عالم السياسةمجرد رأي

حرب استنزاف أمريكا بالشرق الأوسط و الخليج و بداية الزمن العربي الثالث المطعم إسلاميا

أبو أيوب
افرازات الميدان أكدت على أن 75 ثانية من الاطلاق حتى إصابة الهدف كانت كافية لاشتعال النيران في سفينة بريطانية بعد استهدافها بصاروخ باليستي يمني بخليج عدن , للعلم الصواريخ الباليستية هي موجهة بالأساس للأهداف الثابثة على الأرض و ليست المتحركة كالسفن …هذا ما يطرح أكثر من علامة استفهام كبرى من قبيل من اين لانصار الله بهذه التقنية و نوعية السلاح المستخدم? علامات ثنائية القواسم و بمعنى أدق ، عملية الاطلاق و الإصابة مدتها 75 ثانية فقط ..تقابلها منظومة رادارية حديثة لاكتشاف الهدف و نوعه و سرعته ، و نقل المعلومات إلى المنظومات الاعتراضية كالباتريوت الأمريكية و القبة الحديدية الإسرائيلية ، الأمر يتطلب دقيقتين على أبعد تقدير ليتم الاعتراض و الاسقاط ..لا شيئ من كل هذا حصل و ما حدث حير أمريكا و بريطانيا و منه أتى الرعب الذي ارعب الغرب في سابقة من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية…
عملية نوعية بشهادة أمريكا نفسها حيث لم يعد الاستهداف محصورا بالسفن التجارية و ناقلات النفط الإسرائيلية أو التي تتعامل مع إسرائيل …حصار بلغ ذروته حد اخراج ميناء أم الرشراش(ايلات) المنفذ البحري الاسرائيلي الوحيد على البحر الاحمر من الخدمة و إغلاقه ، بل تعداه الأمر إلى استهداف القطع الحربية البحرية الأمريكية و البريطانية بخليج عدن و البحرين العربي و الاحمر …و تطول اللائحة مع طول حرب الاستنزاف للمنظومة الغربية على رأسها أمريكا التي اقتنعت بأنها هي الخاسرة و كلبها الوفي و ربيبتهما المدللة…سجلوا عني هذا…أمريكا في طريقها إلى الخروج من الشرق الأوسط مكرهة لا بطلة ، و بايدن أو من سيحل محله مقتنعان بضرورة استقطاب أصوات الناخبين و الرأي العام في زمن الانتخابات ، و هناك موقفين متضادين مختلفين بين الحمار الديموقراطي و النسر الجمهوري بشأن ما يحدث بولاية تكساس على الحدود مع المكسيك ، كما أن هناك 25 حاكم ولاية أمريكية انضموا تعاطفا مع تكساس التي أعلنت التمرد عن الحكومة الفيدرالية بواشنطن ، شرخ و تصدع أصاب الجبهة الداخلية في زمن الحرب بالشرق الأوسط ، في الوقت الذي يشير البعض إلى بوادر حرب أهلية في الأفق على ضوء المد العنصري المتنامي الذي أصبح يطالب جهرا بقتل السود و العرب و اليهود ، و هذا التصدع يقف حاجزا مانعا لانخراطها أكثر في حرب الشرق الأوسط و الخليج ، فضلا عن بوادر سعي حثيث للانسحاب من المنطقة بأقل الأضرار للحفاظ على ما تبقى لها من هيبة و سطوة و الانكباب على ازماتها الداخلية ، و هي في هذا تتجنب ما حدث لها في أفغانستان حيث فرت هاربة دون سابق اعلان كما وثقتها للتاريخ وسائل الإعلام الدولية …
للتوضيح اكثر …اجتماع باريس و كيفية التعاطي معه من طرف فصائل المقاومة الإسلامية بالشرق الأوسط ، و فرضها الشروط من موقع المنتصر الا خير دليل على تذليل إمبراطورية مورغان و تمريغ أنوف إسرائيل و بريطانيا في وحل مستنقع الشرق الأوسط و الخليج …واهمة هي الأنظمة الوظيفية بالمنطقة التي لا زالت تحتمي بالمظلة الأمريكية و الغربية عموما…هائمة حالمة متوهمة جاثمة هي الدول التي تعتبر أن في التطبيع منفعة و قيمة مضافة…دليلي ما حدث لمصر عند توقيعها على اتفاقية كامب ديفيد سنة 1979 و ما حصل مع الاردن سنة 1994 عندما أمضى و وافق على اتفاقية وادي عربة ، و هذا ما اعتبر إيذانا وقتها بنهاية الزمن العربي الاول بزعامة ناصر القومية العربية و بعده السادات ( تفكك جبهة الصمود و التصدي ) ، ليحل محله الزمن العربي الثاني بمظلة سعودية بامتياز استظلت بظلها أغلبية الدول العربية ، زمن سجل البصم على اتفاقية مدريد بعد الحرب العالمية على العراق ، و ما تولد عنها في سرية تامة بعيدا عن مدريد من توقيع عرفات على اتفاقية أوسلو مقابل انسنة منظمة التحرير الفلسطينية و اسقاط الحيونة عنها ( حيوانات بشرية في إشارة للإرهاب) ، لتنطلق بعدها المفاوضات العقيمة التي لا زالت مستمرة لحدود الساعة دون تحقيق شيء يذكر عدا مجموعة كانتونات معزولة متفرقة كانت تتراسها ما أطلق عليه اسم السلطة الفلسطينية التي لا تمثل أي سلطة و ما يجري حاليا دليل لا مراء عليه ، بالتالي ما الذي جناه من الثمار أولائك الأجداد من تلكم الاتفاقيات حتى يجني مثله هؤلاء الاحفاد أن هم تمسكوا بارث الأجداد ?
يوم 7 اكتوبر 2023 طوفان الأقصى بسواعد إسلامية قلب الموازين و غير المقاربة في التعاطي مع المعادلة الشرق أوسطية و مركزية القضية الفلسطينية ، فيما 8 أكتوبر اليوم الموالي مثل انخراط حزب الله اللبناني التجسيد الفعلي لوحدة الساحات ، تبعه من بعد بمدة وجيزة اعلان أنصار الله الحرب على إسرائيل انطلاقا من اليمن …فيما استكمل العراق ذرة التاج المقاوماتي حيث انصهر شيعة و سنة المنطقة برمتها إيذانا بنهاية الزمن العربي الثاني الذي لم يخلف سوى خريف الجمهوريات الوطنية بكل من العراق و ليبيا و سوريا و اليمن …خدمة جليلة قدما هذا الزمن بوعي منه أو بدون وعي خدمة جليلة للمكتوية اللافضة نفاسها تحت وقع طوفان الأقصى و ما تولد عنه من حقائق الميدان و جاحد من ينكرها ، و اول الغيث كانت قطرة وأدت التطبيع مع السعودية و افقدت الأخيرة ريادتها للعالم العربي ..
كما علينا اليوم أيضا استحضار تطورات الميدان و تسارعات الأحداث بالشرق الأوسط بخاصة ما حدث مؤخرا غرب البحر الاحمر و باب المنذب على بعد أميال بحرية من مدينة الحديدة اليمنية التي تسيطر عليها حكومة صنعاء ، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع يعلن عن استهداف المدمرة الأمريكية يو. اس. اس. غيفيرلي بصواريخ بحرية مناسبة دون الإشارة إلى الأضرار الناجمة أو لعدد المصابين ، متوعدا بمزيد من العمليات النوعية ضد القطع البحرية و القواعد العسكرية الأمريكية و البريطانية في المنطقة و التي تعتبرها القوات اليمنية ضمن بنك الأهداف المشروعة ، للإشارة إلى المستنقع الذي انجرت له أمريكا حدث اليوم هو الرابع من نوعه في مياه خليج عدن و بالبحرين العربي و الاحمر في ظرف العشرة أيام الأخيرة و القادم صادم…
و من غرائب الصدف و عجائبها ما لم نتعوده من قبل نحن العرب ، استئناس إمبراطورية مورغان في عز الحرب الدائرة حاليا بمقولة اكتشفها العرب كدول و جيوش و لازموها في كل حروبهم منذ الاستقلال حتى حدود الساعة فحواها ( نحتفظ بحق الرد في المكان و الزمان الذي تختاره…) ، هذا ما رددته الإدارة الأمريكية على مسامع العالم تعقيبا على استهداف المقاومة الإسلامية العراقية لقاعدة التنف على الحدود مع الأردن و سوريا و العراق ، هجوم بواسطة المسيرات خلف بحسب آخر بلاغ صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية مقتل ثلاثة جنود و اصابة 40 آخرين واحد منهم في حالة الخطر ، مقولة مقتبسة تشير بوضوح إلى ما تكابده أمريكا جراء حرب الاستنزاف هذه و ما تعانيه من إرهاق و إرباك أبان عن ضعفها و عجزها عن تحقيق أي نصر يذكر في حربها على غزة و اليمن و العراق و سوريا …
فيما يبقى الأبرز من التطورات الملفتة للإنتباه و التي يراد التعتيم عليها أو تجاوزها بعدم تسليط الأضواء الكاشفة عليها ، ما يحدث بالميدان الحربي و السياسي داخل إسرائيل و الضفة و غزة ، بوادر تصدع أصاب إسرائيل في الصميم حيث تعالت الأصوات داخل الكنيست بضرورة عزل النثن- ياهو و سحب الثقة من حكومته ، فضلا عن سحب ملف الأسرى منه و تكليف القيادة العسكرية بمجلس الحرب التفاوض على إطلاقهم مع المقاومة الغزاوية ، و هذا ما يحدث اليوم بمصر و تحت إشرافها بتنسيق قطري امريكي بالتزامن مع ضغوط أسر الأسرى ، تطورات متلاحقة تزامنا مع ضغط الشارع الغربي و الرأي العام الدولي حيث تعيش دول غربية كبلجيكا أو محسوبة على المنظومة الغربية كاستراليا و غيرهما على وقع مسيرات شعبية منددة بفضائع إسرائيل في حق الفلسطينيين ، و مطالب بتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية…
ضغوط شعبية انضافت لضغوط دولية من خلال الجلسة الطارئة التي دعت لها الجزائر بمجلس الأمن الدولي ، جلسة انعقدت اليوم الأربعاء 31 يناير 2024 ترأستها فرنسا تحت عنوان ، تفعيل حكم محكمة العدل الدولية في شقيه الحمائي و التنفيذي ( عدم الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب المرتكبة بغزة.. ) ، جلسة تناول فيها الكلمة السفير الجزائري الدائم بمجلس الأمن الدولي بحكم أنه واضع الطلب ، حيث وجه كلامه الى بعض الدول الأعضاء الدائمين بالمجلس إلى ضرورة استحضار الوازع الانساني و الحس الادمي في التعاطي مع القضية الفلسطينية و المقاومة الإسلامية بالمنطقة ، مقاربة وفق تقديري رسالة واضحة و مشفرة في نفس الوقت تخاطب الضمير العالمي بقدر ما هي موجهة لامريكا و بريطانيا صاحبتا حق الفيتو ، رسالة فحواها القطع مع مقاربة حيونة المقاومات باعتبارها مجموعات وحوش بشرية ، و انسنتها وفق منطوق القانون الإنساني و قرارات الشرعية الدولية التي تدعم حق الشعوب في الدفاع عن الأرض و العرض و تقرير مصائرها بحرية ، و هو حق تكفله كذلك كل الشرائع و الديانات السماوية و ان لا مجال اليوم لمواصلة وسم المقاومات بالإرهاب ، كلمة و رسالة قد تعتبر بشكل من الأشكال بوادر اولى لبداية الزمن العربي الثالث لكن هذه المرة بنكهة إسلامية تقودها ايران و الجزائر و تتعاطف معها بقوة العراق و سوريا و اليمن و لبنان…حيث الانصهار الشيعي السني و إعادة اللحمة إلى العالم الإسلامي باستعادة القدس و إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 …
و للحديث بقية مع طلب الرجوع الى مقالات ثلاث ، نشروا بالجديدة نيوز قبل اعتقال صاحبها و إغلاقها تحت عنوان الأزمنة العربية ثلاث…أشرت فيها إلى الزمن المصري و الزمن السعودي و الثالث كما وصفته اليوم ..استودعكم في حفظ الرحمان …انعمتم اوقاتا …

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى