مجرد رأي

ومضات تاريخية

بقلم : أبو أيوب
قد تكون الومضات التي نحن بصدد التطرق لها محرجة نوعا ما ، بل مستفزة بشكل من الأشكال للحس الوطني و الشعور الشعبي المغربي ، لكنها في المقابل تجسد الحقيقة المرة المراد تغييبها أو طمسها ، بغاية المزيد من التنويم المغناطيسي لما سموه بقطيع المداويخ من تحت قبة البرلمان كما جاء على لسان وزير المالية السابق بوسعيد ، و البعض نعثه بالمجاويع و من بعد تفتقت عبقرية من تبقى من هذا البعض المستأسد القابض على النواصي ..ليتجرأ علنا و في واضحة النهار بأن أكثر من 48٪ من المغاربة مصابون باختلالات عقلية و هو بالمناسبة وزير ، فيما ذهب صنوه و زميله في الحكومة ابعد منه ، ليصرح علنا بأن نصف المغاربة مطالبون بإجراء فحص الحمض المنوي ، عفوا الحمض النووي لتحديد النسب …تصريحات أثبثت بما لا يدع مجالا للشك تحول مجتمع المجاويع و المداويخ… إلى قطيع دواب ثنائية الحوافر همها الوحيد المأكل و المشرب إلا من رحم ربك من عباده الصالحين
أعزائي القراء عزيزاتي القارئات دعونا الان نستعرض بعض الومضات الغير مضيئة من الحقب التاريخية المظلمة الحالكة السواد التي تم القفز و التستر عليها ، و تغييبها و طمسها و تحوير البعض منها استغباءا للعقول النيرة النائمة و استبغالا للأدمغة المنومة …راجيا من الجميع التجرد من العاطفة و التعاطي معها بموضوعية و عقلانية وفق صيرورة التاريخ و منطق التأريخ
* سنة 1961 الأمم المتحدة تطلب من اسبانيا المستعمرة للصحراء تحديد لمن تعود ملكية الأرض يوم دخلتها مستعمرة سنة 1884…جاء الرد الاسباني بتواجد قبائل صحراوية يؤطرها نظام مجتمعي فريد من نوعه تحت مسمى ( أيت أو مجموعة الاربعين ) ، مجموعة مشكلة من أربعين شيخ قبيلة تدير شؤون الساكنة في شتى مناحي الحياة المجتمعية
* سنة 1963 و بعد مشاورات و نقاشات مستفيضة …قامت الأمم المتحدة بإدراج قضية الساقية الحمراء و تيرس الغربية “وادي الذهب” ( التسمية التي وصفها ابن خلدون في مقدمته) ، الصحراء الإسبانية من منطوق اسبانيا الدولة المستعمرة ، الصحراء الغربية وفق التسمية الأممية ، الصحراء المغربية وفق المعتقد و المقاربة المغربية ، قلت قامت بادراجها ضمن قضايا تصفية الاستعمار أو الأقاليم الغير متمتعة بالحكم الذاتي و صدر بشأنها قرار تحت عدد 1514 ، فأصبح الملف يتداول منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا في جلسات اللجنة الرابعة المكلفة بتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ( مجموعة العشرين)
* سنة 1967 وزير الخارجية المغربي احمد العراقي يلقي كلمة المغرب من على منصة الأمم المتحدة بمناسبة انعقاد جلسة الجمعية العامة شهر أكتوبر ، مطالبا الأمم المتحدة بتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير و الاستقلال ، معلنا عن دعم المملكة المغربية لكفاحه المشروع ضد المستعمر الاسباني …
* سنة 1970 مدينة نواذيبو العاصمة الاقتصادية للجمهورية الإسلامية الموريتانية ، تستضيف قمة ثلاثية ( قمة نواذيبو) شارك فيها المرحوم الرئيس الموريتاني المختار ولد دادة و العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه و الرئيس الجزائري الهواري بومدين رحمة الله عليه ، خلاصتها إجماع الأطراف الثلاثة على دعم و مساندة حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره و الاستقلال و إقامة دولته …
* سنة 1973 قام وزير الخارجية الليبي الرائد عبد السلام جلود مبعوثا من الزعيم معمر القذافي ، بزيارة للمغرب التقى خلالها العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه ، و من المواضيع التي تطرقا إليها قضية الصحراء و الدعم المالي و العسكري الممكن تقديمه للثوار الصحراويين …فكان الرد الملكي بحسب تصريحات الوزير الليبي لقناة فرانس 24 ( لدي من الألغام ما يكفيني و قضية الصحراء لا تعنيني..) ، للإشارة من جهة اولى ، 1973 هي السنة التي تم خلالها الإعلان عن تأسيس جبهة البوليساريو يوم عاشر ماي بمدينة الزويرات الموريتانية …و من جهة ثانية قبل هذه السنة عاشت المملكة على وقع محاولتين انقلابيتين فاشلتين خطط لهما ثلة من الضباط المغاربة على رأسهم الجنرال المذبوح و من وراء الستار الجنرال أوفقير الذي شغل منصب وزير الداخلية و وزير الدفاع …و هي نفس السنة التي كانت جريدة العلم لسان حال حزب الاستقلال تنشر مقالات تشيد ببطولة الثوار الصحراويين في حربهم ضد اسبانيا بالصحراء الغربية …بل حتى الصحافة الفرنسية و أخص بالذكر صحيفة لوسوار دو باري نشرت مقالات عدة تشيد بكفاح الشعب الصحراوي ، على رأسها مقال عنونته( أو بورت دو سمارة لاسيتي أنترديت) …
* 1975 شهدت حدثين من الأهمية بمكان في تاريخ المغرب الحديث ، الأول يتعلق بانطلاق المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء يوم 6 نونبر شارك فيها 350.000 مغربي و مغربية ، تقدمهم الوزير الأول وقتذاك و صهر العاهل المغربي السيد احمد عصمان و المستشار الملكي بن سودة الذي تكفل بانزال العلم الاسباني و رفع العلم المغربي مكانه ..مسيرة شاركت فيها وفود عربية و أجنبية ، بعدها باسبوع بالتمام و الكمال التأمت بمدريد يوم 14 من الشهر نفسه قمة ثلاثية إسبانية مغربية موريتانية ، تم بموجبها تسليم اسبانيا إدارة الصحراء لكل من المغرب و موريتانيا ( الساقية الحمراء للمغرب و وادي الذهب لموريتانيا) ، مع استثناء المجال الجوي الصحراوي الذي تمسكت اسبانيا بادارته حتى حدود اليوم ، اتفاقية مشؤومة من منظور رضى الطرفين المغربي و الموريتاني بتسليم الإدارة بدل السيادة فضلا عن بقاء المجال الجوي تحت إدارة اسبانيا ..فهل المسيرة التي حررت الصحراء ام الاتفاقية الثلاثية ؟ و هل يستقيم منطق السيادة مع بقاء المجال الجوي في قبضة اسبانيا؟
* يوم 16 ابريل من سنة 1976 ، اي بعد ستة أشهر على توقيع اتفاقية مدريد الثلاثية المشؤومة، العاصمة الرباط كانت على موعد مع استضافة قمة ثنائية مغربية موريتانية ، قمة لم تحظى بتغطية إعلامية مواكبة و لا باي اهتمام حزبي يذكر ، في الوقت الذي كان عموم الشعب المغربي يحتفل بنشوة الانتصار بما حققته المسيرة الخضراء … ، قمة تم بموجبها ترسيم الحدود البرية و البحرية بين المغرب و موريتانيا ، وقعها الوزير الداي ولد سيدي بابا عن الجانب المغربي و حمدي ولد مكناس عن الجانب الموريتاني ، و صدر بشأنها ظهير ملكي بالجريدة الرسمية للمملكة ، اعتراف رسمي مغربي بإقليم وادي الذهب ، و عاصمته الداخلة ( فيلا سيسنيروس وفق التسمية الإسبانية) اراضي موريتانية ، قابله اعتراف رسمي موريتاني بمغربية اقليم الساقية الحمراء و صدر بشأنه مرسوم رئاسي بالجريدة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية
* بعد اربع سنوات من سنة 1975 تاريخ انطلاق حرب الاستنزاف في مواجهة المغرب و موريتانيا بالصحراء ، عاشت الجمهورية الإسلامية الموريتانية على وقع انقلاب عسكري أطاح بنظام الرئيس المختار ولد دادة سنة 1979 ، من بين اسباب الانقلاب العسكري… الخسائر الكبيرة التي مني بها الجيش الموريتاني في حربه مع جبهة البوليساريو ، حرب بلغت ذروتها حد التهديد باقتحام العاصمة نواكشوط ..و لولا التدخل العسكري الفرنسي بواسطة طائرات الميراج 2000 و الجاغوار لأصبحت العاصمة نواكشوط أثرا بعد عين ، تدخل فرنسي أجهض الهجوم و أسفر عن مقتل مؤسس البوليساريو الوالي مصطفى السيد…على أثره وضعت الحرب أوزارها و تم الإعلان عن إنهاء الأعمال القتالية بين الطرفين بموجب اتفاقية وقعت يوم الفاتح غشت من نفس السنة أطلق عليها اسم ( اتفاقية الجزائر ) …حيث اعترفت موريتانيا رسميا بجبهة البوليساريو كممثل وحيد و شرعي للشعب الصحراوي ثم أخطرت الأمم المتحدة بانسحابها من الإقليم …اعتراف و انسحاب وثقته الأمم المتحدة و صدر بشأنه أول قرار أممي يعترف بالبوليساريو كحركة تحرر و ممثل شرعي و وحيد لشعب الصحراء الغربية ، واصفا المغرب بالمحتل وفق منطوقه حمل عدد 3437 سنة 1979 …
* يوم 14 غشت من سنة 1979 ، اي بعد أيام معدودة على إبرام الاتفاقية ، المغرب يعلن عن استرجاع إقليم وادي الذهب من موريتانيا …و يعتبر اليوم عيدا وطنيا يحتفل به رسميا سنويا تحت اسم ( ذكرى استرجاع وادي الذهب) استكمالا للوحدة الترابية …بعدها أصبح الثقل العسكري الحربي موجها للمغرب وحده حتى حدود سنة 1991 تاريخ التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار بينه و البوليساريو بإشراف أممي …اتفاقية صدر بشأنها قرار لمجلس الأمن الدولي رقم 690 تم بموجبه الاعلان عن نهاية الحرب و انشاء بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية و مراقبة وقف إطلاق النار ، اتفاقية و قرار وفق رؤية تشاركية بين الأمم المتحدة و منظمة الوحدة الأفريقية لحل قضية الصحراء ، و هي البعثة المعروفة اختصارا بالمينورسو …
* سنة 1994 الوزير الأول المغربي السيد كريم العمراني يلقي كلمة المغرب بمناسبة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة ، خطاب من بين ما جاء فيه تسميته للصحراء بالغربية تيمنا بخطاب ألقاه العاهل المغربي الراحل طيب الله ثراه من قبل و من منصة الأمم المتحدة …الغريب في الأمر أن لا مغربي واحد و مهما كان مركزه أو منصبه أو صفته جرم نعث الصحراء بالغربية من قبل …خلاف اليوم حيث يتهم قائلها بالخيانة و العمالة و خادم الأجندات الأجنبية….. في حين أن لا ضير في التسمية من منظور قانوني و زاوية جغرافية ، اي بمعنى من المعاني… طالما أن هناك صحراء شرقية مغربية فهناك ايضا صحراء غربية مغربية ، بل حتى الرسائل و الخطابات الرسمية المغربية المكتوبة الموجهة للأمم المتحدة تحمل اسم الصحراء الغربية …
* بالرجوع قليلا الى ما قبل الاستعمار الاسباني للصحراء…. سنة 1884 ، و بالضبط لسنتي 1847 و 1863 اللتين أرختا و وثقتا معارك كر و فر دارت رحاها بين قبائل الركيبات و قبائل اولاد دليم ضد الجيش الفرنسي بالساقية الحمراء و وادي الذهب ، و كما هو معلوم أن المغرب وقتذاك لم يكن مستعمرة فرنسية أليس كذلك ؟ بلى و لكن ليطمئن قلبي …ثم لنرجع أكثر إلى الوراء لسبر أغوار التاريخ ( لي ما قراوناش) و بالضبط لسنة 1767 ان لم تخني الذاكرة أو 1676، تاريخ التوقيع على معاهدة مراكش في شقها الاسباني بين السلطان المغربي م.ع. الرحمان و الملك الاسباني الفونصو الثالث …حيث اعترف السلطان ، ربما تحت الضغط أو شيئا من هذا القبيل لست ادري ، أن الحدود الجنوبية للسلطنة هي منطقة الطاح ….
و حتى لا أطيل عليك عزيزتي عزيزي …أكتفي بهذا طالبا منك مجرد كبسة زر أو نقرة على حاسوبك …ثم اكتشف بنفسك …لكن بشرط : التجرد من العاطفة و حب الانتماء لوطن يحتضن و يحضن الجميع..التعاطي مع الموضوع بمنطق و عقلانية وموضوعية..فالتاريخ لا يتقبل العاطفة…كما أن الطبيعة تخشى الفراغ….و الراس لي ما يدور كدية…و مسك الختام ….أستودعكم في حفظ من لا تضيع ودائعه و السلام عليكم و رحمة منه و بركات …أو شالوم إن وددتم….فغزة العزة …غزة الأنفة…غزة الشموخ و الكبرياء انتصرت و لا مكان للرياء…انعمتم اوقاتا…تحيات ابو ايوب .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى