حبس أنفاس … والخاسر الأول أوروبا …
بقلم أبو أيوب
أوروبا الساعة تحبس أنفاسها متمنية خسارة ترامب في الإنتخابات و فوز جو بايدن عن الحزب الديموقراطي … أوروبا امتعضت في مناسبات عدة من سياسات ترامب و ازدراء دورها في الحلف الأطلسي و كامل المنظومة الغربية .
فالرئيس ترامب هو من فرض الزيادة في التعريفات الجمركية على تصدير منتوجات أوروبا نحو أمريكا ، و هو نفسه من شن حربا إقتصادية شعواء على أوروبا لم يسلم منها الصديق اللصيق أو الكلب الوفي بريطانيا العظمى .
و يزداد امتعاض أوروبا و حرجها من خلال تمزيق ترامب للاتفاق النووي مع إيران . إتفاق استغرقت المفاوضات بشأنه أكثر من عشر سنوات ، مفاوضات فيينا و جنيف و بعض منها بسلطنة عمان التزمت به الدول صاحبة العضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولي زائد ألمانيا .
إتفاق صدر بشأنه قرار عن المجلس ذاته زكى توقيع و التزام مجموعة دول الخمسة زائد واحد ببنود الإتفاق النووي الذي أبرم مع إيران ، و في رمشة عين و بجرة قلم أمام عدسات الكاميرات داس ترامب على شرف و كبرياء أوروبا و أحرجها من منظور القانون و الشرعية الدولية .
كما أحرجها من بعد عندما خاطب أوروبا في لقاء جمعه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بضرورة الدفع لقاء الحماية الأمريكية ، و كأني به يخاطب ولي عهد المملكة السعودية و قادة الخليج ( كل دول الخليج دون استثناء رضخت للإبتزاز المالي لترامب مقابل وعود بالحماية ، في الوقت الذي لم يتمكن من حماية قواته بالمنطقة ” استهداف القواعد العسكرية بالعراق مثال ” .
أمريكا اليوم في مفترق طرق بعدما فقدت مرجعيتها الأوروبية ( الأوروبيون هم المؤسسون الأوائل و مكتشفو العالم الجديد أمريكا ) ، نجاح جو بايدن أو دونالد ترامب لن يعيد العلاقات الثنائية إلى سابق عهدها بعدما خدش الكبرياء و انفرط عقد الثقة بين الجانبين .
فرنسا مثلا فقدت مشاريع بأكثر من عشر مليارات دولار مع إيران ، يوم مزق ترامب الإتفاق النووي و شدد العقوبات الإقتصادية على الجمهورية الإسلامية ، ألمانيا أيضا فقدت مشاريع بملايير الدولارات مع إيران نتيجة العقوبات الأمريكية ، إيطاليا كذلك و باقي المجموعة الأوروبية عانت و لا زالت تعاني من انعكاسات العقوبات على اقتصادها ….
بالتالي فرنسا تبقى الخاسرة الأولى إقتصاديا فضلا عن الخسارة السياسية و القانونية من منطلق عدم قدرتها احترام ما وقعت عليه و التزمت به و صدر بشأنه قرار أممي ( هيبتها و مبادئها و التزاماتها أصبحت على المحك ) ، و هذا ما يعطي الإنطباع و يؤكد تبعيتها العمياء للإملاءات الأمريكية دون الأخذ بعين الإعتبار لمصالحها الإقتصادية و استقلالية قرارها السياسي ..
و بحكم تبعية مجمل المنظومة السياسية العربية للإملاءات الغربية عموما ، مع بعض التفاوت بين هذا القطر أو ذاك …، تصبح الدول العربية هي الأكثر خسارة و هشاشة و ضررا و تبعية من أوروبا ، دول رهنت مصيرها و ربطت مستقبلها بالسياسة و الثقل الأمريكي و ما كان يجسده من وزن في مسرح السياسة العالمية .
تصدع حلف و أدوات ( أمريكا و الدول الأوروبية ) لصالح تمدد محور و حلفاء ( روسيا. الصين . إيران . الهند . الجزائر … ) ، دفع ببعض الدول العربية إلى الإرتماء في الحضن الإسرائيلي بحثا عن حماية ، ظنا منهم أن منقدهم بدلا عن العم سام واحد من بني عمومتهم … إرتماء في حضن سام أخو حام بعدما تيقنوا أن أمريكا لم تعد و لن تعود كما كانت من قبل ( لكل شيء إذا ما تم نقصان … فلا يغر بطيب العيش إنسان …) ، بهذا يكون الإرتماء في الحضن كتمسك الغريق بصنوه الغريق و بقية القصة تعرفونها ….