جفاء و سعي هباء …
بقلم أبو أيوب
كما عودناكم دائما زوار موقع الجديدة نيوز بالجديد ، مقال اليوم نخصصه للهرولة الفرنسية بعدما أصيبت سياساتها الخارجية بارتجاجات باركنسونية في المخ تحت تأثير توالي الضربات ( تصريحات الرئيس الروسي السابقة عندما أشار فيها إلى الأدوار القذرة لفرنسا في مستعمراتها الإفريقية “14 دولة إفريقية” / تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي في الموضوع نفسه/ الصفعة التركية الأردوغانية في الملف الليبي و غاز المتوسط و التوتر مع اليونان/ إسقاط الجيش الوطني الجزائري لمروحيتين فرنسيتين قرب الحدود الجزائرية المالية ذهب ضحيتهما جنود و ضباط فرنسيون ،إثر العملية بلعت فرنسا لسانها و التجأت للإتحاد الأوروبي من أجل استصدار قرار يندد بسياسات الجزائر الرسمية ..) .
لإصلاح ذات البين بين فرنسا و مستعمرتها السابقة الجزائر ، قام السيد جون إيف لودريان وزير الخارجية الفرنسية بثالث زيارة له للجزائر منذ بداية لسنة الجارية ، مبعوثا من طرف الرئيس الفرنسي ماكرون ، حيث حظي باستقبال بارد من طرف الرئيس الجزائري ع. م. تبون ، زيارة تناول من خلالها الجانبان ملفات المنطقة المغاربية و الساحل و الصحراء ( الملف الليبي/ الملف المالي/ ملف الصحراء إلى جانب ملفات أخرى تتعلق بالعلاقات الثنائية ) . و تجدر الإشارة على ما يبدو إلى أن الزيارة الفرنسية لم تكن مثمرة و لم تسفر عن نتائج تذكر، دليل هذا عدم إستقباله رسميا من طرف نظيره الجزائري صبري بوقادوم ، حيث اقتصر استقبال الضيف الفرنسي من لدن مسؤول جزائري من درجة متدنية بوزارة الخارجية الجزائرية ، و هذا ما يعرف حسب الأعراف الديبلوماسية ببرودة العلاقات و الجفاء …
من بين عوائق تحسين العلاقات الثنائية بين فرنسا و الجزائر ، الخطوة التي أقدمت عليها فرنسا من خلال الإنصياع لمطالب الجماعات الإرهابية التي تنشط بدول الساحل و الصحراء و شمال مالي بالأخص ، حيث قدمت فدية مالية مقابل الإفراج عن الرهينة الفرنسية التي استقبلها الرئيس ماكرون شخصيا بالمطار ، خدمة لأجنداته الإنتخابية بعدما تدنت شعبيته بشكل فضيع ، فضلا عن ما تبعها من إطلاق حوالي 200 عنصر و أكثر من أفراد المجموعات الإرهابية كانوا معتقلين ، من بينهم جزائريون مزدوجي الجنسية (جنسية مالية) ، في أول بادرة التفافية على قرار أممي صدر سنة 2014 يجرم التجاوب مع مطالب المجموعات الإرهابية ..
ضمن الإطار نفسه و تفاديا للإحراج أمام المجتمع الدولي ، باشرت فرنسا بتجهيز قاعدتها الجوية بدولة النيجر بطائرات بدون طيار “درونات كانت تستعمل خصيصا لجمع المعلومات و الرصد و التتبع مجهزة بتقنياث حربية حديثة من صواريخ تعمل بأشعة الليزر” ، خطوة روج لها و سوقت ضمن استراتيجيتها في الحرب على الإرهاب …! مسرحية الحرب التي تشنها فرنسا على الإرهاب بالمنطقة لم تعد تقنع أحدا ، و سرعان ما جاءها رد لم تكن تتوقعه أبدا ليضفي على مسرح الأحداث تحديا واضحا من طرف الجزائر ، حيث أعلن الجيش الجزائري عن نشر بطاريات صواريخ من صنف (الإس300/400) محذرا في الوقت نفسه باستهداف أية طائرة تقترب من الحدود الجنوبية للجزائر مهما كانت جنسيتها … (عملية كسر عظام شبيهة بحادثة إسقاط المروحيتين الفرنسيتين أواخر العام الفارط ).
في مساعيها الحثيثة لاسترجاع ما بقي لها من نفوذ و للتغطية على فشل سياساتها بالمنطقة ، فرنسا ترسل وزير داخليتها للمملكة المغربية أول أمس الجمعة ، حيث التقى بنظيره المغربي السيد عبد الوافي لفتيت ، و بحسب التسريبات تمحور الإلقاء حول ملفي الهجرة الغير شرعية و قضية المخذرات ، حيث عبر الوزير الفرنسي عن قلق بلاده من تنامي تجارة المخدرات بأوروبا ، كما تناولت المحادثاث بين الجانبين سبل إبرام اتفاق بين الجانبين لمحاربة تجارة المخدرات . للإشارة تأتي زيارة المسؤول الفرنسي تزامنا مع حدثين مهمين قد يشكلان ضغوطا إضافية على الجانب المغربي :
* حدث اعتقال مدراء فروع البنك الشعبي المغربي ببلجيكا من طرف الشرطة الفدرالية بتهمة غسيل أموال المخدرات و فساد مالي و عمليات مشبوهة … خطوة سرعان ما دخلت على الخط بشأنها الشرطة الهولندية ، حيث من المرتقب أن يتوسع التحقيق ليشمل عقارات و شخصيات مغربية بكل من مدن طنجة و الحسيمة و الناظور شمال المملكة، كما ينتظر أن يقوم المحققون بزيارات ميدانية للمدن الثلاث لتعميق البحث القضائي و الوقوف على ملابسات و تشعبات مافيا المخدرات .
* بحسب دراسة لمركز أبحاث المستقبل (المبادرة العالمية لمحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود) , حيث خلصت الدراسة إلى أن المغرب يجني من وراء تجارة الحشيش نحو أوروبا ما قيمته 23 مليار دولار سنويا ، بصادرات فاقت 700 طن سنويا دون احتساب ما يصدر لباقي الدول ، دراسة تعزز تقارير سابقة للأمم المتحدة و وزارة الخارجية الأمريكية التي أشارت إلى كون المغرب يتربع على عرش تجارة الحشيش بحسب نفس الخلاصات الدولية .
بالعودة لصلب الموضوع ( إعادة التموقع الفرنسي بالمنطقة المغاربية و دول الساحل و الصحراء ) ، و ما يؤطرها من سياسة إرضائية تقاربية منسجمة بقدر أكبر مع السياسات الجزائرية و مقارباتها في حل أزمات المنطقة ، يلاحظ أن فرنسا تحاول جاهدة لتليين مواقف الجزائر ضمن النهج الإطار المعتمد في سياسة فرنسا الإفريقية ( السينغال/ بوركينافاصو/ ساحل العاج/ جمهورية إفريقيا الوسطى مثال ) .
و هي اليوم تسعى بكل ما أوتيت من قوة لاحتواء المواقف الجزائرية بخاصة في الملفات الثلاث ( مالي/ ليبيا/ الصحراء) ، تزامنا مع التحضيرات الأممية في الملف الليبي و جلسات مجلس الأمن الدولي بخصوص نزاع الصحراء ، و ما يتفرع عنها في الدورة العادية الخامسة و السبعين للأمم المتحدة و لجنتها الرابعة المكلفة بتصفية الإستعمار .
ضمن السياق أعلنت فرنسا عن رغبتها بقيام وزير الداخلية الفرنسية بزيارة رسمية للجزائر بمجرد انتهاء زيارته للمملكة المغربية ، زيارة على ما يبدو لم تلق ترحيبا من الجانب الجزائري و من المرتقب إلغاؤها في آخر لحظة ، و حتى إن تمت فلن تلقى بحسب الملاحظين تجاوبا إيجابيا على غرار ما حققته زيارة وزير الخارجية الفرنسية للجزائر الذي عاد بخفي حنين من زيارته الأخيرة .
زوار موقع الجديدة نيوز ، أكتفي بهذا القسط من مستجدات منطقتنا المغاربية ، بعدما سلطنا بعض الأضواء على المحاولات الفرنسية لاسترجاع بعض من أمجاد تاريخ إستعماري حافل بنهب ثروات الشعوب الإفريقية. هنا بالضبط أود الإشارة إلى أن فرنسا تتربع في المرتبة الرابعة عالميا من حيث إحتياط الذهب بحوالي 2436 طنا و بقيمة 111,8 مليار دولار ، في الوقت الذي لا تمتلك فيه دولة مالي أدنى احتياطي من الذهب رغم توفرها على 860 منجما من المعدن الأصفر بانتاج سنوي يفوق 50 طنا بحسب الإحصائيات المعلنة ، فهل فهمتم الآن معنى و مغزى محاربة فرنسا للإرهاب بدولة مالي ؟ بالتالي المرامي و المقصود من خلال تواجدها العسكري بكل من دولة النيجر/ بوركينافاصو/ ساحل العاج/ جمهورية إفريقيا الوسطى … ؟ أي بما مجموعه 14 بلدا إفريقيا من ضمنها المغرب … لنبقى نحن الأفارقة ندعي و نسوق فقر دولنا و ثرواتنا تنهب …! أما آن الأوان بعد لنستفيق من سباتنا ؟
سؤال الوضع الراهن و أم الحقائق … حقيقة دولة المساواة و الأخوة و العدالة بعاصمتها باريس الأنوار ، و من به ريب و شك عليه أن يترقب قريبا معاناة مهاجر مغربي خدم هناك لا زال يتلقى 100 أورو شهريا لقاء خدمات قدمها و هو في ريع شبابه .
الى هنا أستودعكم و كلي أمل بلقائكم … فاللهم ٱرحم موتانا و شافي مرضانا و ٱجبر مأساة أحيائنا ، فالسيل بلغ الزبى و طفح الكيل و اللهم إشهد أني قد بلغت … طاب مساؤكم أو صباحكم كل بحسب موقعه ….