أخبار

معادلة التأزيم و التقزيم …علاقات المغرب جنوب افريقيا مثال

أبو أيوب
تاريخ اختلاف الرؤى بين المغرب و جنوب افريقيا ليس وليد اليوم ، بل يعود لفترة نظام الابارتايد الذي حظي بدعم المنظومة الغربية و الدول الحليفة لها كاسرائيل مثلا …نظام ميز عنصري اقترف من المجازر و الجرائم ضد الإنسانية ما أدمى القلوب و اندى الجبين و لم يرف له جفن ، نفس النهج و الأسلوب تقوم به اليوم إسرائيل في حق الفلسطينيين و العالم المتحضر وا حسرتاه ، يتفرج باريحية على انتهاك إنسانية الإنسان باسم الديموقراطية و المساواة و حقوق الإنسان …متناسيا بأن الديموقراطية التي يتغنى بها الغرب هي التعبير الأسمى للوجه العام للديكتاتورية البورجوازية التي تملكت ناصية العالم بعد الحرب الكونية الثانية من خلال اتفاقية بروتون وودز الشهيرة…
بالعودة لصلب الموضوع وجب التذكير بأن وريث نظام الميز العنصري ، و اعني به حزب المؤتمر الافريقي بقيادة نيلسون مانديلا اول رئيس أسود لجمهورية جنوب افريقيا و أقدم اسير سياسي في العالم ، لم و لن ينسى تميز العلاقات الثنائية بين المغرب الرسمي و دولة الابارتايد المدعومة وقتذاك من لدن بريطانيا بالأساس و الغرب عموما ، كما لن ينسى الموقف الشعبي المغربي الداعم لكفاح الأفارقة السود ضد حكم الأقلية البيضاء …دعم مثله المرحوم الدكتور الخطيب إلى جانب زعماء الحركة الوطنية امثال المهدي بن بركة و عبد الرحيم بوعبيد …بلغ ذروته حد ارسال المال و السلاح و الدفاع في المحافل الدولية…
و رغم المحاولات المتكررة للمغرب التقرب و توثيق عرى الصداقة و التعاون الاقتصادي مع اكبر اقتصاد افريقي ، بهدف استقطابها أو على الأقل كسب حصادها في قضية الصحراء ، سواء عبر اللقاء الملكي بتامبو مبيكي رئيس جنوب افريقيا سنة 2016 بمناسبة الزيارات الملكية المكوكية لعدد من الدول الأفريقية غربا و جنوبا و شرقا و وسطا ، أو من خلال خصها بتعيين الديبلوماسي المغربي يوسف العمراني سفيرا معتمدا لديها مفوضا فوق العادة سعيا منه لإذابة الجليد الذي اعترى علاقات البلدين ، إلا أن كل هذه المحاولات بائت بالفشل لعدة أسباب سياسية و اقتصادية و حقوقية و إعلامية لم يسلم منها الجانب الرياضي …
اليوم اختلط الحابل الرياضي بالنابل السياسي بعد فوز المنتخب الجنوب افريقي على نظيره المغربي …في خرجة أمام وسائل الاعلام الجزائرية …سفير جنوب افريقيا بالعاصمة الجزائرية يعلن عن اهداء الانتصار للدولة الفلسطينية و الجمهورية الصحراوية تضامنا مع حق شعبيهما في الحرية و إنهاء الاحتلال و إقامة الدولة المستقلة ، مبديا في نفس الوقت اهداءهما كاس امم افريقيا في حال الظفر بها ، تزامنت الخرجة الإعلامية مع وصول المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي للصحراء السيد ستافان ديميستورا في زيارة رسمية لجنوب أفريقيا ، حيث حظي باستقبال من طرف الرئيس سيريل رامافوزا أكدا فيه الطرفان ضرورة الإسراع في إيجاد حل لقضية الصحراء يتوافق مع الشرعية الدولية و قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ، و اللوائح الأممية التي حصرت تعداد الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء في 173.400 الف …
كما علينا أيضا استحضار رمزية ما حققته جنوب افريقيا على صعيد محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية في مواجهة جرائم الحرب و الإبادة الجماعية التي قامت و تقوم بها إسرائيل ، للإشارة هذه الأخيرة قطعت علاقاتها مع جنوب افريقيا كما جمدت خط الرحلات الجوية المدنية و التجارية معها …و من غير المستبعد أن تقوم جنوب افريقيا بتوظيف هذا الإنجاز القضائي بهدف تنزيله على قضية الصحراء ، و متابعة المغرب أمام نفس المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب و قتل مدنيين من جنسيات مختلفة بالصحراء ، في إشارة للجزائريين و الموريتانيين و السودانيين بعدما استهدفتهم طائرات الدرون …و قد تجد سالتها في الأحكام الثلاثة الصادر عن محكمة العدل الأوروبية سنوات 2018/2016/2021 و حكم المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان الصادر سنة 2022 ، فضلا عن البيان الختامي لقمة دول حركة عدم الانحياز برسم سنة 2023 و بيان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة برسم السنة ذاتها ، بيانين اجمعا على مشروعية القضية الصحراوية و حق الصحراويين في تقرير مصيرهم عبر تنظيم استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة و قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة
بالتالي يمكن القول بأن الطريق نحو تسوية دائمة لقضية الصحراء أصبحت اليوم معبدة ، و من المرجح أن تشهد القضية انفراجة نوعية قبل اكتوبر القادم و على أبعد تقدير مطلع السنة القادمة ، كما على المغرب واجب الاحتراس من الدور الجزائري بمجلس الأمن الدولي بخصوص الملف اسوة بالدور الذي لعبته و لا تزال في الملف الفلسطيني ، على ضوء الزمكان المغربي الحالي و عنوانه الأبرز بامتياز عزلة سياسية إقليمية و حصار اقتصادي ( الجزائر و الإجراءات الموريتانية الأخيرة بالكركرات و بدرجة أقل تونس و ليبيا مع تسجيل انضمام السودان من خلال زيارة البرهان رئيس مجلس السيادة بالخرطوم إلى الجزائر العاصمة و اجتماعه بالرئيس تبون ) ، و جهويا من خلال المضايقات المستفزة الأخيرة التي تتعرض لها قوافل الشاحنات المغربية المحملة بالفواكه و الخضراوات باسبانيا و فرنسا..مضايقات المزارعين لم تكتفي باتلاف الحمولات بل تعدتها إلى تهديد حياة السائقين و اشعال النار في بعض الشاحنات و قلبها لإغلاق الطريق السيار..و القادم قد يكون صادم
رحم الله قائل القافلة تسير و الكلاب تنبح …و رحم الله أيضا العندليب عندما تغنى … اني اغرق اغرق اغرق….و رحمة كذلك على الشاعر الذي قرض….قوم إذا ما استنبح الضيوف كلابهم …قالوا لأمهم بولي على النار ….و نحن اليوم نترحم على شح الماء و قلة الحياء و كثرة الأعباء و ضنك الحياة ….

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى