المشهد المغاربي بين الواقع السياسي و مغالطات قنوات الصرف الصحي
بقلم أبو أيوب
الخرجة الإعلامية الأخيرة لزعيمة فدرالية اليسار المغربي السيدة نبيلة منيب ، بقدر ما يمكن اعتبارها تحضيرا لها لحلول الحزب محل حزب التراكتور الذي أبان عن فشله في تأطير المواطن المغربي، أو الحزب الحمائمي الذي أظهر ولاءه المطلق لرجال المال و الأعمال المغاربة بعدما ثبت اصطفافه الى جانب الباطرونا ، بقدر ما تعتبر خرجتها الإعلامية كمحاولة لإيجاد موطئ قدم تتصدر من خلاله المشهد السياسي العام بالمغرب ، خلفا للإتحاد الإشتراكي بعدما أفل نجمه تحت وقع و تأثير الضربات التي استهدفته ، و التصدعات التي نتجت عنها ما بعد زعامة الراحل عبد الرحمان اليوسفي .
حصان طروادة في خرجتها الإعلامية ، ما تعيش على وقعه الأقاليم الصحراوية بالجنوب المغربي ، بدء بما أقدمت عليه أميناتو حيدر و تأسيسها ل( الهيئة الصحراوية لمناهضة الإحتلال المغربي ) ، مرورا إلى ما يجري من مستجداث و أحداث بالمنفذ البري الوحيد للمملكة نحو العمق الإفريقي ( معبر الكركرات) . أما مربط الفرس في خرجتها ، فهو هجومها على السياسات الجزائرية المنتهجة بالمنطقة المغاربية ، و كيف لا و هي التي عاشت مرحلة من حياتها بالجارة الشرقية للمغرب ، عندما كان أبوها يشغل منصبا ديبلوماسيا رفيعا في السفارة المغربية هناك . فيما يذهب بعض النباشين في الملفات إلى القول بأن أصول الأسرة جزائرية ، على غرار بعض الأسر التي تقلدت مناصب رفيعة في المملكة المغربية ( المرحوم الدكتور الخطيب/ أحمد عصمان/ المرحوم علي يعتة الزعيم التاريخي للحزب الشيوعي المغربي مثال) .
و تزامنا مع المستجدات ، إنبرت مواقع إعلامية أخرى مسلطة الأضواء على التحركات العسكرية الجزائرية الأخيرة بشمال مالي ، حيث أفردت أخبارا عن توغل مفرزات من الجيش الجزائري و سيطرتها على مواقع حدودية ، على مقربة من الشريط الحدودي بين الدولتين محادية لبلدة إنخيل المالية ، تواصل الأخبار ، جاء بالتزامن مع الزيارة التي قام بها الوزير المنتذب في الشؤون الخارجية و العلاقات الإفريقية المغربي لدولة مالي الشقيقة ، حيث التقى ببعض أعضاء الحكومة المؤقتة المالية و على رأسهم الرئيس المؤقت و نائبه و الزعيم الديني للزاوية التيجانية .
أخبار التوغل العسكري الجزائري بشمال دولة مالي ، سرعان ما فندته و نفته السلطات المدنية و العسكرية الجزائرية على حد سواء ، معلنة على أن الأمر يتعلق بمفرزتين عسكريتين جزائريتين ، الأولى لتوفير الحماية و تسهيل مأمورية المفرزة الثانية لسلاح الهندسة العسكرية ، التي كانت بصدد تحيين المعطيات الطوبوغرافية للشريط الحدودي ، ضمن ما نصت عليه بنود اتفاقية الحدود التي وقعها الجانبان يوم 3 غشت من سنة 1983، لذا كان لزاما على الجيش الجزائري توفير الحماية للوحدة الهندسية بخاصة في منطقة معروفة بإنتشار المجموعات الإرهابية . متهمة في الوقت ذاته الجانب المغربي بالتشويش على المساعي الجزائرية لرأب الصدع بين الفرقاء الماليين، متوعدة بإفشال كل مخططاته الرامية إلى اللعب على حبال حديقتها الخلفية بحسب ما جاءت به جريدة الشروق .
الملاحظ اليوم كما أجمع عليه المراقبون للوضع السياسي المغاربي ، إحتدام الصراع بين المملكة المغربية و جارتها الشرقية الجزائر ، سواء ما تعلق منه بالملف الليبي أو المالي و بخاصة مشكل النزاع حول الصحراء الغربية المغربية ، و ما تعيش على وقعه هذه الأخيرة من محاولات خنق المغرب إقتصاديا و مساعي البوليساريو الرامية إلى غلق معبر الكركرات نهائيا ، فضلا عن التحركات الأخيرة للمتعاطفين مع التنظيم من داخل المدن الصحراوية ( إنتخاب رئيس جديد لمنظمة الصحراويين المدافعين عن حقوق الإنسان المعروفة ٱختصارا تحت إسم كوديسا خلفا لأميناتو حيدر / تأسيس الأخيرة للهيئة الصحراوية لمناهضة الإحتلال المغربي ) .
و بحسب بعض المحللين للوضع الحالي ، هي محاولات تستهدف في مجملها دور المنظمات الحقوقية المغربية العاملة بالأقاليم الصحراوية ، في أفق تثبيت مطالب موجهة بالأساس إلى الأمم المتحدة ، من أجل توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالإقليم ، بعدما نجح المتعاطفون مع الطرح المعادي بنسب معتبرة في إثارة الإنتباه إلى ما يعيشه المضربون و الطلبة المعطلون من أوضاع اجتماعية من جهة ، و ما يعيشه النشطاء الصحراويون يوميا من حصار و تضييق و قمع لحرية التعبير بحسب زعمهم ، وسط أنباء غير مؤكدة عن إخضاع أميناتو حيدر للإقامة الإجبارية تحت حراسة مشددة و مراقبة الأجهزة الأمنية المغربية .
كما تمت في هذه الأثناء ، ملاحظة ارتفاع وتيرة الضغوط و منسوب الإنتقادات الموجهة ضد المملكة المغربية ، في شقها المتعلق بحقوق الإنسان و حرية الرأي و التعبير ..، و أعني بها كل من منظمتي أمنيستي انترناسيونال و هيومان رايتس ووتش و منظمة كينيدي لحقوق الإنسان . ضغوط و انتقادات تزامنا مع انطلاق القمة العادية للأمم المتحدة في دورتها الخامسة و السبعين ، حيث خصصت ثلاث جلسات لمناقشة نزاع الصحراء في أفق استصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي نهاية أكتوبر الجاري .
من بين ترقبات بعض المراقبين ، تمديد صلاحية بعثة المينورسو لثلاثة أشهر إضافية أو ستة أشهر على أبعد تقدير ، مع وضع تواريخ محددة لخارطة طريق سوف تفرض فرضا على طرفي النزاع . بحسب ترقباتهم دائما ، روسيا التي تترأس حاليا الدورة الشهرية لمجلس الأمن الدولي مدعومة بالثقل الصيني ، سوف تفرض مقاربتها لحلحلة الوضع المتعثر استنادا على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، و من مخرجات و نتائج طاولتي جنيف المستديرتين و ما أفضتا إليه من تقرير و خلاصات المبعوث الأممي السابق الألماني هورست كوهلر ، كما من المنتظر أن يتعزز موقفها ، من خلال اتفاقية التعاون و النظرة التشاركية المبرمة بين الأمم المتحدة و الإتحاد الإفريقي ذات الصلة بمشاكل و ازمات القارة السمراء، فضلا عن الدعم الصريح و المعلن من لدن الدول المؤثرة و صانعة القرار الفريقي ( جنوب إفريقيا/ نيجيريا/ إثيوبيا/ الجزائر/ مصر و أنغولا ) ، و هي مجموعة دول تعترف رسميا ب( الجمهورية الصحراوية التي أعلنت من جانب واحد سنة 1976 ) .
روسيا اليوم و بالثقل الدولي الذي أصبحت تمثله ، تسعى جاهدة لإبقاء نزاع الصحراء ساخنا في الأجندة الأممية مع فرضية طرح تواريخ محددة تساعد البعثة الأممية في إنجاح ما ٱنتذبت لأجله ( إجراء إستفتاء لتقرير المصير …. بضمانات أممية وفق اللوائح الإسبانية المنقحة أمميا بتعداد سكاني قارب 174.000 و نيف مسجل ) ، بالتالي يمكن اعتبار الخطوة الروسية تثبيتا لنفوذها بالقارة السمراء على حساب مصالح المستعمر القديم لإفريقيا ” فرنسا مثال” ، و من تمة تقوية للنفوذ الصيني الذي ما فتئ يتقوى على حساب المصالح الأمريكية بالمنطقة من خلال مشروع طريق الحرير الصيني .
مقاربة باعتقادي إن حالفها النجاح ، باكورتها تقوية لزعامة شريكتهما و حليفتهما التقليدية الجزائر ، و الهدف المعلن تربعها على عرش زعامة شمال غرب فريقيا بعدما استأثرت بمنصة انطلاق طريق الحرير الصيني في اتجاه العمق الإفريقي ، و ما مشروع توسعة ميناء الحمدانية بشرشال الجزائرية إلا لبنة أولى من لبنات المشروع الصيني ، حيث من المتوقع أن يصبح أكبر ميناء بحوض المتوسط و إفريقيا ، فضلا عن استئثارها و تحوزها أفضل ما أنتجته الصناعات الحربية الروسية و الصينية من مختلف أنواع الأسلحة ( الجوية/ البحرية/ البرية/ الصاروخية/ الحرب الإلكترونية ) ، حيث صنف الجيش الجزائري الأول إفريقيا و الثاني عربيا فيما احتل المرتبة 25 عالميا ، بحسب التصنيف الأخير لموقع غلوبال فاير باور و ميليتاري ووتش إلى جانب خلاصات وزارة الدفاع الأمريكية ” البنتاغون” و تقارير أجهزة المخابرات الغربية و الإسرائيلية .