أخبار وطنيةالواجهةمجرد رأي

هل فاكهة الخصية مفخرة أم مهزلة ؟

بقلم أبو ايوب : 2024/4/14

لا تترك مخيالك يذهب بك بعيدا و تظن بنا الظنون … فالأمر يتعلق فقط بالإنجاز الفلاحي الذي حققه المغرب مؤخرا … فلأول مرة منذ إقامة مشاريع زراعية لإنتاج فاكهة الخصية بالمغرب ، يتم الإعلان في بيان رسمي يتغنى بمفخرة مغربية تم بموجبها بلوغ حجم صادرات المغرب من فاكهة الخصية إلى مستوى قياسي سنة 2023 بمعدل 40 الف طن مع تسجيل زيادة في الإنتاج بنسبة 20٪ قياسا بالسنة لما قبلها … ومن المتوقع ارتفاع صادرات المغرب من الأفوكا إلى 60 ألف طن سنة 2024 … منتوج موجه بالأساس إلى السوق الأوروبية … ولأول مرة كذلك استطاع المصدرون المغاربة غزو السوق الرومانية …

إنجاز مبهر ينضاف إلى البالمريس المغربي وجب التنويه به … لكن كيف للمفخرة أن تتحول إلى مسخرة ؟
تقرير المعهد الهولندي للصحة العامة و البيئة، خلص إلى أن كل كيلوغرام من فاكهة الخصية ، يتطلب توفير 729 لترا من مياه الري، أي بمعنى أن 40 ألف طن التي أعلن المغرب عن تصديرها للخارج بعائدات مليار و 200 مليون درهم ( 120 مليون دولار ) … استنزفت 30 مليار لتر من الفرشة المائية في الوقت الذي يعيش البلد على وقع جفاف لم يشهده منذ أكثر من 100 سنة … و هي بالمناسبة كمية كافية لملئ 12 ألف مسبح أولمبي … كمية كافية لسد احتياجات ساكنة أكبر مدينة في المغرب مساحة و تعدادا سكانيا، الدار البيضاء ، من الماء الشروب لمدة شهر و نيف ، أي ضمان الماء الشروب لحوالي عشرة ملايين نسمة عدد سكان المدينة و ضواحيها
فيما مجلة هيدرولوجيا و علوم نظام الأرض خلصت إلى أن استهلاك كل كلغ من فاكهة الخصية يتطلب زهاء 2000 لتر من مياه الري … أي بمعنى أن 40 ألف طن حجم صادرات المغرب من فاكهة الخصية ، استنزفت 80 مليار لتر من الماء … 800 مليون متر مكعب من الماء في زمن الجفاف …

أزمة الجفاف تفرض بالحاح التعاطي بعقلانية مع مشكلة نذرة مياه الشرب و بعض مسبباتها و على رأسها المنتوجات الأكثر استهلاكا للماء، فضلا عن وجوب استحضار ما تعيشه عدة مدن و مناطق بالمغرب (جلب الماء في البوادي من مناطق بعيدة في حالة توفره/ انقطاعه في الصنابير مراكش مثال/ أعطاب عطلت عمل محطات تحلية مياه البحر آسفي مثال) …

كاذب و مضلل من يوهم المغاربة بأن نذرة المياه في المغرب هي ظاهرة طبيعية لا دخل للانسان فيها … وبأن الأمر يتعلق بمشيئة ربانية يعاقب بها عبده الطالح و يهب الوفرة لعبده الصالح و كلنا عبيد الله … وكما هو صحيح هذا بصيغة من الصيغ … صحيح أيضا أن جشع المستثمرين الأجانب و أكثريتهم إسرائيليون و بعض المغاربة ساهموا بقدر كبير في استنزاف الأنهار “أم الربيع” و الوديان و المياه الجوفية, و لولا الألطاف الإلاهية و نزول المزن من السماء لحدثت كارثة … همهم الوحيد التركيز على الصادرات الزراعية الأكثر استهلاكا للماء و الأوفر غدقا للعملة الصعبة بهدف تحقيق أرباح خيالية يكدسونها في البنوك الأجنبية و الملادات الآمنة … طمع فاق الحدود على حساب المصلحة العامة للمغرب كوطن و شعب … واليوم يعاني القطاع الفلاحي الأمرين بسبب هذا التوجه الأرعن ، و السياسة العرجاء التي تم اعتمادها في القطاع الفلاحي، فبدل الإقتصار على تأمين الأمن الغذائي للمغاربة ، فضلوا توجيه البوصلة تلبية لاحتياجات الأوروبيين و بعض الدول الإفريقية و روسيا و دول شرق أوروبا …
سياسة أسفرت عن كوارث و مصائب و فصائح بالجملة فاقت كل التوقعات، إذ بلغت حد اللجوء إلى المياه العادمة بعد استنزاف الفرشة المائية في زمن شح التساقطات المطرية و ارتفاع الحرارة و ما بواكبها من تبخر المياه …
حقيقة وضع قاد في نهاية المطاف إلى فرض حصار على بعض أنواع الإنتاج الفلاحي من قبيل :

رفض إسباني لصادرات المغرب من فاكهة الفراولة بعد اكتشاف احتوائها على فيروس الالتهاب الكبدي صنف A ، رفض شمل الفلفل بسبب احتواءه على مواد كيماوية بنسب عالية مسرطنة .

السوق الأوروبية تقاطع المنتوج المغربي من البطيخ الأحمر بعد اكتشاف طعمه و مذائقه الغير مألوف … و بعد البحث و التحقيق خلصوا في النهاية إلى أن البذور المستعملة في إنتاجه لا تتوافق مع المعايير الأوروبية، في إشارة إلى المواد المعدلة جينيا (O.G.M) .

رفع موريتانيا من قيمة الرسوم الجمركية على الصادرات الفلاحية المغربية بنسبة 171٪ ، دفع بالمصدرين إلى توجيه حمولة الشاحنات إلى الأسواق المغربية … بالتالي انخفضت الأسعار و تقلصت مداخيل المستثمرين
موريتانيا اليوم محط استثمارات كندية و أمريكية و دول أوروبية في القطاع الفلاحي … تربتها الرملية و احتياطاتها الكبيرة من المياه الجوفية و طقسها المعتدل قرب السواحل و الحار بالمناطق الداخلية ، جعل منها وجهة مفضلة لإنتاج البطيخ الأحمر المنافس بقوة للمنتوج المغربي في الأسواق الأوروبية من حيث الجودة …

هجرة سرعان ما تتبعها نزوح شبه جماعية لمزارعي البطيخ المغاربة … على إثر استنزاف الفرشة المائية بمنطقة زاكورة مثالا لا حصرا .

كما تجدر الإشارة كذلك إلى رفض عدة دول لاثينوأمريكية على رأسها الأرجنتين، استثمارات إسرائيلية لإنتاج و تصدير فاكهة الخصية حفاظا على أمنها المائي، في الوقت الذي شرعت الأبواب على مصراعيها أمام هذه الإستثمارات في بعض الدول المطبعة كمصر و الأردن من قبل و المغرب بالأمس القريب … فماذا كانت النتيجة ؟
استنزاف مياه غور الأردن و نهره و وادي عربة في سقي واحات نخيل تمور المجدول (المجهول بحسب التسمية المغربية)، استنزاف بلغ حد تهديد الأمن المائي للشعب الأردني، أمن أمسى رهن بيد إسرائيل بعدما كان أمنها المائي مرهون بمياه نهر الأردن …

تسارع وتيرة استنزاف مياه الأنهار و الفرشة المائية بالمغرب لم تسلم منه حقينة السدود بفعل التشجيع على زراعة الذهب الأخضر على ضفاف النهر، عفوا فاكهة الخصية المعروفة عالميا بالأفوكادو بحسب تسمية بلد المنشأ و الزراعة (الدول اللاثينوأمريكية) .

خلاصة القول من كل هذا، تحول المغرب من بلد منتج و مصدر للفراولة و البطيخ الأحمر و فاكهة الخصية .. إلى بلد مصدر للماء ضمن سياق متطلبات المنتوج الأكثر استهلاكا لهذه المادة الحيوية .

و قد صدق بالفعل عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذي أشار إلى هذه الحقيقة بمناسبة استضافته على موقع الجديدة نيوز و موقع بديل |ن لم تخني الذاكرة، وكان بالفعل صدوقا مع متابعيه و صادقا مع نفسه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى