التطبيع مع إسرائيل بين “إكراهات” الأنظمة وخيارات الشعوب
بقلم :مصطفى الفن
عن موقع آدار
ينبغي أن نعترف بأن قرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو قضية في غاية الحساسية بل إن الأمر جد صعب ومحرج أيضا لبلدنا على أكثر من مستوى.
وواهم من يتعامل مع هذه القضية كما لو أنها نزهة عابرة على شط البحر.
لكن في السياسة نحن لا نختار بين القرارات الحسنة والقرارات السيئة وإنما نختار بين القرارات السيئة والقرارات الأقل سوءا.
وهذا ربما هو حال بلدي وحال دول عربية كثيرة ما دام المنطق السليم يفرض ألا نشكك في “وطنية” الحاكم العربي فقط لأنه اختار هذا القرار أو ذاك.
علينا ألا ننسى، والحالة هذه، أن أهل مثل هذا القرار، السيادي طبعا، هم أدرى بشعابه وبإكراهاته.
لكن من المهم أذكر هنا بأن الموقف من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ينبغي ألا يؤطر بثنائية الحلال والحرام أو ثنائية الأجر والإثم..
وكم هو مؤسف أن يحتكم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الى هذا الفهم التقليدي والتبسيطي أيضا لأن القضية الفلسطينية أو العلاقات مع الغاصب هي أكبر من أن تختزل في ما يجوز وما لا يجوز.
الموقف من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو في الأصل مجرد تقدير سياسي محكوم بهذه القاعدة المعروفة في تراثنا الإسلامي: “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”.
بصيغة أخرى، فنحن أمام قضية لها ارتباط وثيق بالحرب والمكيدة والسياسة وموازين القوى ولسنا أمام قضية مؤطرة بمفاهيم الخيانة والعمالة والخروج عن الملة وقبول “الدنية” في الدين..
ورأيي أن المغرب، كبلد يختلف عن باقي الدول العربية في مجالات كثيرة، ينبغي أن يتسع لكل الآراء ولكل وجهات النظر ولكل المواقف بما في ذلك تلك المواقف الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني..
شخصيا لم أفهم مثلا كيف أن البعض هاجم تنظيمات أو شخصيات مغربية فقط لأن هذه التنظيمات أو الشخصيات عبرت عن مواقف رافضة للموقف الرسمي.
والواقع أن التطبيع مع إسرائيل كان وربما سيظل “إكراها” أو “ضرورة” قد تلجأ إليها الأنظمة العربية الرسمية اضطرارا وليس اختيارا..
لكن من حق الشعوب أن تكون ضد المحتل وضد التطبيع مع إسرائيل بل من حقها أن تقاومه أيضا..
وأنا أقول بهذا لأنه حتى هذه المواقف الشعبية الرافضة للتطبيع قد تعزز الموقع التفاوضي لبلدنا مع الكيان الغاصب في المرحلة المقبلة.
أما اعتراف أمريكا بالسيادة المغربية على الصحراء باعتبارها أقوى دولة في العالم وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في القرار الدولي، فهذا بالتأكيد حدث تاريخي ونصر غير مسبوق.