قراءة في المشهد الإنتخابي المقبل بالحسيمة
بقلم خالد الزيتوني.
رغم عدم ورود تاريخ محدد للانتخابات المقبلة التي من المرجح أن تجرى في الشهور الأخيرة من هذه السنة، فإن العديد من الأحزاب السياسية بالحسيمة بدأت في شحذ وسائلها اللوجيستية والبشرية للإعداد للوائحها التي ستدخل بها غمار الانتخابات، وذلك رغم عدم وضوح آفاقها بشكل كلي نتيجة التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي المتسم بعدم استقراره لظهور نفوذ أحزب جديدة، وتراجع تأثير أخرى والتي كانت إلى وقت قريب تتحكم في رسم الخريطة الانتخابية محليا، إلا أنه من الثابت أن المنتخبين المنتمين لأحزاب مختلفة، والممثلين بالمؤسسات المنتخبة، سيجدون أنفسهم مع اقتراب الانتخابات، إما بدون الأحزاب التي يمثلونها، أو خارج تزكيتها، مما سيفسح المجال واسعا أمام العديد منهم للبحث عن مواقع حزبية جديدة تحملهم للمؤسسات المنتخبة، وهو ما سيقوي التنافس المحموم للبحث عن التزكيات، فيما بعض الأحزاب لازالت تبحث عن مرشحيها المحتملين، واستقطابهم من أحزاب أخرى، بنية اكتساحها للعملية الانتخابية، خاصة مع الانقسام بين منتخبي حزب الجرار الذي يسعى جزء منهم لمغادرته، للالتحاق بأحزاب أخرى سيحملون لونها للتنافس للظفر بمقاعد في المؤسسات.
ومما لا شك فيه أن استعدادات بدأت منذ مدة ليست بالقصيرة لتشكيل اللوائح النهائية للأحزاب الممثلة في مجلس بلدية الحسيمة، والمتشكلة أساسا من كل من حزب الأصالة والمعاصرة، العدالة والتنمية، العهد، والنهضة والفضيلة، والذي يتوفر فيه حزب الجرار على الأغلبية، حيث بات من شبه المؤكد أن مكونات الأخير بالبلدية لن تحافظ على كتلتها ووحدتها في الاستحقاقات القادمة، حيث بعض المرشحين قد باشروا بالفعل اتصالاتهم بالمسؤولين المحليين لحزب الحمامة لتصدر اللائحة المقبلة، كما أن أعضاء حزب العهد بدورهم بدؤوا في مشاورات مع بعض الأحزاب لملء لوائحها، وذلك في الوقت الذي يحافظ فيه كل من حزب المصباح والنهضة على وحدة مكونتيهما في السير نحو الاستحقاقات المقبلة، التي ستحمل تغيرات كبيرة في المشهد الانتخابي المحلي المقبل .
والمتغير في الانتخابات المقبلة بإقليم الحسيمة هو عودة حزب الأحرار للعمل السياسي، حيث يعمل منذ مدة ليست بالقصيرة، على استكمال أجهزته وتنسيقياته المحلية، استعدادا للتنافس في الانتخابات القادمة، كما يسعى جاهدا لتوسيع قاعدته الانتخابية بالاعتماد على تنسيقياته المحلية وقطاعاته الموازية، التي ستمكنه من دخول معترك الأقوياء للتنافس على حصد المقاعد والدوائر، خاصة مع الأخبار التي صارت شبه مؤكدة، والتي تفيد التحاق عبد الصادق البوعزاوي بالحزب، قادما إليه من الجرار، وسعيه ليكون وصيفا للائحته في الانتخابات الجماعية بالحسيمة، كما تسعى الحركة الشعبية من جهتها بالعودة بقوة لمعترك الانتخابات، وسيكون أشرف يوجير المنسق المحلي للحزب بالحسيمة، وكيلا للائحته بالمدينة، حيث يعمل منذ أمد ليس بقصير على توسيع تحالفاته بالتنسيق مع العديد من الملتحقين به، واستقطاب أعيان جدد لملء لوائح السنبلة للتنافس بكل الدوائر الانتخابية بالإقليم استعدادا للانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس المستشارين .
وأمام الانسحابات التي قد يعرفها حزب الأصالة والمعاصرة، بالتحاق بعض منتخبيه بأحزاب أخرى لعدم نيلهم التزكية، أو مغادرتهم تحت ظروف سياسية أخرى، يقوم الحزب نفسه للاعداد للانتخابات المقبلة وسط حديث عن تغييرات كبيرة في لائحته الانتخابية الخاصة ببلدية الحسيمة، حيث يتم تداول الكثير من الأسماء، في غياب أية تأكيدات رسمية، ومهما كان الحال فالحزب لم يعد له نفس البريق كما في السابق، حيث التنافس السياسي بين قياداته مركزيا والتي طفت على السطح في شكل صراعات، ألقت بظلالها على عمل الحزب محليا، الأخير الذي كان يعتبر الحسيمة والإقليم، قلعته المنيعة التي يصعب على باقي الأحزاب إيجاد موطأ قدم بها، إلا أن الأمور لم تعد كما في السابق، كما تؤكد ذلك الانسحابات من الحزب، وبروز منافسين شرسين يعدون العدة لاكتساح البلديات الأربعة لإقليم الحسيمة، فيما باقي الأحزاب تسعى من جهتها للحفاظ على مواقعها وتوسيعها إلى حد ما .
من جهة أخرى فإن كل من أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم الاشتراكية، تسارع الزمن للانتهاء من وضع لوائحها الانتخابية لدخول المنافسة في الانتخابات المقبلة، حيث بدأت في استقطاب بعض الأعيان والمنتخبين ( الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها خارج اهتمامات قياداتهم والمسؤولين عن منح التزكيات )، لاستكمال لوائحها، وإعداد العدة اللازمة التي ستمكنها من الوصول للمؤسسات التمثيلية، فمهما يكن الوضع المقبل فإنه سيكون مخالفا لا محالة للمشهد الانتخابي الذي أفرزته الانتخابات الجماعية الماضية، وسيكون من الصعب على أي حزب من الأحزاب المتنافسة تحقيق الاكتساح، والفوز بالأغلبية في المجالس الحضرية الأربعة أو المجالس القروية، ولظهور تكتلات جديدة قد تفرز خريطة مغايرة لما أفرزته انتخابات 2016، حيث ستشكل مسألة التحالفات بين أكثر من حزبين أساس الرهان في الفوز بقيادة المجالس الجماعية في الانتخابات المقبلة .
ومع تصويت لجنة الداخلية بمجلس النواب يوم أمس الخميس 4 مارس الجاري، على تعديل القاسم الإنتخابي و جعله على أساس المسجلين في اللوائح، وهو التعديل الذي تقدمت به كل فرق المعارضة والأغلبية باستثناء حزب العدالة والتنمية، وذلك بـ29 صوت مقابل 12 صوتا رافضا، سيكون من الصعب لأي حزب سياسي بإقليم الحسيمة، حصد أكثر من مقعد في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ما سيقوي التنافس بين عدة أحزاب، الذين عليهم التنافس على أربعة مقاعد، بالاعتماد على قاعدتهم الانتخابية ونسبة المشاركة، ومن الأكيد أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستكون بكسر العظم، على اعتبار قوة المتنافسين التقليديين الذين تناوبوا على الفوز بهذه المقاعد، تحت مختلف التقلبات السياسية، فبالإضافة إلى مرشحي أحزاب الجرار والميزان والسنبلة، الفائزين في الانتخابات البرلمانية الماضية، والذين سيتقدمون للترشح بألوانهم، سيدخل معترك التنافس كل من حزب الوردة والحمامة، بمرشحيهما عبد الحق أمغار، وعصام الخمليشي، بالإضافة إلى باقي الأحزاب السياسية التي تعمل على اختيار وكلاء لوائحها للاستعداد لخوض غمار التنافس، الذي سيكون محموما، وهو ما سيؤثر على التمثيلية السياسية الحالية للإقليم بمجلس النواب .
وشكل حزب العدالة و التنمية زاوية المعارضة التي واجهت اعتماد القاسم الانتخابي الجديد القائم على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، حيث سبق أن تصدر نتائج الانتخابات لولايتين متتاليتين في ظل نسبة مشاركة لم تتعدى في أحسن أحوالها 40 في المائة، ولم يحصل سوى على 27 في المائة من الأصوات في ظل المشاركة الضعيفة .