عالم السياسةمجرد رأي

انخفاض منسوب نضال أعضاء حزب العدالة والتنمية وحيرة أمينه العام عبد الإله ابن كيران

انخفاض منسوب نضال أعضاءحزب العدالة والتنمية و حيرة أمينه العام عبد الإله ابن كيران ( الحلقة الأولى)
* عبد المولى المروري

ظهرت على عبد الإله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية حيرة كبيرة وهو يخاطب أعضاء الحزب بالعاصمة الإسماعيلية، مدينة مكناس.. ولم يخف انزعاجه وتضايقه من حالة الركود والضعف النضالي الذي بدا عليه عموم أعضاء الحزب على المستوى الوطني عامة، وفي مدينة مكناس خاصة..
حاول ابن كيران أن يبحث جاهدا في أسباب هذا الانحصار والتراجع الذي أضحى السمة الكبرى التي تهمين على واقع الحزب وأعضاءه، وأسباب الانتكاسة العظيمة التي مني بها في انتخابات 8 شتنبر 2021.. فلم يجد ذلك إلا في قيادة الحزب آنئذ وسوء تدبيرها لتلك المرحلة، التي حملها الجزء الأعظم من المسؤولية، والتي انتهت بتقديم استقالة جماعية، مضيفا ألا مبرر بعد ذلك ليبقى أعضاء الحزب واقفين عند تلك المحطة بعد زوال أسباب تلك الانتكاسة.. خاصة بعد توليه قيادة الحزب..
فهل الأسباب الحقيقية لانخفاض منسوب النضال لدى عموم أعضاء حزب العدالة والتنمية راجع بالأساس إلى هزيمة 8 شتنبر وسوء تدبير قيادة المرحلة لشؤون الحزب حينها؟ أم إن هناك أسباب أخرى أكثر عمقا وجدية ينبغي الحديث عنها والوقوف عندها بكل مسؤولية وجدية وشجاعة؟
قبل الخوض في مغامرة مناقشة هذا الموضوع الشائك والمحفوف بالمخاطر السياسية، الإشكالات الفكرية، والأزمات التنظيمية، أحب التنويه إلى ملاحظتين يكتسيان أهمية خاصة بالنسبة إلي:
الملاحظة الأولى: إن الموضوعية والنزاهة الفكرية أمران ضروريان في المناقشة والتحليل، لذلك لا يجب أن يتوهم البعض أنني أدافع عن فترة وتجربة سعد الدين العثماني، أو أنني أعارض فترة وتجربة عبد الإله ابن كيران بطريقة ميكانيكية، بل كان لي في كلا التجربتين ملاحظات إيجابية اقتضت دعمها وتأييدها، وملاحظات سلبية اقتضت انتقادها أو معارضتها، أقول ذلك منعا لأي مزايدة من هنا، أو حساسية من هناك. فأما مرحلة سعد الدين العثماني فقد دافعت عنها خلال الشهور الأولى فقط بما يقتضيه الواجب الأخلاقي قبل التضامن الحزبي، وذلك لإفساح المجال لحكومته التي قادها في فترة عصيبة وصعبة من منطلق إحسان الظن، ودعم التجربة لعلمي بصدق طوية وحسن نية وزراء الحزب حينها.. ولكن ما فتئ دعمي لها، ومع توالي الأيام والشهور، يتحول إلى انتقاد، ثم إلى معارضة، بشكل مطرد مع مختلف القرارات والتوجهات التي اختارتها الحكومة فيما تبقى من عمر ولاية حكومته.. وانصبت معارضتي وانتقاداتي أساسا على واقع حقوق الإنسان، وذلك منذ اعتقالات شباب حراك الريف، ومرورا باعتقال حميد المهداوي وتوفيق بوعشرين، وسليمان الريسوني وعمر الراضي، وكل ضحايا حرية الرأي والتعبير خلال تلك المرحلة.. ثم اسمرت معارضتي بمناسبة قانوني القنب الهندي وقانون الإطار الذي يهمش اللغة العربية لفائدة اللغة الفرنسية، وانتهاء بالتوقيع على الاتفاقية الثلاثية والتطبيع مع الكيان، حيث بلغت مقالاتي ومواقفي ذروتها في الاحتجاج والمعارضة، وكتاباتي ومحاضراتي ما تزال شاهدة على ذلك.. وللأسف الشديد، انتهت المرحلة بأن قاطعني أحد كبار وزراء الحزب وأحد قياداته التاريخية بسبب بعض المقالات التي انتقدت فيها واقع حقوق الإنسان، كما وصلني غير ما مرة انزعاج بعض أعضاء الأمانة العامة من مجموعة من المحاضرات التي ألقيتها خلال رمضان الذي تزامن مع شهر ماي لسنة 2020.. وتم تناول ذلك في أحد لقاءات الأمانة العامة..
الملاحظة الثانية: تعود وقائع هذه الحادثة إلى سنة 2012، حيث نظمت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة التنمية بالرباط نشاطا مفتوحا لعموم أعضاء الحزب في قاعة المهدي بن بركة، لمناقشة واقع الحزب، وكان من تأطير الأستاذ عبد الإله ابن كيران، وتسيير جواد الشفدي ( الذي كان حينها ما يزال عضوا بالحزب)، وكنت من بين أول المتدخلين، وتناولت في كلمتي أسباب انخفاض المنسوب النضالي لعموم أعضاء الحزب حينها، وقدمت على ذلك ثلاث مؤشرات، احتفظت ذاكرتي باثنين فقط، الأول: غياب وجودهم المطلق في كل ما يتعلق بقضايا الناس ذات الطبيعة الاجتماعية كالفقر وتجاوزات السلطة، أو ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.. الثاني: انخفاض عدد المناضلين في جل المسيرات أو الوقفات التي تهم القضية الفلسطينية.. وبينما أنا بصدد تفسير الظاهرة مستعرضا أسبابها ومقترحا علاجها، قاطعني ابن كيران وطلب مني المرور إلى نقطة أخرى على اعتبار أن فكرتي واضحة بما يكفي، وعلي الاكتفاء بما ذكرت، علما أنه ليس هو من يسير اللقاء، فما كان مني إلى أن أجبته أن كلامي موجه إلى عموم الحاضرين في القاعة، وفي نظري ما تزال فكرتي تحتاج إلى بعض التوضيح ضمن الزمن المخصص لمداخلتي.. إلا أن الأستاذ ابن كيران قاطعني بلغة فيها حدة مفرطة تقترب من القمع.. فأصررت على مواصلة كلمتي بالشكل الذي أراه مناسبا.. فاحتد النقاش وتوتر الجو بطريقة غير متوقعة وغير مفهومة، لمجرد أنني أردت التوسع في نقطة مهمة متعلقة بظاهرة انخفاض منسوب النضال لدى أعضاء الحزب، وهي القضية نفسها التي يشكو منها اليوم السيد الأمين العام..
ودون الخوض فيما وقع ليلتها وما أعقب ذلك الحادث، ربما أترك ذلك إلى مناسبة أخرى، المهم، وبعد أزيد من عشر سنوات، ها هو السيد الأمين العام الأستاذ عبد الإله ابن كيران يقف عند كلامي وملاحظتي التي تقدمت بها في ذلك اللقاء العابر.. ربما كان عابرا في اعتقاد ابن كيران وغالبية الأعضاء، ولكنه كان لقاء نبهت فيه إلى أزمة متربصة وكامنة، وقادمة لا محالة، تتسلل في أوصال الحزب، وتتسرب عبر قنواته التنظيمية، وعقول أعضاءه غير المحصنة فكريا وثقافيا بما يكفي، وتؤثر سلبا على حركيته ونضالاته، جزء من هذه الأزمة تنظيمي، وجزء منها أخلاقي، وجزء آخر هو الأخطر كان فكريا وسياسيا.. وكانت قيادات الحزب حينها وقبلها، وإلى اليوم.. تتحاشى الخوض فيها!!
فهل ما ذكره الأستاذ عبد الإله ابن كيران من كون فتور أعضاء الحزب وانخفاض منسوب النضال راجع بالأساس إلى انتكاسة 8 شتنبر وسوء تدبير قيادة الحزب لتلك المرحلة؟ أم هناك أسباب أخرى حقيقية وعميقة حان الوقت لإثارتها ومناقشتها بكل ما يلزم الأمر من وضوح ومسؤولية وجرأة وشجاعة؟ * عبد المولى المروري عضو حزب العدالة والتنمية.

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى