هل حان موعد نهاية النفوذ الفرنسي بالمغرب ؟ أم هي محاولات إرجاعه لبيت الطاعة ؟ المغرب بين فك الأعداء و مطامع الحلفاء …
بقلم أبو أيوب
المتتبع للشأن الفرنسي المغربي على صعيد العلاقات الثنائية بين الجانبين و ما ربطهما من علاقات تاريخية ، لا يمكنه التغافل عما يعتري هذه العلاقات منذ مدة من جفاء و ضبابية مواقف ، بخاصة في شقها الإقتصادي ، العسكري منه يرتبط بالأساس بترجيح استيراد المغرب للسلاح الأمريكي على حساب الفرنسي ، و المدني منه تبلور من خلال ترجيح كفة الإستثمارات الإسبانية بالمغرب حيث أضحت إسبانيا المستثمر رقم واحد بدل فرنسا الحليف التقليدي للمغرب ، في حين ينجلي الجانب الحقوقي من خلفية تهجم و جسارة المنظمات الحقوقية الفرنسية من قبيل ، حركة مناهضة الميز العنصري من أجل الشعوب و منظمة فرنسا للحريات ، أما ما يتعلق بالسياسي ، فقد تمت ملاحظة فتور و نفور و انعدام تنسيق الرؤى و المقاربات السياسية بخصوص الملفات الشائكة بالمنطقة المغاربية و عموم القارة السمراء .
بالأمس البعيد ، كانت تصريحات السفير الممثل الدائم لفرنسا بمجلس الأمن الدولي جد مستفزة و مقززة تنم عن ازدراء و احتقار ، حين شبه العلاقات المغربية الفرنسية بالعلاقات التي تجمع بين زير النساء و عشيقته ، فبقدر ما هو راغب في مضاجعتها بقدر ما هو ملزم بحمايتها ( تصريح رسمي موثق صورة و صوت ) ، أما بالأمس القريب ، فقد أتت زيارة السفير الفرنسي بمدريد الى مدينة سبتة ، كمؤشر نذير لما يعتري علاقات الحليفين من تشنجات و مطبات .
بحيث أعلن من هناك نية فرنسا إعادة فتح قنصليتها بالمدينة ، و ما بعد الأمس البعيد و القريب تتوضح الرؤيا أكثر فأكثر ، و ذلك من خلال تهجمات وسائل الإعلام الفرنسية على الرموز المغربية ( صحيفة لوموند الفرنسية / لومانيتي مثال ) ، أو عبر مستجدات الوضع الحالي فيما يتعلق بتنصل فرنسا التدريجي من موقفها المساند و الداعم للطرح المغربي ، القاضي بمنح سكان الصحراء حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية ، و هو الإنقلاب الذي تمت ملاحظته من خلال الخطاب الرسمي الفرنسي بالجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة و السبعين المنعقدة حاليا .
اليوم بالذات و لربما ضمن مخطط مبرمج سلفا ، تطالعنا قصاصات الأخبار عن مطالبة حركة مناهضة التمييز العنصري الفرنسية من أجل حرية الشعوب ، المجلس الأممي لحقوق الإنسان بضرورة إعادة النظر في مسألة مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء الغربية المغربية ، وفق ما نص عليه القرار رقم 9574 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، ما يعتبر في حد ذاته انتقاصا و تبخيسا للدور الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالأقاليم الصحراوية .
يتزامن هذا الموقف مع الموقف نفسه الذي دعت إليه المنظمة الحقوقية الفرنسية ، فرنسا الحريات ، من خلال تدخل ممثلتها أمام المجلس الأممي لحقوق الإنسان بجنيف ، مطالبة بضرورة إشراف دولي على مسألة حقوق الإنسان بالصحراء وفق القرار الأممي رقم 1514 المتعلق بحرية الشعوب في تقرير مصيرها ، لتدخل على الخط بعدهما منظمة جيري كينيدي لحقوق الإنسان المساندة لأميناتو حيدر الحائزة على جائزة نوبل البديل ، و هي منظمة حقوقية أمريكية معروفة بعدائها للمغرب إلى جانب كل من أمنيستي انترناسيونال و هيومان رايتس ووتش و فريدوم هاوس ….
فهل المغرب بهذه السحنة السوداوية في المجال الحقوقي ؟ أم هي ضغوط سياسية تمارس عليه من أجل الحصول على تنازلات في موضوع الصحراء ، تزامنا مع بداية أشغال القمة العادية للأمم المتحدة في دورتها الخامسة و السبعين ، في ظل رئاسة دورية آلت إلى روسيا ؟ ، للإشارة موقف الأخيرة بخصوص ملف الصحراء معروف و صريح و هو مدعوم بموقف الصين ( دولتان تملكان حق النقض في مجلس الأمن الدولي و قوتين صاعدتين في مسرح السياسة الدولية ) ، و حليفتين تقليديتين للشقيقة الشرقية الجزائر المعنية أيضا بنزاع الصحراء .
أكيد أن المغرب ليس بواحة أو جنة حقوقية ، و هذه حقيقة أجمعت عليها المنظمات الحقوقية المغربية بمختلف تلاوينها ، كما هو مؤكد أيضا أن المغرب يتعرض حاليا لمجموعة ضغوطات دولية ، و محاولات استقطاب للدفع به إلى التطبيع العلني مع إسرائيل ، و المؤكد الأكيد اليقين أن وضعه الإقتصادي و الإجتماعي و الأمني كارثي لا يبعث على الإرتياح … ، بالتالي قد يكون واقيه غير قادر على امتصاص الصدمات …
على أي حال نسأل الله السلامة و عافية الخاتمة … رغم أن الحاضنة الشعبية متصدعة و لا تبشر بالخير … و الله أعلم بثبوته .