الواجهة

تعزية والتفاتة

توفيق بوعشرين 
رحم الله الشهيد حسن نصر الله الذي دفع هو وإخوانه في قيادة الحزب ضريبة الدم من أجل هدف نبيل: إسناد غزة والتخفيف من آثار العدوان الإسرائيلي عليها مباشرة بعد السابع من أكتوبر، نصر الله اتخذ موقفا كبيرا ومصيريا لم يتخذه اي قائد سياسي في المنطقة ودون تفكير طويل هذه شجاعة ومروءة سيحفظها له التاريخ بمعزل عن اي شيء آخر .
الدم دائمًا أقوى من أي شيء آخر، ومهما كانت لدى الإنسان من تحفظات على خط حزب الله في قضايا إقليمية أو نزاعات حدودية، ما كان ينبغي له أن يتورط فيها، خارج أجندة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين …، فإن السيد، الذي أصبح الآن شهيدًا وشاهدًا، كان علامة فارقة في مسار تحرير بلاده من الاحتلال الإسرائيلي، وفي تطور الأداء السياسي والعسكري لحركة مقاومة كانت تبحر بين أمواج عاتية ومعقدة جدًا في منطقة ما تزال تعيش تحت براكين ناشطة .
السؤال حول ظروف وملابسات وصول يد الغدر الصهيونية إلى قيادة الحزب ونخبته العسكرية والسياسية بهذه السهولة هو سؤال استخباراتي وعسكري ليس متاحًا للجميع الخوض فيه بأناة وعلم وتبصر، على الأقل الآن.
لكن السؤال السياسي حول توقيت الضربة وحجمها ممكن الآن، وأظن أن عناصر الجواب على هذا السؤال توجد في التراخي الذي أبداه الإيرانيون في الرد على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في قلب قصر الضيافة في طهران، وحديث جواد ظريف، عرّاب الرئيس الجديد، حول “التزام إيران بسياسة ضبط النفس وعدم الرد على إسرائيل”. هذا التصريح، وذلك التراخي في الرد على اغتيال هنية، التقطته إسرائيل سريعًا وفهمت أن عملية جريئة أخرى ضد حليف طهران في لبنان ممكنة وبكلفة أقل بكثير مما كان عليه الوضع قبل وصول الإصلاحيين إلى السلطة في مرحلة انتقالية ضبابية في إيران نفسها.
موت قادة الأحزاب والحركات المقاومة لا يعني موت الأفكار والقيم والمواقف التي قامت هذه الحركات عليها. هذا درس يتكرر في كل زمان ومكان لمن يريد أن يتعلم في مدرسة التاريخ. الموت في ساحة المعركة والاستشهاد في سبيل القضايا لا يشبه الموت في حادث سير؛ إنه موت له معنى، وغياب يؤكد الحضور، ودم لا يجف مادامت قضية صاحبه حية.
القضية اليوم وغدا هي ظلم تاريخي وقع ويقع على الفلسطينيين، وهؤلاء وأنصارهم في كل العالم الإسلامي لم يسلموا للمعتدي بعدوانه ولم يقبلوا بالظلم والحيف . هذه هي القصة الحقيقية، أما الباقي فهو تضليل وإثارة الغبار لمنع الرؤية.
توفيق بوعشرين 29/09/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى