أخبار دوليةالصحراء المغربيةالواجهة

أول الغيث قطرة … رسائل أكتوبر المزعجة

بقلم أبو أيوب

    في مقال سابق نشر على موقع الجديدة نيوز أواخر السنة الفارطة ، تطرقنا من خلاله إلى رهان المغرب على الأحصنة الخاسرة ، في إشارة لقطع العلاقات الديبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة ، و إلى مجمل السياسة الخارجية المغربية و تعاطيها مع أزمات الدول اللاثينو – أمريكية و خاصة دولتا فنزويلا و بوليفيا . مجموعة دول نبذناها و حاربناها إما تحت تأثير ضغوط أمريكية أو تقربا و استدرارا لعطف الإدارة الأمريكية ، فماذا جنى المغرب بالتالي من السياسات التي تبعها آنذاك سوى خيبات الأمل ؟ 

* أول أمس الأحد 19 أكتوبر 2020 كان آخر يوم لسريان مفعول القرار الأممي بحظر السلاح على ايران ، حيث إحتفلت إيران بنهاية الحظر الدولي على واردات و صادرات السلاح رغم التهديد و الوعيد الأمريكي ، فأصبحت بذلك الجمهورية الإسلامية حرة و أياديها طليقة في التعامل مع من تشاء تصديرا و توريدا للسلاح ، و مع الخطوة أقبرت أية محاولة لفرض عقوبات أو مراقبة دولية على صناعة الصواريخ الباليستية و باقي الصناعات الحربية .

ما يهمنا نحن كمغاربة ، تنسيق المواقف مع أصدقائها في شمال غرب إفريقيا ( الجزائر- البوليساريو و دعم الأخيرة بمختلف أنواع الأسلحة ) ، بل و مساندة حلفائها بالأمريكيتين الجنوبية و اللاثينية و مدهم بالسلاح ( كوبا – فنزويلا – المكسيك – نيكاراغوا – بوليفيا مثال ، دول في مجموعها تناصبنا العداء و تعترف بالجمهورية الصحراوية ) . كما تجدر الإشارة إلى إستعادة قوى اليسار المتشبع بالفكر الإشتراكي و التوجه الماركسي اللينيني لوهجه في الأمريكيتين ، فأول الغيث قطرة .

* يوم أمس 19 أكتوبر 2020 , أعلنت الرئيسة المؤقتة لبوليفيا السيدة جنين إلياس عن فوز رفاق الرئيس إيفو موراليس الذي أطيح به في إنقلاب عسكري بتدبير من وكالة المخابرات الأمريكية منذ حوالي إحدى عشرا شهرا تقريبا ، حيث تم الإعلان رسميا عن فوز السيد لويس أسوي بالإنتخابات الرئاسية بفارق كبير ( أكثر من 51% من اصوات الناخبين ) ، فيما حظي منافسه المدعوم أمريكيا بنسبة 31% فقط من أصوات البوليفيين ، نتيجة سوف تسرع من وتيرة العزلة الأمريكية في العالم لا سيما في حديقتها الخلفية ( البرازيل – كولومبيا مثال)، نشوة الإنتصار عبر عنها الرئيس السابق إيفو موراليس من مكان إقامته بالأرجنتين ، بعدما قدم إليها من منفاه القسري بالمكسيك .

فوز الحزب الإشتراكي البوليفي له تداعيات على قضية الصحراء ، بحيث من المنتظر أن تقوم بوليفيا بتجديد اعترافها بجمهورية الصحراء و إعادة العلاقات الثنائية إلى سابق عهدها ، و من المنتظر كذلك أن تحدو حدوها دول أمريكا الجنوبية بمجرد عودة اليسار إلى الحكم ( البرازيل – البيرو مثال) ، تعزيزا للطروحات المعادية للمغرب، و أخص هنا بالذكر كلا من جمهورية المكسيك – كوبا – فنزويلا – نيكاراغوا ….، و بهذا ينكشف فشل السياسة المغربية و سعيها لإيجاد موطئ قدم بأمريكا اللاثينية ، و لعلنا لا زلنا نتذكر تصريحات وزير الشؤون الخارجية السيد بوريطة بشأن الأزمة السياسية بفنزويلا و اعترافه بكوايدو خصم مادورو كرئيس شرعي للبلاد ، كما لا زالت الذاكرة تحتفظ بغبطته و فرحته اللتان أبداهما بمجرد الإعلان عن نجاح الإنقلاب العسكري ببوليفيا و نفي ايفو موراليس إلى المكسيك …

* مستجدات الأحداث طيلة شهر أكتوبر الذي نحن بصدد توديعه ، لم تنحصر على الموضوع الإيراني و البوليفي فقط ، فالأخبار الآتية من سوريا الصمود أفصحت عن زيارة موفدين أمريكيين من الرئيس ترامب في زيارة سرية إلى سوريا ، موضوعها الأساس في عز الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ، البحث عن صيغة ما من أجل إطلاق رهينتين أمريكيتين فقدتا بسوريا، مقابل انسحاب أمريكي من حقول النفط شمال سوريا التي تسيطر عليها القوات الأمريكية . بحسب معلومات مؤكدة كان الرد السوري صاعقا مخيبا لآمال ساكن البيت الأبيض ( الإنسحاب الشامل للقوات الأمريكية من سوريا و بعده يمكن النظر في إمكانية التطرق لمشكلة الرهائن ) … خبر الزيارة و موضوعها أكدته كبريات الصحف الأمريكية . و لعلي بالشقيقة السورية ليس ضمن أجندتها نسيان الإصطفاف الرسمي المغربي إلى جانب ( المعارضة السورية/ الجيش الحر/ مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري … و ليس آخرها نعت الحكومة السورية بالنظام الديكتاتوري لحزب البعث برئاسة السفاح بشار الأسد) ..

* أما بخصوص الشأن الوطني المغربي ، فقد شهد شهر أكتوبر عدة مستجدات و مؤشرات لا تبعث على الإرتياح ، البعض منها ينذر بالأسوء و بتفاقم الأمور قد ترقى لما لا تحمد عقباه . أولها وقفة الصحراويين و المتعاطفين معهم من الفرنسيين أمام وزارة الخارجية الفرنسية تزامنا مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي للجزائر ، من خلالها حملوا أعلام جمهوريتهم و أطلقوا شعارات منددة بالتواطئ الفرنسي بحسب زعمهم . وقفة سرعان ما تلتها أخرى و هذه المرة بمدينة بلباو الإسبانية أمام القنصلية المغربية ، حيث أعيد نفس السيناريو بأعلامه و شعاراته … تحت حماية أفراد الشرطة الإسبانية المتواجدين بعين المكان .

    قد يعتبر البعض أن ما يقوم به الخصم أمرا عاديا لا يستحق الإلتفات إليه و أنها ليست المرة الأولى ، فيما يرى البعض الآخر أنها مجرد وقفات دعائية و شعارات نباحية لن تغير شيئا على أرض الواقع ، و منهم من حسبها وقفات يستغلها الخصم للتشويش على المساعي الأممية و قد ألفناها في مناسبات عدة ، تتزامن في شموليتها مع انعقاد جلسات مجلس الأمن الدولي و بداية أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة بخاصة في شقها الذي يستعرض نزاع الصحراء .

    بتقييمي للوضع الحالي يبدو أن الأمر خطير جدا و ليس بهذه البساطة كما يعتقد البعض ، خطورته تكمن في عدة مستجدات توجب أخد الحيطة و الحذر من تداعياتها المؤرقة ، أولها ما يقوم به الخصم من إغلاق للمعبر البري بالكركرات و نصب الخيام و الإعتصام … ثانيتها ما أقدمت عليه أميناتو حيدر بجرأة من قلب العيون في تحد صارخ للدولة المغربية … ، ثالثتها و في سابقة من نوعها لم نشهد لها مثيلا من قبل ، قيام مجموعة أفراد رجالا و نساء و أطفالا ، بوقفة إحتجاجية على بعد مترين أو ثلاث من موقع عسكري للقوات المسلحة الملكية ببلدة مهيريز ، مرددين شعارات مناوئة للمغرب و حاملين أعلام جمهوريتهم ، حيث تمت الوقفة تحت أنظار و تتبع أفراد المينورسو فيما بدى الجنود المغاربة مشدوهين عاجزين عن القيام بأي شيء يذكر ، و خلفهم ليس ببعيد أفراد البعثة يترصدون الهفوات و الزلات …

    أما الأخطر و الأفظع بكل ما للكلمة من معنى ، إعتزام جبهة البوليساريو (الجمهورية الصحراوية الوهمية) عقد معاهدات دفاع مشترك مع بعض الدول الإفريقية و على رأسها الجزائر و جنوب إفريقيا ، و اللاثينوامريكية ( كوبا – فنزويلا – بوليفيا …) ، متذرعة بالقانون الدولي الذي يعترف بحق الدول في الدفاع عن سيادتها و إبرام معاهدات دفاع مشترك بينها، و هي في هذا تريد توريط المغرب في أثون حرب مع الإتحاد الإفريقي ، فضلا عن نيتها إحداث منتخب وطني لكرة القدم كتوطئة للمطالبة بالإنضمام إلى صفوف الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم ، و قد انطلقت بالفعل و منذ مدة ليست بالقصيرة ، التحضيرات من خلال إجراء مقابلات ودية مع بعض الفرق الأوروبية من القسم الثاني بخاصة الإسبانية منها .

    زوار موقع الجديدة نيوز ، كانت هذه لفحة من لفحات شمس اكتوبر ، و قد تتلوها أخريات مزعزعات مفعفعات يعلو على إثرها صياحنا و شجبنا … ما من شأنه أن يزيد الشرخ تصدعا ( الحاضنة الشعبية ) ، أو الجبهة الداخلية التي لا زالت ترزح تحت تداعيات كورونا و تترنح بتأثير هول الصدمات ( الخرجات الأخيرة لقدماء المحاربين و المتقاعدين العسكرين و أرامل شهداء الواجب الوطني على مواقع التواصل الإجتماعي مثال ) ، و هذا ما لمح إليه منتدى فكرة الأمريكي FORUM FIKRA الذي أشار إلى بداية القلاقل الإجتماعية بالمملكة المغربية ، منبها إلى أن عود ثقابها تغريدات تويترية و خرجات فايسبوكية و فيديوهات يوتوبية … إلى هنا أستودعكم على أمل لقياكم في مقبل الأيام …

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى