بقلم ابو ايوب
عملية طوفان الاقصى بقدر ما اسفرت عنه من خراب و دمار و جرائم حرب يندى لها جبين الانسانية جمعاء ، بقدر ما اثمرت عن نتائج ايجابية شرفت الشعوب العربية من الخليج الى المحيط باستثناء القادة الخنع الركع لغير الله ، فضلا عن تأريخها لأول هزيمة اسرائيلية منذ حرب اكتوبر 1973 مع وجود الفارق ، وقتذاك قادت الجيوش العربية الحرب مع اسرائيل بالاخص الجيشين السوري و المصري ، و احرزت اول انتصار عربي على الجيش الذي لا يقهر
اما اليوم فالفضل كل الفضل راجع للمقاومة الغزاوية مدعومة بمحور المقاومة بكل من العراق و لبنان و اليمن و الضفة الغربية التي تشهد حاليا تمرد الاجهزة الامنية على سلطة الخانع الركوع محمود عباس …ليسجل التاريخ الحديث اول هزيمة مدوية اصابت اسرائيل في مقتل تهاوت على اثرها قوة الردع و توازن الرعب …وضع جديد خلق بالمنطقة الشرق أوسطية اسفر عن نذوب و جراح لن تندمل في المستقبل المنظور ، وضع له تأثير كبير في تحولات الجغرافية السياسية و المخاض الجيوستراتيجي على الصعيد الدولي .
بالتالي يوم السابع من اكتوبر أرخ لميلاد عالم جديد متعدد الاقطاب ، كما وثق لانتصار قطاع صغير حوصر لأكثر من 17 سنة على اقوى و اعتى جيش في العالم ، فأسفر عن ارباك امبراطورية مورغان التي تعيش حاليا على وقع انقسامات حادة بوزارة الخارجية و الحزب الديموقراطي الحاكم ، و عن عجز ربيبتها بالمعنى التاكتيكي و العملياتي و الاستراتيجي في تحقيق اي نصر يذكر .. مسجلا انهيار اقوى قوة عسكرية ضاربة بالشرق الاوسط خلال ساعتين ، فيما نتائجه المباشرة إسقاط اسطورة و فضح خذلان و خيانة و هجرة جماعية معاكسة
بالتالي بدت الصورة عاكسة لوضع جديد على ارض الواقع مغاير لما الفناه و تعودنا عليه سابقا ، فاصبحت أمريكا و معها اسرائيل و من ورائهما المنظومة الغربية ، يعيشون اسوء كابوس لم يعهدوه منذ الحرب الكونية الثانية ، و للحيلولة دون تفاقم الوضع اكثر اعلنوا حالة الطوارئ القصوى ، فارسلوا حاملات الطائرات و المدمرات و الغواصات النووية و القوات الخاصة و نشروا للقبب الحديدية …، أرمادا حربية على شرف قطعة ارض لا تتعدى مساحتها 365 كلم مربع ، و في الاخير أثمر الوضع عن :
* تمدد النفوذ الروسي بآسيا الوسطى و الخليج و الشرق الاوسط و افريقيا ، و اطلاق يد بوتين و التضحية باوكرانيا التي لم نعد نسمع لها انينا
* افساح المجال امام تمدد النفوذ الصيني بالمنطقة العربية و الخليج ، حيث سارعت الصين الى ارسال مدمرتين و قطع بحرية لتعزيز نفوذها بالمضائق و بالابيض المتوسط حيث انتشرت البحرية الامريكية و البريطانية و الفرنسية…
* إسقاط و إقبار إستكمال التطبيع مع الدول العربية التي تدور في الفلك الامريكي ، و وأد اي امل في اعادة احياء المخطط المرغوب فيه لتدجين الدول المطبعة و تهجين شعوب المنطقة ، في الوقت الذي كانت تستعد فيه بلاد الحرمين الشريفين لدخول نادي المطبعين
* فضح خيانة و خذلان المطبعين من الأعراب الذين لم يعد لهم مكان من الإعراب ، وصف ردده ايدي كوهين على مسامعهم فتنادوا مسرعين مهرولين للرقص و الغناء في مهرجان الرياض ، ثم سحبوا خناجرهم و تنافخوا شرفا و صرخوا في وجه المقاومة الغزاوية ان تسكت صونا للعرض ، فما اشرفكم اولاد ا.ل.ق.ح.ب.ة هل تسكت مغتصبة ؟
* هجرة جماعية معاكسة تعيش على وقعها اسرائيل تحت ضربات المقاومة لم تشهد لها مثيلا منذ تاريخ تأسيسها ، أكثر من مليون و مائة الف يهودي هاجروا دون ان يعودوا في الفترة ما بين 2007/2018 ، و هي بالمناسبة الفترة التي ارخت لهزيمة اسرائيل في 2006 ، ٱنضاف لهم اليوم على ضوء طوفان الاقصى 450.000 مهاجر يهودي عادوا الى من حيث أتوا ، فيما الباقون بفلسطين فقدوا كل امل في الحماية و الامن و الاستقرار الذي وعدتهم به دولتهم .
لكن المفزع المقلق و المروع المحدق بالأكثرية الذي يشكل تهديدا وجوديا لاسرائيل ، اصابة اكثر من تسعة مليون اسرائيلي بانهيار عصبي بفعل اقصاف الصواريخ و المسيرات ، فضلا عن العدد المهول للموتى و الاسرى و الجرحى ، دون احتساب الخسائر المادية التي بلغت لحد الساعة اكثر من خمسة ملايير دولار في ظرف شهر من الحرب ، و لا احتساب العجز الكبير في ميزانية الدولة و هروب الرساميل و الشركات…وضع كارثي لا تحسد عليه اسرائيل التي بادرت الى اغلاق مطار بن غوريون تفاديا لتصاعد وتيرة الهجرة المعاكسة..
و مهما تكن النتيجة بعد وقف الحرب على غزة ، أجزم بان المقاومة انتصرت و امريكا احتضرت ، فيما اسرائيل خسرت الحرب منذ اليوم الاول من اندلاع طوفان الأقصى…عملية وثقت فشل اقوى جهاز مخابراتي في التنبؤ بما حصل فجر السبت سابع اكتوبر 2023 ، كما أرخت لأسرع هزيمة عسكرية في تاريخ حروب الجيوش الكلاسيكية ، فضلا عن ترجيح دراسة الاستراتيجية المقاوماتية التي اتبعت من غزة في كبريات المعاهد و الكليات العسكرية
فيما فصل الخطاب و مسك الختام استفاقة الضمير الانساني ، بحيث اصبحت شوارع المدن العالمية تكتض بملاين المتظاهرين ، و تعج بمسيرات المنددين الشاجبين المنادين بوقف الحرب و تحرير فلسطين ، فلسطين التي عادت بقوة الى صدارة الاحداث العالمية ، و عودتها تسببت في انقسامات و استقالات لم يسلم منها اي بلد غربي و شرقي و عربي على حد سواء ( البرلمان البريطاني و الاسترالي و الكونغريس الامريكي و الجمعية الوطنية الفرنسية…)
و المحصلة العدوى تطال حكومات غربية كالحكومة البلجيكية التي خصصت خمسة ملاين يورو لمحكمة الجنايات الدولية ، من اجل فتح تحقيق في جرائم حرب ارتكبتها اسرائيل بغزة و حظر دخول قادتها و بضائعها الاراضي البلجيكية ، موقفها هذا جاء تعزيزا للموقف الجزائري و الروسي المطالب بتقديم قادة اسرائيل للمحاكمة الدولية بتهمة جرائم حرب و ابادة جماعية
فهل تقوى امبراطورية مورغان على تحمل تكلفة الحرب على غزة لا سيما الجانب الانساني منها ؟ و كم من وقت يلزمها لتغيير الوضع الحالي لاسرائيل و قلب الموازين لصالحها ؟ بكل تأكيد قلب الموازين مهمة مستحيلة و ذلك لعدة اعتبارات احصرها في حالتين :
– اسقاط مفخرة المسيرات الامريكية MQ9 المتعددة المهام في المياه الاقليمية اليمنية بالبحر الاحمر ، مسيرة يبلغ ثمنها 32 مليون دولار أمست اثرا بعد عين
– وصول المسيرات اليمنية لمدينة إيلات المنفذ البحري الوحيد لاسرائيل على البحر الاحمر و شريان تجارتها مع بقية دول العالم
