إطباق حصار أم نهاية مشوار ….؟ Maybe the game is over
بقلم أبو أيوب
بعض المراقيبن و المحللين الدوليين يزعمون بأن المغرب يتعرض اليوم لحصار مطبق ، قساوة وقع فكي الكماشة في ازدياد مطرد بالتزامن مع تداعيات و مخلفات كورونا …، و هم في هذا يستدلون بعدة مستجداث طارئة تتجسد على أرض الواقع تباعا ، و تحتل حيزا يجد صداه في وسائل الإعلام الدولية . و ليس صدفة أو مصادفة أن تتوالى الأحداث بهذه الوتيرة المتصاعدة ، فهناك بحسب البعض أمر ما يحاك في الخفاء يتهدد وجود الوطن ، شئنا أم أبينا لكنها تبقى بحسبهم عين الحقيقة .
مقال اليوم ، زوار الجديدة نيوز ، نستعرض من خلاله بعضا من مستجداتها في بعدها الإستراتيجي و ضمن منظور تحليل عقلاني ، لنوضح قدر المستطاع ما خفي بين السطور … نوضحه بالواضح و المرموز و ما قد يعبر عنه كتوطئة لذا “كايم إيز أوفر” game is over كما نطق بها ممثل العراق بمجلس الأمن السيد الجعفري ذات زمان من بداية الألفية الثالثة ….
* الخطاب الملكي الأخير بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للمجلس التشريعي ، و على غير العادة ، لم يأت على ذكر قضية الصحراء قضية المغاربة الأولى ، رغم كونها حديث الساعة و تستأثر بحيز واسع في الإعلام الدولي ، فضلا عن كونها متداولة حاليا بمجلس الأمن الدولي و في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية الخامسة و السبعين ، ثم من خلال تناولها ضمن صلاحيات اللجنة الرابعة المكلفة بتصفية الإستعمار ، فهل مبعث عدم التطرق لما يشغل بال المغاربة قاطبة مرده أن الأمر قد حسم نهائيا ؟ أم أن هناك تطورات في الأفق مؤرقة ؟ فلربما الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت … فمن يدري … فالسياسة قبل أي شيئ مصالح اقتصادية وفق موازين القوى … عسكرية و اقتصادية …
* في ثالث زيارة رسمية لوزير الخارجية الفرنسي السيد جون إيف لودريان للجزائر ، حيث حظى باستقبال رسمي من الرئيس تبون و وزير خارجية الجزائر … تطرق فيه الجانبان لثلاث ملفات أساسية ، الملف الليبي/ مالي/ ملف الصحراء من خلال التطورات الأخيرة ، تطورات على ضوء التصريحات الجزائرية الأخيرة فيما يتعلق بالملفات الثلاث و رؤيتها لمعالجة ملفات المنطقة . الملفت في الزيارة إستثناء المملكة المغربية كليا من أجندة الوزير الفرنسي ، رغم أن المغرب معني مباشرة بمشكل الصحراء و بمشاكل المنطقة بقدر أقل ، و هذا ما يطرح أكثر من علامة استفهام كبرى من قبيل ، هل أصبح السيد لودريان ناطقا رسميا باسم المملكة المغربية ؟ بالتالي أين هو دور الديبلوماسية المغربية في كل ما يجري ….!
مناقشة الوزير الفرنسي لمشكل الصحراء مع الجانب الجزائري في غياب المغرب المعني مباشرة بالنزاع ، يذكرني بمداخلة الرئيس الفرنسي ماكرون و إلقائه كلمة باسم المغرب في لقاء جمعه بالرؤساء الأفارقة عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد ، حيث عبر من خلال القمة عن وجهة الرأي المغربية ….؟! أمران يدعوان للاستغراب و يطرحان أكثر من تساؤلات و علامات استفهام عن محل الديبلوماسية المغربية من الإعراب …!
الجانب المخفي من الزيارة ، محاولة الحفاظ عما تبقى من مصالح اقتصادية فرنسية في مستعمراتها السابقة ، لا سيما على إثر بروز بوادر تحرر الدول الإفريقية من تبعيتها لفرنسا ( مالي/ موريتانيا/ تونس/ الجزائر ) ، هذه الأخيرة تسعى جاهدة لفك ارتباطها بواردات الحبوب من فرنسا لصالح القمح الروسي مثال ….، بخاصة بعدما شهد القطاع الفلاحي بالجزائر طفرة نوعية بامتياز ..
بحسب آخر تصنيف دولي للدول العربية الأكثر إنتاجا و تصديرا للمواد الفلاحية ، تصدرت جمهورية مصر العربية الترتيب بما قدره 28 مليار دولار سنويا ، فيما احتلت الجزائر المرتبة الثانية عربيا بقيمة صادرات بمبلغ 22 مليار دولار سنويا ، تتلوها المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة بقيمة مبلغ صادرات فلاحية يناهز 16 مليار دولار سنويا ، أما المرتبة الرابعة فقد حازها المغربي بحوالي 14 مليار دولار قيمة صادراته الفلاحية نحو الخارج ، في غالبيتها استثمارات فرنسية و إسبانية …
* إقامة مخيم ٱكديم إيزيك في نسخته الثانية يزيد الوضع تعقيدا إلى جانب استحداث الهيئة الصحراوية لمناهضة الإحتلال المغربي ، الهدف التكتيكي المرحلي من الخطوات مزيدا من الضغوط على المغرب ، من خلال مطالبة الأمم المتحدة بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء .
الأخبار الواردة من الأقاليم الجنوبية تشير إلى تسجيل انسحابات بالجملة لمنتسبي تنظيم ( صحراويون من أجل السلام ) الذي أعلن عن تأسيسه في وقت سابق من السنة الجارية ، ضغط آخر ينضاف لمجمل الضغوط التي تمارس في حق المغرب ، أو لنقل محاولة حصره في الزاوية استعدادا للهدف الأسمى … أغلق معبر الكركرات نهائيا على مقربة من موعد الإنطلاقة الرسمية لاتفاقية التبادل التجاري الحر بين الدول الإفريقية التي ستدخل حيز التنفيذ بداية سنة 2021 ، بالتالي يتعذر على المغرب تسويق منتجاته عبر المعبر ….
إتفاقية الإتحاد الإفريقي للتجارة الحرة وقعها وقتذاك عن الجانب المغربي رئيس الحكومة السيد العثماني ، و عن الجانب الآخر إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو ( الجمهورية الصحراوية العضو المؤسس للاتحاد الإفريقي بحسب مصطلح الإتحاد القاري ذاته ) ، و قد جرت مراسيم التوقيع تحت أنظار رؤساء الوفود الإفريقية الموقعة على الإتفاقية و وسائل الإعلام ….
* التوقيع على اتفاقية افتتاح سوق الجزائر للمنتوجات الفلاحية بموريتانيا ضمن إطار الشراكة الإقتصادية بين البلدين …، و هذا ما يعتبر في حد ذاته مضايقة بل خنقا للصادرات الفلاحية المغربية في اتجاه دول غرب إفريقيا ، و هي خطوة تفاقم من وتيرة الحصار الإقتصادي المطبق . قد يقول قائل بإمكانية الإستيعاظ عن المعبر بمينائي الداخلة أو مهيريز ، لكن المشكل يبقى مطروحا في جوهره ، كمشكل قانوني يتعارض كليا مع ما التزم به المغرب عند توقيعه على اتفاقية التجارة الحرة ، و هذا ما يضع المغرب في مواجهة مباشرة مع الإتحاد الإفريقي في شقها الإقتصادي …
* و يزداد الأمر تعقيدا و معه تتسارع وتيرة الضغوط الممارسة على المغرب ، على ضوء تصريحات بعض الدول الإفريقية عن نيتها إبرام معاهدات دفاع مشترك بينها و (جمهورية الصحراء) ، على رأسها جنوب إفريقيا و الجزائر …، وضع سيخول لها المشاركة في أي حرب محتملة بين المغرب و البوليساريو ، مما يستدعي بالضرورة إرسال قوات حفظ السلام الإفريقية في حال اندلاعها … كما تجدر الإشارة إلى أن الخصم أصبح اليوم يتوفر على طيران حربي قوامه طائرات الميغ 25 التي سلمتها الجزائر بعدما تم تدريب طياري البوليساريو في المعاهد العسكرية الجزائرية … نية إبرام معاهدات الدفاع المشترك أفصح عنها سفير الخصوم بالجزائر ، في خرجة إعلامية له للتلفزيون الجزائري ، و ما أظنها بمزحة أو زلة لسان ..
* تعزيزا للفرضية ذاتها ، ما أعلن عنه وزير المالية في حكومة جنوب إفريقيا ، حيث دعى البوليساريو إلى العودة لحمل السلاح في مواجهة المغرب ، كما دعى إخوة السلاح بحسب تعبيره في القارات الخمس إلى مؤازرة و مساندة القضية الصحراوية ، متسائلا في نفس الوقت ، كيف يعقل لدولة إفريقية أن تستعمر دولة إفريقية أخرى و تنكل بشعبها بحسب زعمه ….؟ داعيا الأمم المتحدة إلى إنهاء الإستعمار في آخر مستعمرة إفريقية و تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره طبقا لقرارات الشرعية الدولية … (تصريحات الوزير في تغريدة له على تويتر) .
زوار موقع الجديدة نيوز ، كانت هذه نبذة موجزة عن مجموعة ضغوط اقتصادية و عسكرية و نفسية و قانونية تمارس ضد المغرب ، ضغوط في تصاعد مطرد قد تنسينا مسيرة فتح القنصليات بالعيون و الداخلة ، و أقصوصة الريادة المغربية في الميدان الفلاحي … فضلا عن حكاية ولوجه قطاع صناعة السيارات و صناعة الطيران و صناعة الأسلحة و الأقمار الصناعية …، فأين نحن من كل هذا و أين تكمن الحقيقة …؟ بغيض من فيض أستودعكم معشر الزوار و إلى مقال آخر إذا ما استجد جديد ….