
بقلم: محمد يتيم
مع كامل التقدير للعلماء المصطفين في الجبهات الدينية للمدافعة والمرافعة والتحدي فإني أرى أن فتاوى الاستعداد أولى من فتاوى المجابهة المباشرة الني قد تتعارض أحيانا مع النواميس الطبيعية والسنن التاريخية.
وللعلماء والخبراء وأهل الاختصاص كامل الحرية والصلاحية للاجتهاد في فقه ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة…”
والذي أود التركيز عليه في هذا التعليق، أن هناك أزمة في مناهج تكوين المجتهد المعاصر. من أعراضها: بعض الاختيارات الفقهية وإن كانت مشحونة بالغيرة الدينية. إلا أن حضور مناطات اجتهادية جوهرية فيها يكون خافتا، مثل تقدير المصلحة، والترجيح بين المصالح والمفاسد. أو بين المصالح نفسها عند التعارض، ومراعاة المآلات، وما إلى ذلك مما يحضر في التنظير الاصولي والتقعيد الفقهي عادة على المستويات النظرية، ولكن يكون خافتا في التطبيقات الاجتهادية، خاصة منها المعاصرة.
ومن أسباب هذه الازمة:
1،ضمور العلوم المساعدة على فقه الواقع في مناهج المؤسسات الدينية.
2-ضمور العناية بالحدود الدنيا من فهم النواميس الطبيعية والسنن التاريخية في هذه المناهج.
3-طغيان المنهج التراثي المركز على المداخل النظرية والدراسة التاريخية لمناهج الاجتهاد والفتوى أكثر من العناية بالدراسة المنهجية المعتمدة على تدقيق المصطلحات وفهم سياق تطورها، واستحضار الشجاعة والجراة على التحليل والنقد والتجديد والإبداع.
3-كبوة جهود تجديد الخطاب الديني ومناهج مؤسسات تخريج العلماء على المستويات البيداغوجية واستراتيجيات البحث العلمي.
4-جاذبية واقع غارق في الخلل على المستويات السياسيةوالقانونية والإدارية والمالية والاجتماعية والأخلاقية للحاجة إلى الاطر الدينية في تدبير تدين ناقص يغشاه ضمور في حقيقة التوحيد الخالص والعبادة الخاشعة والمعاملة النظيفة والحكم العادل والقانون الأسمى والتفكير الحر …
ولعل من أولى ما يستدعي الاهتمام والعناية في خضم هموم الأمة المتزايدة:
1-تمتيع العلماء وذوي الضمائر الحية بالحصانة لممارسة حرية التفكير والاجتهاد والتداول في أولويات المرحلة.
2-كسر الحواجز بين التخصصات العلمية والخبرات المهنية والتجارب الحياتية للاستفادة منها رغم اختلاف المواقف والاختيارات الفكرية والمذهبية الناتجة عن سياقات تاريخية متغيرة وأسباب موضوعية متحولة.
3- التمييز بين الجهود الاستراتيجية التي تستهدف إحياء الأمة واداءها لرسالتها والمواقف العابرة التي يطبعها الاحتجاج والحماس والغيرة الفائرة.
4-الاستيعاب الملم قدر الإمكان بسياق التحديات المعاصرة الاستعمارية والصهيونية واكتشاف الخيوط الرابطة بينها منذ الحروب الصليبية والكشوف الجغرافية والمرحلة الامبريالية وما تلاها حتى الفترة المعاصرة.
5-الانفتاح على الكتل الاتنوغرافية والسياسية الواعدة في إفريقيا وآسيا، خاصة التي تجمعنا بها رابطة الدين، لكسب خيرها،وأمن شرها عندما يستعملها الاستكبار الدولي ضد المسلمين وقضاياهم الكبرى الراهنة. بقلم