أسرار أغنية “ست الحبايب”
رغم مرور سنوات كثيرة قاربت الـ66 عامًا على إنتاج أغنية “ست الحبايب” التى لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وغنتها فايزة أحمد وكتب كلماتها حسين السيد، إلا أنها ما زالت حتى يومنا الحالى هى الأكثر تعبيرًا عن الحب لأمهاتنا عبر العقود التى مرت، لما فى كلماتها وألحانها من مشاعر صادقة وأحاسيس مرهفة تلامس قلب أى شخص بمجرد سماعها، وقام بإعادة غنائها وتقديمها الكثير من الفنانين، إلا أن أى منهم لم يجرؤ على إعادة توزيعها أو تغيير أى شىء فيها، فأصبحت ذات قدسية لا يمكن لأنصاف الفنانين الاقتراب منها، لما تتطلبه من قدرة على عكس المشاعر التى تحملها هذه الأغنية.
لكن الكثيرون منا لا يعرف حقيقة إنتاج هذه الأغنية والقصة وراء ظهورها، الذى لم يتعد الـ24 ساعة، لتعيش لأكثر من 60 عامًا.
📷
ففى مساء يوم 20 مارس من العام 1958، ذهب الشاعر الكبير حسين السيد لزيارة والدته فى منزلها بعد عناء يوم شاق وطويل من العمل وعقب صعوده الطوابق الخمسة متجهًا لشقة والدته فى الطابق الأخير، اكتشف أنه نسى شراء هدية لأمه كى يقدمها لها فى عيدها بعد يوم، ونظرًا لشعوره بالتعب والإرهاق فلم يبادر بالنزول مجددًا للشارع وشراء هدية، لذا هداه تفكيره لحيلة يهدى بها والدته.
فأخرج الشاعر الكبير ورقة وقلمًا من جيبه وجلس على السلم أمام الشقة يكتب كلمات يعبر فيها عن حبه وتقديره لأمه، ويقدمها لها فور أن تفتح له باب الشقة.
انتهى الشاعر الكبير من الكلمات، وطرق باب الشقة وقدم الكلمات لأمه التى قرأتها وبكت فرحة من تأثرها بها، فقد مست شغاف قلبها وعبرت عن مشاعر ابن بار ومحب لها، وسألت ابنها هل هذه الكلمات لها أم أنها أغنية جديدة من تأليفه؟
قال لها إن هذه الكلمات لها وحدها فقط وليست أغنية، لكنه زاد فى وعوده لها وقال إنها لو رغبت فى أن تكون أغنية فسيكون ذلك خلال ساعات وبصوت أجمل المطربات فوافقت.
وعلى الفور وهو ما زال فى شقة والدته، اتصل الشاعر الكبير بالموسيقار محمد عبد الوهاب وروى له القصة، وقرأ عليه الكلمات واكتشف بعد الانتهاء من قراءتها أن عبد الوهاب سجلها فى ورقة عنده، ووعده الأخير بتلحينها ليكتشف الشاعر الكبير فى اليوم التالى هو ووالدته بالأغنية تذاع فى الإذاعة المصرية وبصوت فايزة أحمد.
اندهش حسين السيد واتصل بعبد الوهاب مستفسرًا عما حدث، فقد ترك له الأغنية منتصف الليل واكتشف فى الصباح بثها فى الإذاعة، فقال له عبد الوهاب إنه أعجب بالكلمات ولحنها فى 15 دقيقة، واتصل بفايزة أحمد ودعاها على الفور للتدريب على اللحن.
وكانت الأقدار تحيط بالجميع فقد حفظت المطربة الكبيرة الكلمات بسهولة وأدت البروفات بسلاسة ويسر حتى مطلع الفجر، ومع إشراقة صباح يوم 21 مارس، وهو عيد الأم، كانت فايزة أحمد فى الإذاعة المصرية تسجل الأغنية لتبث فى العاشرة مساء نفس اليوم، وتنطلق عبر الأثير فى سماء العالم العربى لتحفر اسمها بحروف من نور فى أذهان وذاكرة الجماهير.
الشاعر حسين السيد