بن سعيد عاش مناضلا و مات شامخا
ابو نضال
اعلن الامين العام للحزب الاشتراكي الموحد في تدوينة له عن وفاة المناضل الوطني و اليساري المحنك في الساعات الاولى من صباح يوم الثلاثاء سادس فبراير2024 بالمستشفى العسكري بالرباط . و سيوارى جثمانه الثرى يوم غذ الاربعاء بمقبرة الشهداء بالبيضاء. و إذ نقدم تعازينا الحارة الى كل مكونات الشعب المغربي و الى عائلته الصغيرة و الى رفاقه بحزب اليسار الاشتراكي الموحد في فقدان هامة من هامات السياسة الوطنية . فلا بد من اعطاء نبذة تعريفية بالمعرف الذي يحتاج الى تعريف.
ولد محمد بن سعيد آيت إيدر يوم حوالي 1925 في احدى قرى منطقة أشتوكة آيت باها جهة سوس جنوب المغرب. و تلقى تعليمه في عدد من مدارس منطقة سوس العتيقة، ثم انتقل الى مراكش ليتابع دراسته في جامعة ابن يوسف، المؤسسة الشهيرة التي خرجت العديد من عناصر النخبة الوطنية . هناك سيلتقي مجموعة من القيادات الوطنية من أمثال عبد الله إبراهيم و الحبيب الفرقاني و الفقيه البصري . الشيء الذي جعل الاصطدام قائم مع الباشا الكلاوي.
انخرط بنسعيد و هو شاب بقوة في العمل المسلح بمشاركته في قيادة فرق جيش التحرير وتكوين خلايا المقاومة. وفي هذا السياق، تولى في بداية الخمسينيات منصب المسؤول السياسي لقيادة جيش التحرير في الجنوب. وأرخ لهذه المرحلة من حياته في كتاب صدر عام 2001 بعنوان “صفحات من ملحمة جيش التحرير بالجنوب المغربي”.
ومع السنوات الأولى للاستقلال، بدأت الهوة تتسع بين عدد من المناضلين اليساريين وقياديي جيش التحرير من جهة والنظام الحاكم من جهة أخرى، وخصوصا ولي العهد آنذاك الحسن الثاني الذي تولى العرش بعد وفاة والده محمد الخامس عام 1961.
فتعرض السي بن سعيد للاعتقال سنتي 1960 و 1963 . و بعد ذلك غادر إلى الجزائر حيث كان يتواجد هناك مجموعة من قياديي جيش التحرير و بالخصوص الفقيه البصري الذي تربطه به صداقة وثيقة مند سنوات الدراسة في جامع بن يوسف بمراكش . حيث صدر في حقه حكم غيابي بالإعدام عام 1964بتهمة المشاركة في مخططات تخريبية لزعزعة النظام.
انتقل بعد ذلك إلى فرنسا كلاجئ سياسي . و قاد منظمة “23 مارس” ذات التوجه الماركسي اللينيني. التي أسست غداة الاحداث الدامية بالمغرب في 23 مارس 1965 .
و بعد إصرار الجزائر في معاكسة المغرب في قضية الصحراء جهر بالقول بان الصحراء مغربية و لا يحق للجزائر ان تكون وصية على الوحدة الترابية للمملكة و لا على تقرير المصير .فصدر في حقه عفوا من طرف الملك الحسن الثاني. و يقرر العودة الى ارض الوطن سنة 1981 .
بعد استقراره بالمملكة الى جانب ثلة من رفاقه ممن يبادلونه نفس التوجه و ممن ذاقوا معه عذاب الاغتراب و السجن تم تأسيس جريدة انوال .و هذه المجموعة هي التي ستؤسس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي التي ستنال الاعتراف من وزارة الداخلية التي يقودها ادريس البصري ، كحزب سياسي له جميع الحقوق التي يضمنها القانون . و الحزب يضم مناضلي منظمة 23 مارس اليسارية المحظورة و الطلبة الديمقراطيين . و انتخب أمينا عاما لها.
انتخب نائبا برلمانيا باسمها في الانتخابات التشريعية لسنة 1984 . و تعرضت المنظمة للتفتيت مباشرة بعد موقفها من دستور1996 . رفض دخول حكومة التناوب بل ظل مساندا لرفيقه عبد الرحمان اليوسفي تحت شعار ” المساند النقدية” وبعد ذلك عمل على تجميع أحزاب اليسار في المرة الأولى و المرة الثانية لتعود التسمية هي الحزب الاشتراكي الموحد .
و ايمانا منه بالديمقراطية و تجديد النخب امضى ولايتين في الأمانة العامة و بعد ذلك فسح المجال لمكونات حزبه كي تتولى تدبير الحزب الاشتراكي الموحد ( مجاهد – منيب – العسري) لكنه ظل مناضلا وطنيا يساريا الى ان وافاه الاجل المحتوم فجر هذا اليوم .
وباسم المنظمة داخل البرلمان ، كان وجها بارزا حيث أثار القضايا الأكثر حساسية حساسة كطرح قضية معتقل تازمامارت التي كانت من قبيل المسكوت عنه. و رفع الإقامة الجبرية على عبد السلام ياسين . و عودة السرفاتي الى ارض الوطن . و ساهم إلى جانب أحزاب وطنية أخرى في تأسيس الكتلة الديمقراطية عام 1992 ، وهو التحالف الذي كان له دور ضاغط على الإصلاحات في أواخر عهد الحسن الثاني.
فرحم الله سي محمد بن سعيد . و جازاه الله لما قدم للوطن و للشعب المغربي .
تغمد الله الفقيد بالرحمة و الغفران و ادخله فسيح الجنان و الهم دويه الصبر و السلوان و انا لله و انا اليه راجعون .