هل حقا السينما المغربية تنتعش؟
بقلم: الناقد السينمائي المصطفى طالب
بعض المقالات الصحفية تتحدث عن أن السينما المغربية تنتعش لكون بعض الأفلام ذات مستوى فني متميز أو لكون بعض الأفلام حققت إنجازا في بعض المهرجانات “الدولية”. هل هذه المقولة للاستهلاك ولدغدغة مشاعر الوزارة الوصية ومن يدور في فلكها خوفا من ان تسقط ورقة التوت عن جسد السينما المغربية المعطوب؟
كيف الجزم بأن السينما المغربية تنتعش وهي مرهونة ببضع أفلام لبعض المخرجين القلائل الذين يستحقون هذا الإسم باعتبار انهم في بحث إبداعي مستمر وتجديد لتجاربهم السينمائية؟ بينما الاخرين عالة عليها بحكم المستوى السيء لأفلامهم وبحكم “يعرفون من أين تأكل الكتف”؟
كيف للسينما المغربية ان تنتعش ومستوى الإقبال عليها في تراجع مستمر؟ ولولا دعم الدولة وبعض المهرجانات لتمت صلاة الجنازة عليها؟
كيف للسينما المغربية أن تنتعش ومدن مغربية لا تتوفر على قاعات سينمائية للعرض ولإقامات مهرجانات في المستوى المطلوب واستقطاب الجمهور لها؟ ام ان ما يهمنا هو البهرجة والدعاية الفارغة؟
كيف للسينما المغربية ان تنتعش ولازال القطاع السينمائي والدعم يعاني من تسلط بعض المنتجين والمخرجين عليه بمعنى المحسوبية والزبونية والريع والعمل على إقصاء مخرجين اخرين، مع غياب “المناصفة” (إن صح التعبير) بين المخرج والمخرجة؟
كيف للسينما ان تنتعش ولازال مقطع اغنية “من اجل صناعة سينمائية مغربية” يتردد كل سنة ومع كل دورة للمهرجان الوطني لدرجة أن “الديسك حفا” والألسن تعبت من ترديده؟
كيف للسينما المغربية أن تنتعش وقد أصيب المواطن المغربي في قدرته الشرائية كي يتمكن من الذهاب هو أسرته غلى السينما ويؤدي ثمن 65 درهما للفرد ثم يخرج وهو محبط من جراء ضعف الفيلم المغربي الذي لا يناسب ثمن التذكرة المؤدى عنه؟
كيف يمكن للسينما المغربية ان تنتعش وجل الأفلام المغربية لا تلامس القضايا الحقيقية للمواطن والمواطنة المغربية وإنما تاتينا بمواضيع استهلاكية أو اخرى يفرضها منطق الاسترزاق أو منطق اللوبيات الخارجية، بل احيانا مواضيع دخيلة لا علاقة لها بمجتمعنا تضرب انتمائه الوطني والقومي والروحي، إن لم نقل تطعن في شرف الوطن ومقدساته وهويته وقيمه؟ بل تطعن في رجولة الرجل المغربي وفي كرامة المرأة المغربية ونسويتها؟
كيف للسينما المغربية ان تنتعش وهي تعاني من “انفصام الشخصية” وغياب الحرية، بحيث لا تطعن في الثالوث المحرم كما يقال “الدين الجنس والسياسة” إلا الدين (الحيط القصير) وتترك الشأن العام السياسي الذي تنخره الحزبية والرشوة والريع والتسلط وعدم تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ووو؟
كيف للسينما المغربية ان تحقق انتعاشتها ولازالت تعاني من سوء التوزيع (المحسوبية) وسوء الترويح (داخليا وخارجيا) مع رفع صقف التحدي الخارجي، وغياب فضاءات النقاش العامة الا ما كان في المناسبات وبعض المهرجانات؟
كيف للسينما المغربية ان تنتعش ولازالت الثقافة السينمائية حبيسة شلة معينة وبعض النوادي السينمائية المتبقية وصفحات بعض الجرائد ونقاشات بعض السينمائيين والسينفيليين، دون أن تدخل مدارسنا وثانوياتنا وجامعاتنا؟
كيف لسينمانا أن تنتعش ولازالت افلامنا منذ فجر الاستقلال إلى يومنا هذا (إلا قلة قليلة منها) وهي تقدم لنا صورة سوداء عن هذا المجتمع تتغذى عليها وتسترزق منها، دون فسحة أمل أو إبراز وجه مشرق أو انتصار إرادة إنسانية؟
كيف للسينما المغربية أن تنتعش وتنعشنا وصوت الناقد لازال خافتا تتحكم فيه رقابة معينة:”الدعوات” و”المكافآت” و”المحاباة” و”الخوف من الإقصاء” (معنا أو ضدنا) “والخوف من إبداء رأي مخالف” (بمعنى تبني خطاب نقدي أحادي للحصول على لقب الناقد الكبير) وهلم جرا؟
بمعنى لازالت دار لقمان على حالها: نفس المشاكل ونفس الأخطاء ونفس التحديات أمام “علاجات” ترقيعية تفتقد إلى رؤية شاملة وعملية تأخذ بعين الاعتبار كل مدخلات الموضوع ومخرجاته. فقطاع السينما (والثقافة ككل) لا يقل أهمية عن باقي قطاعات المجتمع الحيوية.