أخبارالواجهةمجرد رأي

من تحدي المشاركة السياسية إلى إدارة الشأن الداخلي.. يتيم يعيد قراءة تجربة حزب العدالة والتنمية (ح1)

بقلم: محمد يتيم 
يعد محمد يتيم القيادي بحزب العدالة والتنمية والوزير الأسبق، أحد المنظرين لمسار الحركة الإسلامية بالمغرب، ومهندس الرؤية المذهبية لحزب الخطيب بعد الالتحاق به بعد منتصف التسعينات من القرن الماضي. يتيم الفيلسوف والمنظر الإسلامي يقدم قراءة تحليلية بعيون مغربية من الداخل في محاولة للتعريف بمسار حزب سياسي أثار الكثير من الجدل. فالعدالة والتنمية صاحب المرجعية والإسلامية، تجربته السياسية جديرة بالقراءة والبحث والنقد. ولقد خلفت نتائج ما بعد انتخابات 8 من شتنبر 2021 العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام، لا سيما وأن الحزب الإسلامي تذيل ترتيب الأحزاب بعد أن كان يدير الشأن العام لولايتين متتاليتين. قراءة يتيم، محاولة لإماطو اللثام عن كثير من الدوائر في المسار السياسي الحزبي بالمغرب بصفة عامة، ولحزب البيجيدي بصفة خاصة مفصلة، يتوخى صاحب الحلقات المتتالية الوقوف على مكامن القوة والضعف لتقييم المرحلة السابقة من الداخل مع الأخذ بعين الاعتبار كل الانتقادات والملاحظات للباحثين سواء الموضوعين أو المتحاملين، وهو ما سيكون إضلفة نوعية قد تبعث الروح من جديد للعمل الحزبي المغربي بعد العزوف والنفور وشيطنته. هذه القراءة خصّ بها يتيم جريدة “العمق المغربي”، على أن يتم نشرها ضمن سلسلة من الحلقات، وقدمنا لها من خلال موقعنا الجديدة نيوز تعميما للفائدة.
وفيما يلي نص الحلقة الأولي:
في الحاجة لقراء جماعية لتجربة حزب العدالة والتنمية.
تقديم:
حظيت تجربة حزب العدالة والتنمية ولا تزال، باهتمام خاص من عدد كبير من المراقبين والمحللين المهتمين بتجارب الانتقال الديمقراطي في العالم وخاصة بدول العالم الإسلامي، بالنظر إلى خلفيته الفكرية ومن حيث أن محسوب على الحركات والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية المنبثقة مما يعرف بـ “الحركات الإسلامية”. كما تحظى بتتبع خاص من قبل طيف واسع من الحركات والأحزاب الإسلامية ممن تخوض تجارب في المشاركة السياسية المؤسساتية، وتلك التي تتطلع إليها، ولكن أيضا من قبل بعضها الآخر التي تشكك في جدواها في ظل الأوضاع السياسية في ظل الأنظمة السياسية القائمة.
من جهة ثانية، هناك معطى خاص مرتبط بمسار هذه المشاركة، حيث إن الحزب هو من الأمثلة الفريدة في المنطقة العربية الذي تمكن من تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة لفترتين متتاليتين، مما لا يوجد له نظير في العالم العربي والعالم الإسلامي باستثناء التجربة التركية، فضلا عن تسييره لعدد من المدن الكبرى والمجالس المحلية بعد انتخابات 2016 الجماعية ثم الانتخابات التشريعية.
يأتي ذلك، بعد أن كان الموقع الذي ظل ملازما له عبر تاريخه الطويل هو موقع المعارضة باستثناء بعض اللحظات العابرة التي شارك فيها الحزب قبل تجديد انطلاقته الجديدة بعد مؤتمره الاستثنائي المنعقد سنة 1996.
هذا التاريخ الحافل في تجربة الحزب بين المعارضة والتدبير يستدعي التوقف عند أهم محطاته ومراحله، واستخراج بعض دروسه، ومن ثم الخروج ببعض الخلاصات المرتبطة بتجربة المشاركة المؤسساتية للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، التي تشكل تجربة حزب العدالة والتنمية المغربية حالة جديرة بالتأمل.  تعتبر تجربة حزب العدالة والتنمية، من التجارب المتميزة التي تسترعي الانتباه كثير من مراكز القرار العالمي، وما يرتبط بها من مراكز بحث أو دراسات أو ما هو منها مستقل عن مراكز القرار تلك، التي لها طابع أكاديمي محض أو على الأقل كما يبدو من خلال عناوينها وما يصرح به القائمون عليها والمشتغلون تحت عنوانها .
وقد صدرت عشرات الدراسات ومئات المقالات تحاول أن تفهم هذه التجربة في إطار الاهتمام بما سمي ب ” الإسلام السياسي “. وتعتبر تلك الدراسات وتعددها واختلاف مقارباتها ومخرجاتها في حد ذاتها، مادة للدارسة والتأمل والتقييم مع ما يقتضيه ذلك من فحص قيمتها العلمية والتاريخية، وفحص وإبراز علاقتها الوظيفية مع عدد من مراكز القرار الإقليمية والدولية.
وتبقى الحاجة ماسة إلى دراسة تجربة الحزب بعيون مغربية، بل إلى دراسات ورؤية من الداخل تمثل حدا أدنى مشتركا من الفهم والتقييم المشترك من قبل المعنيين أولا على اعتبار أن الظاهرة السياسية ونشاط وفعالية وتطور الفعل السياسي له قصدية أو قصديات، ومن ثم فإن التفسير القصدي وشروط قصدية مهمة في تفسير السلوك السياسي والسلوك الاجتماعي عامة، ولا يكون ذلك إلا بقراءة في تمثل الفاعلين لنشاطهم السياسي وفحص هذه التمثلات والمقارنة بينها.
ومثل تلك القراءة هي ضرورة فكرية وتنظيمية وثقافية، على اعتبار أن من عناصر القوة في أي تنظيم هو امتلاك  قدر مشترك من القراءة لتجربتهم التنظيمية والفكرية والسياسية، يمكن من خلاله بناء قراءة أقرب للحقيقة
وهي ضرورية لوجود بعض الاختلافات بيننا في قراءة تاريخ حزب العدالة والتنمية ، وبعض محطاته المفصلية بدء من الاندماج في حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، مرورا  بتقييم رصيده التنظيمي والنضالي والسياسي، وانتهاء بدراسة وتقييم  تجربته الحكومية وفي تدبير الشأن العام، علما  أن المحطات التنظيمية من قبيل مؤتمراته ومجالسه الوطنية وما يعرض فيها من وثائق وما تم تدارسه فيها من مقررات، يفترض أن تكون مرجعا لبلوره مستمرة لفهم الحزب لمساره وتوضيح توجهاته وتقييم مواقفه وملاءمتها باستمرار من خلال الآليات المؤسسية التي وضعتها أنظمة الحزب وقوانينه.
وهو اختلاف عادي وطبيعي وخلاق إذا أحسن تقديره وتم الوعي به على اعتبار الطابع المعقد والمركب للوقائع التاريخية باعتبارها وقائع إنسانية يكون فيها الدارس داتا وموضوعا.
إن الحاجة تصبح أكثر ماسة لقراءة تجربة العدالة والتنمية، بالنظر لكون الحزب قد تولي مسؤولية التدبير الحكومي لولايتين متتاليتين، بما يسهم في إنتاج فهم مشترك قدر الإمكان لمكاسب هذه التجربة وإخفاقاتها، وتقييم خيار المشاركة السياسية كخيار استراتيجي، ومراجعه أهدافه وآلياته وخطابه، في ظل أوضاع ناقصة الديمقراطية أو في طريقها للبناء الديمقراطي، وفي ظل أوضاع تعتبر السمة البارزة فيها التراجع عن المكتسبات التي تحققت بعد أحداث الربيع العربي في المنطقة على العموم .
وقد كانت هناك فرصة سانحة للقيام بعمل من هذا القبيل خلال هذه المرحلة، للقيام بوقفة من هذا القبيل خاصة بعد انتخابات الثامن من شتنبر والانتقال المفاجئ لحزب العدالة والتنمية من موقع صدارة المشهد السياسي ، إلى تذيل هذا المشهد بعد انتخابات 08 شتنبر 2021،  وحصوله كما جاء في توصيف الحزب على  “نتائج غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسية ببلادنا ، ولا موقع الحزب ومكانته في المشهد السياسي وحصيلته في تدبير الشأن العام المحلي والحكومي والتجاوب الواسع المواطنين مع الحزب خلال الحملة الانتخابية” .
وبناء على ذلك، فإن حزب العدالة والتنمية – في ضوء هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المغرب ومن تاريخ المنطقة والحبلى بعدد من التحديات والتحولات وطنيا وإقليميا ودولية ،  حيث هو أحوج ما يكون  إلى تعبئه جهوده ورصّ كل قواه وتعزيز لحمته الداخلية، وذلك اعتبارا للمكانة التي لا يزال يحظى بها في أعين شريحة عريضة من المواطنين، وللآمال المعقودة عليه من قبلهم باعتباره  حزبا سياسيا حقيقيا وما  يزال يتوفر على رصيد من المصداقية والاستمرارية التنظيمية ، وليس على الطابع الموسمي.
واستجابة أيضا لتطلعات مناضليه في جمع كلمته وقبل ذلك من الحاجة إلى جعل قيمه المرجعية فوق كل اعتبار فإن الحاجة ماسة لما يلي:
1 -الحاجة لقراءة جماعية التجربة السياسية والتنظيمية للحزب، وأهم مراحل تطوره الفكري والسياسي والتنظيمي، مع التركيز بعض المحطات التي أثارت اختلافا في التفسير والتقدير، وما ترتب عنها من من تداعيات تنظيمية ومنها ما عرف بتجربة “البلوكاج”، بالنظر إلى أن هذه الواقعة سيكون له تأثير واضح في مسار الحزب بل أيضا على مسار التجربة الحكومية الثاني.
-2   الحاجة لإبراز القيمة النوعية لتجربة حزب العدالة والتنمية في تطوير نظرية العمل السياسي وتدبيره للمشاركة السياسية وما بلوره من ثقافة سياسية ، وما بلور من مقاربات لعديد من القضايا من قبيل قضايا المرجعية وقضايا الهوية والتدبير وقضايا المشروع المجتمعي وقضايا التنمية، فضلا عن الحصيلة الموضوعية لأدائه الحكومي والجماعي في الولايتين. وقبل ذلك في إعطاء دفعة مقدرة من إعادة الاعتبار للحياة السياسية والحزبية، ورفع منسوب عودة الاهتمام بالحياة العامة والمشاركة السياسية ، والخسائر المترتبة على السيناريو التراجعي الذي عرفه تدبير الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، انتخابات الثامن من شتنبر 2019 وما ترتب عنها من تداعيات ومن مظاهر نكوصية في مجال تدبير الشأن وظواهر فساد تجلت بوضوح في تفجر عدد من ملفات الفساد.
3- الحاجة الماسة  بعد المسافة الزمنية التي فصلتنا عن تلك الانتخابات – لقراءة رصينة وموضوعية لها من جميع المستويات “من أجل فهم ما جرى ” وتقدير حقيقته وحجمه، وذلك بالعمل على تجميع المعطيات في أفق إعادة بناء و تركيب أجزاء الصورة، من أجل تكوين صورة موضوعية عما حدث في الانتخابات التشريعية والجماعية سواء في مرحلة الإعداد لها، أو خلال الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع وما صدر من نتائج “غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسية في بلادنا”
4-الحاجة   إلى دراسة استقصائية موضوعية لحجم الخروقات والتجاوزات التي وقعت قبل وخلال انتخابات الثامن من شتنبر، من أجل تحديد حجم تأثير العوامل الوطنية الداخلية والسياقات المحيطة بالانتخابات وحجم تأثير العوامل الخارجية والسياقات الإقليمية والجهوية والدولية، وتأثيرها فيما جرى.
وهو ما يعتبر شرطا أساسيا في إعادة توجيه البوصلة نحو تقييم مسؤول يميز بموضوعية، بين  أثر العوامل الذاتية ومن بينها  التدبير السياسي  العام للمرحلة وتدبير الحزب للشأن العام محليا ووطنيا أيضا خلال التجربتين الحكوميتين ، وبين العوامل الموضوعية والخارجية، ويتجنب أية قراءة غير متوازنة  قد تتحول إلى تبرير لتلك النتائج بدعوى وجود أخطاء جسيمة في التدبير، أو يغفل دور العوامل الذاتية والداخلية لمال موقع الحزب بعد تلك الانتخابات.
5- مساءلة وفحص بعض الفرضيات التي اعتبرت أن التصويت خلالها كان تصويتا عقابيا وأن النتائج المعلن عنها تتعلق بسوء تدبير للحزب للشأن العام الوطني والمحلي ، أو أن  الأمر هو في الحقيقة متعلق  بمقياس الاختيار الديمقراطي، أم نكوصا في مسار البناء و” الانتقال الديمقراطي”،   أو أن العامل الأساسي في تلك النتائج  كان هو سلطة المال والنفوذ و الخروقات و والتجاوزات الإدارية المتواترة قبل بدء الحملة الانتخابية و أثناءها  وخلال يوم الاقتراع وخلال يوم الاقتراع ، وعند إعلان النتائج.وأنه النكوص الذي تأكد من خلال انتخابات الإعادة في مكناس والحسيمة وعين شق وكرسيف وغيرها، وأن انتخابات الإعادة ونتائجها قد كانت من جنس انتخابات الثامن من شتنبر، بحيث لا يمكن أن ترتب عليها خلاصات سياسية من قبيل أن التصويت فيها كان تصويتا عقابيا جملة وتفصيلا .
6- تقييم الأضرار الحاصلة على المسار الديمقراطي والتنموي نتيجة لما حدث يوم الثامن من شتنبر ولحالة الفراغ الناتجة عنها، والتي تميز الساحة السياسية والاجتماعية،  وحالة تعارض المصالح عند المسؤولين اليوم عن تدبير الشأن العام محليا ووطنيا، وما نتح عنه من أضرار على مستوى الحكامة وعلى المستوى التنموي، ومن تكريس وتواصل تدهور دور مؤسسات الوساطة السياسية والاجتماعية،  مع تحديد الدور المرتقب من الحزب للقيام بمسؤولياته، وفقا منهجه كما هو مسطر في مرجعياته  ووثائقه السياسية والقانونية ورؤيته ورسالته، وكما هي معتمدة من لدن أجهزة الحزب المختصة ، فضلا عن الخطاب السياسي الملائم لذلك .
7 -تحديد دور العوامل الذاتية أو أوجه التقصير والقصور الذاتي، ومنها الأخطاء في التقدير للشـأن التنظيمي الداخلي وتدبير بعض أوجه الخلاف التي ظهرت في تقييم العمل الحكومي، وهو القصور الذي لا يخلو منه تدبير الشأن العام، وهو ما ينطبق على تجربة الحزب في التدبير في الولايتين الحكومتين ـ
ومن المفترض أن يفضي ذلك كله، وبنفس القدر من التوازن والموضوعية إلى تسجيل وإبراز ما ميز تجربة التدبير الحكومي والجماعي في الولايتين مما يتعين الاعتزاز به والتعريف به، وبيان ما حفلت به عشر سنوات من التدبير الحكومي والجماعي من انجازات ومكتسبات ..
8- إبراز ما تعرضت له تجربة تدبيره للشأن العام خلال الولايتين الحكومتين من صعوبات ومقاومات خارجية مع استحضار الإكراهات الموضوعية لتجربة تدبير الشأن العام في ظل ما يفرزه النظام الانتخابي المبني على أساس التمثيل النسبي
9- الوقوف على ما تعرضت له تجربة التدبير الحكومي خلال الولاية الثانية من إضعاف داخلي غبر مقصود مما أغرى به خصومه ومن أشرفوا على تدبير تلك الانتخابات ليخرجوا كارثة الثامن من شتنبر ، ونصيب وحدود مسؤولية هذا المعطى في تلك النتائج.
10- الوقوف عند التدابير الإعدادية للاستحقاقات الثامن من شتنبر سواء تعلق الأمر بالتدابير القانونية أو التنظيمية، والوقوف على ما ميز تدبيرها من جهة الإدارة  سواء خلال الحملة الانتخابية أو خلال يوم الاقتراع ، وما ترتب عنها من نتائج فاجأت الكثيرين حيث  لم يكن متصورا أن آلية إفساد الانتخابات كان  يمكن أن تصل إلى تلك الدرجة التي فاجأت على ما يبدو حتى الجهات التي دبرت تلك الانتخابات من أولها لأخرها، وانتهت  إلى ما يشبه تجريفا يكاد يكون شاملا للحزب من خريطة التمثيل  السياسي في المؤسسات المنتخبة للبلاد كما ترسمها نتائج الانتخابات مع استحضار المعطيات  التالية :
11- تحديد تأثير السياق الإقليمي والمناخ والمزاج  السابقين للانتخابات وتأثير السياق الدولي والإقليمي في ضوء استرجاع المبادرة من قبل عدد من القوى المعارضة للتحول الديمقراطي في المنطقة ولإدماج واندماج الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في المنظومة السياسية الوطنية ( الخريف العربي )، مع استحضار التحولات التي طرأت في المزاج السياسي الإقليمي والوطني في  التعامل مع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في ضوء ما كان يتم  التحضير له -على ما يبدو -على نار هادئة ، أي التطبيع مع الكيان الصهيوني في علاقة باستحقاقات القضية الوطنية ، مما يقتضي فحص فرضية إمكانية أن يكون لهذا المعطي دور في ترتيب الخريطة السياسية بناء على مقتضياته.
12- فحص فرضية أو احتمال يبدو راجحا، أي وجود تقدير لصعوبة تحمل ” ولاية ثالثة ” في التدبير الحكومي والجماعي لحزب العدالة والتنمية، كما دلت على ذلك مؤشرات متعددة لا تخفى منها التعديلات التي طالت القوانين الانتخابية ( القاسم الانتخابي . العتبة …) والتدبير الإداري لانتخابات الثامن من شتنبر، وهو ما أعطى إشارات واضحة لإزاحة الحزب من صدارة المشهد السياسي المغربي.
13- فحص مدى صدقية فرضية التصويت العقابي للتدبير الحكومي في الولاية الثانية للحزب في ارتباط مع بعض المواقف التي قد تكون قد أثرت في صورة الحزب لدى فريق من ناخبين مفترضين يصوتون للحزب في علاقة مع بعض مواقف الحزب من قبيل ما روج من ” تخلي الحزب عن التعريب ” من خلال القانون الإطار، أو من خلال صدور قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، ثم توقيع رئيس الحكومة الأمين العام للحزب على اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني باسم الدولة المغربية .
14- الوقوف عند  تجربة الحوار الداخلي باعتبارها كانت محاولة للقيام بتقييم جماعي ومناسبة للتقييم السياسي لمسار الحزب ، مع ما يتطلبه ذلك من إيجاد فضاء مناسب لممارسته بالشكل المطلوب مما لا تسمح به الهياكل التنظيمية من قبيل الأمانة العامة والمجلس الوطني التي تكون محكومة باستحقاقات تنظيمية أو سياسية طارئة أو ظرفية ـ ولا تتسع بتعميق التفكير السياسي وبالتطلع الاستراتيجي ، وباعتباره فضيلة وممارسة متقدمة، وأن محطاته كانت من أهم المحطات في تاريخ الحزب ـ والتي من خلالها تم انتاج توجهات جماعية تبلورت في أطروحتين هما أطروحة ” النضال الديمقراطي ” وأطروحة ” البناء الديمقراطي ”
وأنه بغض النظر عن إنتاج أو عدم إنتاج أوراق أو وأطروحات، فإن أهم ما في تجربة ” الحوار الداخلي “، هو الإسهام في بناء ثقافة سياسية مشتركة، قوامها الحوار والاستماع ، و التشارك في التشخيص والاجتهاد الجماعي المؤسساتي والتشارك والاجتهاد الجماعي في وضع  الحلول وتطوير العمل، فضلا عما ينشئه ذلك من تسيير العمل المشترك والتعاون على الإصلاح، وتقليص عوامل الاختلاف مع وضع اليات التعامل مع الخلاف ، من خلال أخلاق “التطاوع ” ، التي من شأنها إغناء قيم فكرية وأخلاقية وسياسية وتنظيمية مشتركة
ولا نزعم أن هذه الدراسة يمكن أن تجيب على كل هذه الأسئلة، ونطمع أن نوفق أو يوفق غيرنا من داخل الحزب أو بعض الباحثين بالقيام بدراسة أعمق لتلك القضايا، بقدر كبير من الموضوعية والعلمية المتناسبة مع الظاهرة السياسية كظاهرة مركبة، ومن خلال توظيف المناهج العلمية المناسبة لها بما من شأنه أن يسهم في بناء قراءة جماعية مشتركة ومتقاسمة من داخل الحزب، ونطمع في هذه الدراسة أن نضع لبنة تسير في تحقيق هذا الهدف وأن تكون مدخلا لهذه الدراسة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى