاثة منهم، استشهدوا لاحقاً ليس في ساحة المعركة مباشرة، وإنما اغتيالاً من خلال عمليات أمنية استخبارية. فبعد أربعة أسابيع فقط من مذكرة «شوكت» (12 شباط / فبراير 2008)، اغتيل العبقري «عماد مغنية» في المربع الأمني لأجهزة المخابرات السورية في «كفر سوسة»، حيث كمن فريق الاغتيال الأميركي – الإسرائيلي في شقة وفرها لهم الجاسوس «محمد سليمان»، رئيس المكتب العسكري الخاص لـ «بشار الأسد» و ممثله في مجلس إدارة مركز البحوث العلمية، قبل أن ينفذ فيه حزب الله حكم الإعدام في الشاليه الخاص به في طرطوس (آب / أغسطس 2008). وبعد انفجار الأزمة الوطنية في سوريا اغتيل مهندس الطائرات بدون طيار «حسان هولو اللقيس»(نهاية العام 2013) في الضاحية الجنوبية، بناء على المعلومات والصور وأشرطة الفديو التي قدمها «مملوك» للأميركيين، والتي ذهبت إلى الموساد كما افترض «آصف شوكت» بحق. وبعده (في العام 2016) جرى اغتيال «مصطفى بدر الدين»(الذي حل محل «عماد مغنية» على رأس «المجلس الجهادي») خلال وجوده في سوريا، حيث تولت تنفيذ عملية اغتياله عصابة «فاغنر» الروسية بالتعاون مع الجاسوس ( نصف المعتوه/ نصف الأبله) العميد «سهيل الحسن». ومن المعلوم أن «فاغنر» كانت تقوم بذلك كمقاولة من الباطن لصالح الموساد. وغني عن البيان، وكما ذكرت سابقاً بشكل موثق، أن «فاغنر» اغتالت بعده عالم محركات الدفع النفاث ومدير القطاع الرابع في مركز البحوث العلمية الدكتور «عزيز اسبر» بسيارة مفخخة قرب مدينة مصياف (صيف العام 2018)، كونه كان يعمل في برنامج صاروخي يرتبط حاصله بالمقاومة. وأول من أمس اغتيل «ابراهيم عقيل» و «أحمد وهبي»( من المرجح أن آخرين من قادة «الرضوان» لا يزالون تحت الأنقاض التي انتشل الدفاع المدني 51 من جثامينهم حتى مساء اليوم، ولا يزال الكثير منهم أشلاء لا تعرف هوية أصحابها في المكان بسبب صعوبة رفع الأنقاض)!! وقبلهم ببضعة أيام اغتيل «فؤاد شكر»، الذي خلف «مغنية» و«بدر الدين» على رأس «المجلس الجهادي»!
إضافة لهؤلاء، اغتيل جميع الضباط الإيرانيين الواردة أسماؤهم في «قائمة الأسد – مملوك» (باستثناء «قا آني» الذي خلف «سليماني») . ومعظمهم في الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق بعد معلومات ساخنة عن اجتماعهم أرسلت إلى الإسرائيليين من أحد ضباط القصر الجمهوري (يوسف عجيب) كان يرابط في مبنى شركة الاتصالات المواجه للقنصلية . وأما زميلهم المهندس «حسن شاطري» (وهو نفسه المعروف إعلامياً باسم «حسام خوش نويس» ) فقد سبقهم إلى حتفه منذ العام 2013 حين اغتيل على طريق دمشق- بيروت من قبل كمين للمخابرات الجوية السورية على الأرجح (بخلاف الرواية المتداولة التي تقول إن مسلحين تابعين للثورة الوهابية الإسرائيلية هم نصبوا له الكمين). ومن المعلوم أن الممثل العسكري الرسمي لحركة «حماس» في دمشق ، «محمود المبحوح»، الوارد ذكره في القائمة المملوكية أيضاً، كان سبق الجميع إلى حتفه حين اغتيل في دبي في العام 2010، بعد أن ذهبت معلومات من دمشق إلى إسرائيل عن رقم وتوقيت وتاريخ رحلة طائرته من دمشق إلى مستعمرة دبي الإسرائيلية.
هكذا ، وبافتراض دقة الأسماء الواردة في القائمة، وصحة توصيف المهام الموكلة إليهم، لم يبق من «قائمة الأسد – مملوك» سوى ثلاثة : «مرتضى شمس الدين» (رئيس جهاز المخابرات العسكرية في حزب الله)، و «طلال حميّة» (المفترض أنه هو من حل محل «فؤاد شكر» مؤخراً) و «علي كركي». وبقي بالطبع «خالد أحمد جبريل» من «الجبهة الشعبية – القيادة العامة»! وأما «نصر الله»، الذي لم يكن ثمة داع لإدراج اسمه في اللائحة، كونه أشهر من نار على علم، فهو على الأرجح جائزة اليانصيب/ اللوتو الكبرى، التي عادة ما يجري عليها السحب عشية رأس السنة، أو ذبيحة … عيد الأضحى السوري – الأميركي القادم!
ــــــــــــــــــــــــــ
(*) ـ الوثيقة أدناه (مذكرة «شوكت») مأخوذة من ملحق الوثائق في مخطوطة كتاب «دمشق الصهيونية: التاريخ الوثائقي للاختراق الصهيوني والإسرائيلي للدولة السورية خلال مئة عام/ 1920-2020» . وأنا مدين لصاحبه وزوجته السيدة « ا. ع.» التي تملك حق التصرف بأرشيفه الشخصي في السماح لي بنشر هذه الوثيقة وغيرها من وثائق المخطوط التي قد أتمكن من نشرها مستقبلاً.
(1) ـ ليس النظام «بلوك» واحداً، كما توهم ويتوهم كثيرون، بل هو – بالتعريف – ائتلاف عصابات. وعند انفجار الأزمة الوطنية في العام 2011 ظهرت تشققات وتصدعات حقيقية في بنية النظام العليا على خلفية كيفية التعامل مع الانتفاضة الشعبية قبل أن تتحول، اعتباراً من حزيران /يونيو، إلى ثورة جواسيس وعملاء وخونة لكل قوادي أجهزة المخابرات في العالم، بمن فيهم الإسرائيليون والموساد. ويومها كان هناك تيار «وطني»، إذا صح القول، أو تيار عقلاني إذا شئتم، لديه إحساس بالمسؤولية، يقوده «الشرع» و «داود راجحة» و«شوكت» وغيرهم. وهؤلاء رؤوا أن هناك أزمة وطنية حقيقية لا يمكن حلها بالأسلوب الأمني إلا في مواجهة حاملي السلاح حصراً، وإنما بإجراء إصلاحات حقيقية تلبي أوسع مروحة ممكنة من مطالب الناس و تحمي سوريا من الإنزلاق إلى حرب لا تبقي ولا تذر، بالتعاون مع القوى الوطنية والديمقراطية الأصيلة (التي مثلتها آنذاك أحزاب وقوى «هيئة التنسيق الوطني» وضفافها من المستقلين). وكان إلى جانب هذا التيار المخابرات العسكرية الروسية بقيادة المارشال«ألكسندر شلياختوروف Алекса́ндр Шляхту́ров»، كما كتبتُ وشرحت مراراً، بناء على قربي النسبي من الحدث آنذاك كـ «بوسطجي» ومترجم بين بعض الأطراف والأشخاص. أما التيار الآخر،الدموي الاستئصالي، فمثلته «شركة الأسد أخوان»، بمن في ذلك «مملوك» و«جميل حسن» ..إلخ. فهؤلاء كانوا أصحاب شعار «الأسد أو لا أحد»، والذين كان وراءهم «بياع الغاز» في الكريملن قبل إيران وقبل أي جهة أخرى! وهؤلاء كانوا ولا يزالون على استعداد إلى حرق البلاد عن بكرة أبيها من أجل إشعال سيجارة. وعلى هذه الخلفية تحديداً، وليس أي خلفية أخرى، كان «شوكت» و«الشرع» حريصين على سلامة «هيئة التنسيق» والعديد من رموزها، لأنه كان مخططاً أن يكونوا جزءاً من «المجلس الوطني الانتقالي/ حكومة انتقالية» بعد إطاحة «الأسد» وعصابته المافيوزية والعائلية ، وفق ماكانت تقتضيه خطة «شلياختوروف» قبل أن يتغدى «بياع الغاز» بالجميع، بمن فيهم رئيس مخابراته العسكرية نفسه بعد اعتقال «الشرع» بيومين فقط (21 ديسمبر 2011) ! ولهذا بادر «شوكت» إلى تحذير الدكتور «عبد العزيز الخير» وآخرين في «الهيئة» بأن يكونوا على درجة عالية من الحيطة و الحذر خلال تنقلاتهم وتحركاتهم لأن شركة «الأسد إخوان» تنصب لهم كميناً قاتلاً. لكن من سوء حظ «شوكت»، وربما بسبب سذاجته، أنه وقع قبلهم في الكمين الذي حذرهم منه!
(2) ـ برقية «ويكيليكس» عما دار في الاجتماع الأمني- الديبلوماسي السري في السفارة الأميركية بدمشق بين «مملوك» و«المقداد» و«دانييل بنجامين» و «دافيد هيمنDavid Heyman » ، نائب وزير الداخلية الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب، لبحث آفاق التعاون الاستخباري بين النظام والولايات المتحدة.

https://wikileaks.org/plusd/cables/10DAMASCUS159_a.html

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى