مجرد رأي

بالجديدة شمس الجمعيات والفرق المسرحية تغتصب…

هل فعلا اغتصبت الجمعيات والفرق المسرحية بالجديدة؟ و هل هي الآن تحتضر  طريحة غرفة الإنعاش من أجل الأكسجنة و التدخل السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ ماذا أصاب جسمها حتى عاد منهوك القوى خائر الأنفاس؟ أية أمراض تفتك بها و تسارع إلى اغتيالها؟ و هل يمكن أن نقول أن حالتها وصلت الميؤوس منها، و انه لابد من إعداد الكفن و الحنوط لنقلها إلى مثواه الأخير؟

         بداية، يمكن القول أن الجمعيات والفرق المسرحية بالجديدة فعلا تعيش دقائقها الأخيرة، لأن المرض الذي أصابها غير قابل للعلاج، لأنه تمكن من كل أعضاء الجسم و شل حركيتها، و قتل جل شرايينها فأضحت مشلولة منهوكة، لا تقوى حتى على التململ … فبالأحرى التحرك على الركح … أو على الأقل الاحتجاج و الصراخ على ما أصاب المسرح البلدي عفوا مسرح عفيفي .

         جمعيات وفرق المسرح  لم يعد لها وجود بالجديدة إلا في قاموس الإحصائيات و التاريخ، مغيبة على الإطلاق و لم يظهر أثارها إلا عند رائحة الماديات أومنح أو دعم أو تظاهرة فنية لتقول إنني أتنفس تحت الماء، إني أغرق … أغرق … أغرق، و غالبا ما يكون ظهورها بفعل فاعل، وبمسرحيات لا تساير الحركة المسرحية، و لا تتقدم و لو خطوة واحدة أمام باقي الفرق الوطنية، وحتى إذا ما حصلت المعجزة، فالكواليس أدت أدوارها بإتقان، وخضعت بدورها للعبة…

         إذا من نعاتب؟ و من نلوم؟ و على من نحتج و نصرخ؟ هل نوجه لومنا للجمعيات و للفرق المعنية التي ترتكن في بعض الردهات…  أم على المولود  القديم الجديد الذي  يستمد قوته ودعمه من جهة بفمها ملعقة من ذهب وأضحى يفرق بين الجمعيات والفرق المسرحية حتى أصبح السؤال المطروح هل تحولت هذه الجهة إلى جهاز لسحق الجمعيات والفرق المسرحية أم نعاتب أعضاء تنظيمات مسرحية انسلخوا عن ثوب المسرح فتقمصوا على ارض الواقع دور التابع و المتبوع، بلا مقاس، و لا لون، و لا طعم… و راحوا يرددون في جلساتهم “المقاهية” ثنائيات و ثلاثيات إننا هنا، هنا قابعون …لست أدري ما سر هذه التواطؤات ضد واقع إلى حدود الأمس القريب كان نموذجيا و مثاليا في كينونة المسرح البلدي (مسرح عفيفي) اليوم، و في مهرجاناته الوطنية والمغاربية والدولية… و هل تذكرنا و استحضرنا “النهضة”وهي تعلن نهضة مسرحية و “العروس” و هي تركب الهودج و “البعث” و هي تعلن انبعاثها المتجدد، و “الهلال” التي اضاءت سماء المسرح .  

         لقد آن الأوان لنبوح بما يجيش في الصدور، لقد تم اغتصاب بل اغتيال الجمعيات والفرق المسرحية ، وعلى كل الفاعلين المسرحيين والجمعويين والغيورين على الشأن المحلي بكل مجالاته البحث و التحري في من كان وراء فعل الاغتيال هل …..؟.ام هل…..؟.ام هل….. ؟والفاهم يفهم  بقصد المحاكمة و المحاسبة و القصاص… فأينكم يا بناة المسرح ، ممن ناضلوا و كافحوا و استبسلوا على ركحه،  والقائمة طويلة ممن أناروا الدرب وانسحبوا في صمت و لم تعد أسماؤهم إلا ذكرى، و طيف مسرح، و ممن أكرهوا و أرغموا على الابتعاد من الركح  فاسحين المجال لهذا الإعصار الأهوج، الذي اغتال روح المسرح و حول جسده إلى صحراء قاحلة … أينكم يا هؤلاء لتزرعوا من جديد الروح في هذا الجسم الذي ذبل و اصفر، كما كنتم من قبل تحملون مشعل الإشعاع و الحياة، و لا تبقوا مجرد متفرجين جالسين على الكراسي المتلاشية في حلة جديدة لاترقى اليوم بمسرح الجديدة، تصفقون مرغمين و تحت الطلب على فراغ مسرحي قاتل، و عروض مبتذلة لا ترقى الى ما  صرف عليها فالفعل المسرحي الجديدي بريئ منها براءة الذئب من دم يوسف…ولا تنسوا مطلقا أن تستحضروا بربكم روح سيكوك و عبد الفتاح الهلالي وعائشة مناف والجلبي  رحمة الله عليهم، التي أضحت هذه الأيام تراود مضاجعنا لأننا خنا العهد، و نقضنا الميثاق، و تركنا وصاياهم تقبر في صمت، و تغتال كما تم اغتيال المسرح البلدي بالجديدة.

         انهضوا من سباتكم…المسرح الجديدي اغتصب واغتيل في صمت و صارت شمس الجمعيات والفرق المسرحية تحتضر … تحتضر …بهذه المدينة و معها نحتضر جميعا و كلنا مسؤولون عن موتنا القبلي…

                                   بوشعيب مطريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى