بقلم ابو ايوب
في ظرف 67 سنة مرت منذ مغادرة فرنسا المغرب من الباب الواسع …تعاقب على قطاع التعليم 33 وزيرا اي بمعدل وزير كل 22 شهرا و نصف الشهر …اولهم الوزير محمد الفاسي واخرهم شكيب بن موسى وزير الداخلية الاسبق و سفير المغرب سابقا بفرنسا ، مقابل هذا الكم الهائل من الوزراء ..سجلت 14 محاولة لاصلاح التعليم بمعدل محاولة اصلاح كل اربع سنوات لم تحقق اي منها اهدافها …اول محاولة كانت سنة 1957 اطلق عليها اسم اللجنة الملكية لاصلاح التعليم فيما اخرها سميت بالرؤية الاستراتيجية 2015-2030 ، بالتالي لن أسرد التفاصيل ايمانا مني بأن الأمور بخواتمها و ليس بتفاصيلها المملة بعض الاحيان …
كل هذا يعني ان الخلل الحقيقي ليس في الاعطاب التي حاولت الاصلاحات تصحيحها ، و لا في المسؤولين الذين تعاقبوا على رأس قطاع التعليم ، بل هي ازمة بنيوية لنهج سياسي اقر بأن التعليم يشكل خطرا و عبئا ثقيلا على المنظومة السياسية و الاقتصادية بشكل عام ، بالتالي اصبح لزاما على النظام السياسي الحفاظ على كل اعطاب التعليم و اختلالاته بهدف خلق اجيال معطوبة و مختلة قابلة لاختلالاتها بل و مندمجة فيها و متعايشة معها حد التطبيع مع الفشل
اجيال راضية بما يقدم لها من منتوج تعليمي و ما ينتج عنه من قتل للطموح و النبوغ و روح التحرر و التمرد على القيم البائدة ، مخطط احبك بخيوط رفيعة تحت عناوين براقة جذابة ، فكانت بداية زرع البذرة في مناظرة افران الثانية سنة 1980 بقرار سياسي واضح …قرار أثمر في النهاية اليوم بالبغرير و غرييبة… بل وصلت عبقرية البعض حد تلطيخ استمارة التلميذ بخانة دخيلة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، خانة الجنس بعدما كانت مقتصرة على ذكر او انثى… شملت اليوم فصيلة ثالثة (شيئ اخر) ، و من المنتظر ان تتفتق عبقرية المخطط لهذه النماذج الشادة عن المألوف لتشمل البيصارة و الرفيسة و تمبصلت و المعقودة ..فمن يدري؟
اما بعث الروح في اصلاح التعليم المتعثر و استمراره على قيد الحياة و صنع اطره و نخبه ، هي عملية تختمر في جهة اخرى يراد لها البقاء بعيدة عن الانظار ، جهة تستقطب ابناء و بنات النخبة الحاكمة المطعمة بابناء و بنات النخب السياسية الشريكة في مسلسل الفساد التي فاحت روائحه النثنة و الافساد المتطلع اليه ، بالتالي اصبح يقينا بأن ما يطبق في المغرب هو استنساخ عكسي عملي و مثقن مدروس بعناية فائقة لنظرية غانتر انديرس في كتابه L’ obsolescence de l’homme الذي نشره سنة 1956 , و هذا ما بات يعرف بنظرية الخنزير بدل ترويض القطيع .