ثقافة وفنون ومؤلفات

الصناعة التقليدية بالمغرب

– ولد المامون – صانع تقليدي

عدة مؤلفات تناولت موضوع الصناعة التقليدية بالمغرب ؛ و لكن لا أحد ٱنكب الى حدود اليوم على أولئك الصناع العاملين في الخفاء ؛ أولئك الذين ٱبتكروا تلك التحف الفنية و الزخارف الرائعة ؛ و لا أحد من المهتمين أو المسؤولين فكر ليعيد الإعتبار لهؤلاء الصناع و يخص عملهم بما يستحقه من ٱهتمام ؛ أو يتأمل في حياة هؤلاء اليومية حيث الحياة هادئة عن صخب العصر ؛ فالصانع التقليدي الذي يبدو و كأنه يتحدى الزمن و يعيد يوما من أيام حركات تتوارثها الأجيال و لا يعيش إلا لتحويل تلك المواد الأولية بين يده طبعها بطابعه الخاص ثمرة إلهامه و باكورة تجريبة طويلة …
و تبقى مشاهدة الصناع التقليدين و هم منهمكون في إنجاز مختلف أعمالهم لوحدها لحظة مثيرة من روائع أياد تحرص على تحويل مواد أولية الى زخارف و تحف رائعة …
و الصناع التقليديون هم كذلك من الذين يصنعون عقلية الأمم التي يعيشون فيها و يكونون شخصيتها فيعطونها مظهرا تتجلى به بين الأمم ؛ فإذا نظرت او ذكرت العصور السالفة التي مرت على المغرب ؛ فكرت أول ما تفكر في نقش صومعة حسان ؛ مئدنة الكتبية و مسجد الحسن الثاني … و إلى ذلك من الأثار الفنية الخالدة ؛ لأن هذه النقوش الفنية هي التي تختصر عقلية تلك الأجيال الماضية ؛ و تعبر عنها تعبيرا جامحا في وسع كل إنسان أن يفهمها على قدر عقله و ثقافته ؛ فالصناع التقليديون إذا أو أثارهم تعمل عمل الكاتب و المؤرخ بل تفقوهما أحيانا إذ تزيد على منفعة الأخبار لذة الجمال ؛ تلك هي السمات المتميزة الدائمة للصناع التي كانت و ما تزال إلى حد اليوم تغري كثيرا من المشاهدين بالمشاهدة …
و الصناع التقليديون يزيدون في ثروة البلد المعنوية و المادية و يضاعفون قوته الداخلية و يكونون تاريخه ؛ فهم ألسنة الشعب الذي يعيشون فيه و صوت الأمة التي ينتسبون إليها و ميزان إعتدال الأوراش ؛ و متى فقدهم المجتمع كان أخرسا ينادي فلا يسمع له نداء …
و كل من يول أعمال الصناع التقليديين شيئا من دقة النظر و حسن التمييز يجدهم يلقون علينا دروسا دائمة في التربية ؛ تبين لنا حقيقة الحياة التي يجب أن نعمل بها و حتى اللذة الفنية لا يحس بها الصناع وحدهم لكن كل من يطلع على إبداعاتهم التي تنطوي على كثير من الفطنة و المهارة و الإلهام …

عبد السلام حكار

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى