أليس فيكم رجل رشيد ؟
ابو نضال
عملية شد الحبل بين رجال و نساء التعليم و الوزارة الوصية لا تزال مستمرة لمدة تقارب الشهرين على التوالي . و السبب هو النظام الأساسي السيئ الذكر . فالنقابات التي حضرت المفاوضات تتدحرج مواقفها بين قبوله كمكاتب وطنية و رفضه كفروع او كفئات .
و لما خرج الأمر من بين يدييها و أصبح الشارع هو المحدد الرئيسي لتمثيلية الشغيلة التعليمية تراجعت هي الأخرى عن قبول هذا النظام الذي لن يصل الى القداسة لكونه ليس وحيا منزلا ،و انما هو اجتهاد بشري على كل حال قد يصيب و قد يخطئ.
الانقلاب على بن موسى من طرف الشركاء الاجتماعيين دفع برئيس الحكومة الى دعوة النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية داخل القطاع . و تدارسوا الوضع العام من اجل الخروج من حالة الاحتقان . و بالفعل تعهد اخنوش بتجويد النظام . هذا التعهد حدا ببعض مكونات التمثيلية النقابية داخل القطاع الى الدعوة الى تعليق الاضراب.
فمثلا أصدرت احدى النقابات بيانا تدعو فيه الأساتذة الى الالتحاق بالأقسام . نفس النقابة سيؤكد رئيس مركزيتها خلال البرنامج التلفزي “مع الرمضاني ” بتبني قرار الدعوة الى تعليق الاضراب خدمة للمدرسة العمومية و للتلاميذ . و بعد ذلك مناقشة مطالب رجال و نساء التعليم المشروعة . خصوصا و ان رئيس الحكومة تعهد بتجويد النظام . و على الجميع الثقة بتعهدات رئيس الحكومة. و هو نفس الخط الذي سارت عليه نقابة أخرى .
للإشارة فثلاث نقابات من الخمسة الأكثر تمثيلية داخل القطاع (ام ش – FNE التوجه الديمقراطي – كدش – اع ش م – فدش) غير مشاركة في الاضراب و تدعو الى تعليقه . لكن الأغلبية الساحقة تشارك في الاضراب و في الوقفات . و هذا الواقع افرز واقعا جديدا هو ان الشغيلة التعليمية فقدت الثقة في النقابات .و أسست لنفسها تنسيقيات تدافع عن المتضررين من الأنظمة الأساسية التي اجهزت على مجموعة من مكتسباتهم .
رئيس الحكومة اقدم على خطوة ثانية حيث جمع اغلبيته للتداول في الامر و انهاء حالة الاحتقان. و لم يتحدث أي مكون من الأغلبية الحكومية عن اسقاط النظام و اعادته للمناقشة بما يرضي كل الفئات المتضررة . علما ان كل مكون له مناضلون يشتغلون بالتعليم .
وزير العدل هدد رجال التعليم . و الحكومة ممثلة في وزارة بنموسى نفذت الوعيد القاضي بالاقتطاع من الاجر تنفيذا لقرار العاطل الذي يتقاضى سبعة ملايين :” الأجر مقابل العمل” (علما أن المحكمة الإدارية قضت بعدم قانونية الاقتطاع من أجور المضربين و لم يمتثل لقرار المحكمة ابان ولايته الحكومية). و جاء المسؤول المركزي الجديد عن الموارد البشرية ليؤجج الاحتقان بتدخله الغير مسؤول لينتهي امر الوعيد ب تعنيف المحتجين . (انظر الصورة ) . و التي تعتبر وصمة عار في جبين كل مكونات الحكومة و مناضليها .
لقد كان بالإمكان ان لا نحرم أبناء الفقراء من ممارسة حقهم في التعليم . و ذلك باتخاذ قرار جريء يقضي بإسقاط النظام الأساسي الذي تبين منذ الوهلة الأولى تضمنه لمجموعة من الاختلالات . و التي ابرزتها الفئات الكثيرة المتضررة . هي التي علقت كل امالها و منذ سنين على نظام أساسي يضمن المساواة بين مكونات هيئة التدريس . و يضمن الترقي لكل الفئات . و قبل كل هذا يضمن الكرامة للذي كاد ان يكون رسولا .
فالثقة التي يتحدث عنها اخنوش و مريديه تبتدأ بإسقاط النظام الاساسي . و هذا تعبير عن حسن النية بإعادة مناقشته يتضمن الحقوق و المكتسبات المطالب التي اعلن عنها المتضررون ، و بإشراك جميع مكونات الشغيلة التعليمية قصد الخروج بنظام يحظى بالإجماع .
و لإنهاء الازمة التي عمرت طويلا و الخاسر فيها أبناء البسطاء بطبيعة الحال أتوجه الى المكلفين بتدبير الشأن العام ( حكومة – اغلبية حكومية – وزارة ) و الى الجسم النقابي الذي سيجتمع غذا الاثنين (27/11/2023) و ادعو الجميع الى التحلي بالشجاعة الأدبية و المطالبة بإسقاط النظام الأساسي . و ما عدا هذا الامر فالاحتقان سيطول و يهدد بسنة بيضاء لن تمحوها تدخلات وهبي و اضرضور و تعنيف الأساتذة المحتجين. و أقول ما قاله الحق سبحانه في سورة هود (الاية78) :” أليس منكم رجل رشيد ؟”
و الرجل الرشيد هو من يقول لأخنوش ووزيره في التعليم كفى ضياعا لأبناء الشعب . كفى هدرا للزمن المدرسي . كفى هدرا للمال العام . و خالة الاحتقان ستنتهي بإسقاط النظام الأساسي .