مجرد رأيملفات ساخنة

المزعج من تطورات و المفزع من خطوات

ابو ايوب
الشقيقة الجنوبية موريتانيا بدأت تكشر عن انيابها بشكل ناعم ، لكن يبقى في كل الحالات أمرا قد يشكل ازعاجا لجارها الشمالي المغرب ، عدم تجاوبها بالايجاب مع الدعوة الملكية لقيام رئيسها بزيارة رسمية للمغرب بهدف تطوير العلاقات الثنائية و سبل تثمينها بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين و مناقشة المشاكل العالقة..مسعى مغربي لم يحظى بالتفاتة مهما كان نوعها رغم الزيارة التي قام بها رئيس مجلس النواب المغربي الطالبي العلمي للعاصمة نواكشوط بهدف إذابة الجليد الذي اعترى علاقات الجارين منذ مطلع السنة الجارية…
فلا هي لبت الدعوة الملكية و لا تراجعت عن خطوة فرضها رسوما جمركية مجحفة على الشاحنات و السلع و مختلف البضائع التي تعبر معبر الكركرات ، ناهيك عن عدم استقبال رئيسها للسيد الطالبي العلمي رئيس البرلمان المغربي ، في الوقت الذي خص بالقصر الرئاسي وزير الخارجية الجزائري احمد عطاف باستقبال رسمي لافت حمال رسائل سياسية ذات بعد جيوستراتيجي معاكس للتطلعات و المصالح المغربية ( المشروع الملكي بمنح دول الساحل و الصحراء إطلالة على المحيط الأطلسي )
من البوادر الأولى للمعاكسة رغم ان الامر يبدو عادي و جد طبيعي في العلاقات الدولية ، زيارة دولة مرتقبة يقوم بها الرئيس الموريتاني محمد الشيخ ولد الغزواني يوم الخميس المقبل 22 فبراير لمدينة تندوف جنوب غرب الجزائر ، حيث من المنتظر أن تحط الطائرة الرئاسية بأرضية مطار المدينة ليجد في استقباله نظيره الجزائري ع.م. تبون…
برنامج الزيارة يتضمن الاشراف على افتتاح منطقة تجارة حرة بالمعبر الحدودي بين الجزائر و موريتاني ، و مشروع الربط البري تندوف الزويرات الذي دخل الخدمة الفعلية لنقل مختلف أنواع السلع و البضائع و المنتجات الفلاحية نحو الاسواق الموريتانية و عبرها نحو دول غرب أفريقيا ، للإشارة الجزائر ثالث دولة عربية بعد مصر و السودان انتاجا البصل + مليون طن سنويا و الثانية بعد مصر انتاجا البطاطس و مختلف المنتجات الفلاحية ( ترتيب الدول العربية الصادر عن منظمة الزراعة و الأغذية التابعة للامم المتحدة ” الفاو” ) …
اختيار المدينة ليس اختيارا عبثيا بقدر ما هو اختيار مدروس بعناية فائقة ذات رمزية بحمولة سياسية و تاريخية ترسخت في الوجدان الشعبي المغاربي ، مغربيا هي صحراء شرقية مغربية اقتطعتها فرنسا و ضمتها للجزائر الفرنسية …جزائريا هي اراضي جزائرية رويت بدماء الشهداء و بجنوبها توجد مخيمات اللاجئين الصحراويين …موريتانيا هي اراضي جزائرية حاول المغرب استعارتها ستينيات القرن الماضي للهجوم على موريتانيا بعد الاعلان عن استقلالها لكن الجزائر رفضت
و يبقى الهدف المهيمن و الغير معلن …تضييق الخناق على المغرب و محاولة تطويقه من خلال معبر الكركرات توطئة لاغلاقه بصفة نهائية و مقدمة لعزله بريا عن امتداده البري الافريقي جنوبا ، ما يؤكد المعطى هذا…اتفاقية ترسيم الحدود بين موريتانيا و ( الجمهورية الصحراوية) التي صدر بشأنها مرسوم رئاسي بالجريدة الرسمية الجارة الجنوبية للمغرب ، فضلا عن اعترافها الثنائي البعدين..اعتراف ب( الدولة الصحراوية) يواكبه اعتراف موريتاني بعدم وجود حدود مشتركة مع المملكة المغربية…
كما علينا استحضار حقيقة ان المغرب لن يقف مكتوف الأيدي او كمتفرج متابع لمجمل هذه التطورات الحاصلة بالميدان ، بل سيسعى لايجاد بدائل و يبادر بالهجوم كحل امثل للدفاع عن مصالحه الجيوستراتيجية …و قد يكون من بينها التصعيد العسكري باستعمال الدرونات لاستهداف المناطق شرق الجدار حتى لو تطلب الامر استهداف العمق الموريتاني لمطاردة عناصر البوليساريو ، و في حال حدوثه من المحتمل ان تقوم موريتانيا بالاعلان عن غلق حدودها الشمالية كردة فعل تفاديا للمواجهة العسكرية و تأزيم المؤزم اصلا ، فضلا عن إمكانية اعتبار كل من الجزائر و موريتانيا ما قد يقوم به المغرب مجرد محاولات تشويش على زيارة الرئيس الموريتاني لتندوف و ما يتولد عنها من شراكات اقتصادية و مشاريع مشتركة …
التصعيد العسكري يقابله بالضرورة تصعيد من طرف عناصر البوليساريو بدعم جزائري اكيد كما جرت به العادة و موريتاني لأول مرة ..لكن بخطة ترمي الى استهداف العمق غرب و جنوب الجدار او جنوب شرق المملكة المغربية …بصليات صاروخية قد تطال معبر الكركرات و أوسرد و السمارة و محاميد الغزلان كما حدث من قبل ، مع احتمال كبير باستعمال البوليساريو لسلاح الطائرات المسيرة سواء المحملة بصواريخ جو ارض او المسيرات الانقضاضية( الإنتحارية او الكاميكاز) …
تزامن هذه التطورات مع السعي الجزائري الحثيث لإقامة مناطق تجارة حرة مع تونس و ليبيا و النيجر و مالي على غرار ما حصل مع موريتانيا …الهدف من وراءه فصل و عزل المغرب عن محيطه الجغرافي كما قلت سابقا ، و هي بالمناسبة خطوة تدعم الى حد بعيد استعداد جنوب افريقيا لمقاضاة المغرب امام محكمة العدل الدولية سواء باسم الاتحاد الافريقي او نيابة عنه…خطوة تجد لها سندا قانونيا ، من جهة وفق منطوق الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بخصوص قضية الصحراء سنة 1975، و من جهة ثانية وفق منطوق الحكم الصادر عن المحكمة الافريقية لحقوق الانسان و الشعوب الصادر سنة 2021 ، و هو الحكم الداعم لثلاثة أحكام صدرت عن محكمة العدل الأوروبية سنوات 2016/2018/2020 قضت في مجملها باعتبار المغرب و الصحراء المغربية كيانين منفصلين عن بعضهما البعض
باختتام هذه النبذة من التطورات المتسارعة بالفضاء المغاربي و الافريقي …استودعكم (كن) معشر القراء و المتابعات لما يتعرض له وطننا الحبيب ، من مؤامرات و ضغوط ما تلبث ان تنطفئ جدوة حتى تشتعل اخرى ، و به استودع الجميع في حفظ من لا تضيع ودائعه …

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى