الواجهةثقافة وفنون ومؤلفاتمجرد رأي

حوار حول كتاب إشراقات قرآنية/ تأملات في سورة الفاتحة مع صاحب الكتاب الأستاذ الفاضل نورالدين الهادي

أجرى الحوار : الدكتور عبد الله صدقي ( مراسل صحافي للجديدة نيوز )

تقديم للكاتب :

. الأستاذ نورالدين الهادي من الأطر العليا في مؤسسة عمومية .
. رجل ذو تخصص في المجال الإقتصادي والإداري، متقاعد .
. محاضر حول منهج القرآن الكريم في التربية وتدبر وتفسير القرآن الكريم .
. شارك في العديد من المؤتمرات الدولية، وألقى محاضرات حول قضية الوحدة الترابية للمملكة .
. عضو مؤسس للائتالف العالمي لدعم الأقصى وفلسطين ،
. مشارك في ندوات ومحاضرات دولية من بينها القضية الفلسطينية، له عدة مقالات حول قضايا وطنية
وقضايا الأمة .

ترحيب :

نرحب بكم أستاذنا الفاضل نورالدين الهادي، على قبولكم إجراء هذا الحوار، حول مؤلفكم الجديد مع
جريدة الجديدة نيوز، مهنئين إياكم على هذا الكتاب الجديد، الذي أصدرتموه، تحت عنوان (إشراقات
قرآنية، تأمالت في سورة الفاتحة)، وهو كتاب يضم 221 ص .

س 1 : أستاذنا الكريم، نبدأ معكم بالسؤال الفلسفي، لماذا الكتابة ؟
ج 1 : في البداية لا بد من توجيه الشكر والامتنان لكم، ولموقع وجريدة الجديدة نيوز على الدور الإعالمي الذي
تقوم به، كذلك أقدر إسم الجريدة، لأن أصولي من المنطقة ذاتها، وهي مناسبة لأتوجه إلى القراء
بالتحية والتقدير .
الكتابة هي مناسبة للتواصل مع الجمهور الكريم، قصد التعبير عن الأفكار والنظريات والمشاعر،
وبسط ما نصل إليه، من اجتهادات أو خلاصات، حول مختلف القضايا، التي تهم راهنية الأمة، في
بعديها الوطني والعالمي، خاصة ما يتعلق بالجوانب الفكرية والتصورية، لمعالجة العديد من الظواهر
في المجتمع، أو بسط مفاهيم جديدة حول مواضيع مختلفة .
س 2 : إن طلبنا منكم أستاذنا أن تعطونا الفرق بين نعمة القراءة ونعمة الكتابة، كيف تصنفون كال
منهما ؟
ج 2 : بالتأكيد أن القراءة هي سبيلنا إلى العلم والتعلم، والاطلاع على مختلف المعارف، في مختلف
العلوم والقضايا، لتكوين رصيد معرفي، وفي غياب القراءة، ليس سوى الجهل والضياع والانحراف
والتطرف الفكري والسلوكي، بالقراءة يكون التحصيل العلمي وبناء الفكر، كذلك نرى أنه مهما وصل
الإنسان من العلم والمعرفة، فالقراءة تبقى ملازمة له طوال حياته، لتعلم ما جد من العلوم والاطلاع
على الجديد من الأفكار .
أما الكتابة فهي تعبير عما يخالج الإنسان، في مواضيع وأفكار يريد الكاتب تقاسمها مع جمهور
القراء، فلا تبقى حبيسة كيانه وتفكيره، على أساس أن ما يكتب، يجب أن يكون مبنيا على علم واجتهاد
فكري مقدر، لأننا لا نكتب من أجل الكتابة، وإنما لتقديم الإضافة النوعية والجديد من الأفكار .
س 3 : قبل أن نلج إلى الموضوع نسألكم أستاذنا الفاضل، كيف جاءتكم فكرة الكتابة عن سورة الفاتحة
خاصة ؟
ج 3 : تعلمون أن سورة الفاتحة هي أم الكتاب والسبع المثاني، السورة العذبة الجميلة، جمال القرآن
الكريم، كلام رب العالمين، نتلوها في كل ركعة في الصلاة، ولا تصح الصلاة دون قراءتها، لذلك فإن
للسورة رمزية خاصة، لأنها السورة التي يفتتح بها كتاب الله، بما تحمله أيضا من دلالات ومعاني،
تلخص المواضيع التي تبسطها كل سور القرآن الكريم، لذلك تناولتها بالتدبر من أجل استنباط العديد
من المعاني، لتكون لنا قراءة متجددة للسورة. مع التذكير أننا ونحن نتدبر هذه السورة أو غيرها من
السور والآيات، لا بد أن ننضبط بضوابط النصوص، والقواعد العقدية والفكرية للإسالم، وسنة رسولنا
محمد عليه السلام، وما أجمع عليه علماء الأمة، في تفسير معاني القرآن الكريم.
س 4 : اسمح لن إن سألتكم، لماذا اخترتم عنوان (إشراقات قرآنية، تأمالت في سورة الفاتحة) ؟
ج 4 : القرآن الكريم كلام رب العالمين، أكرمنا الله تعالى وشرفنا بإجرائه على ألسنتنا، وأنزله على
رسوله، ليكون لنا نورا نهتدي به في ظلمات الجهل والفتنة بكل أشكالها وأبعادها، وقد جعل الله كتابه
نورا للناس، يهتدون به (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا) النساء،/174 ولهذا النور أنوار وإشراقات، تشع على العباد لتنير لهم طريق الهداية إلى الله، هداية تضمن لهم العيش في أمن وسلم ورغد عيش، كذلك تجعل لهم أمال في مغفرة الله وعفوه، والفوز بجنانه يوم البعث. وانطالقا من هذه الإشراقات التي يشع بها كتابالله، في آيات وسور القرآن الكريم، وفقني هللا تعالى إلى كتابة هذه التأملات المتجددة في سورة الفاتحة، لما تضمنته من معاني كثيرة، نطل من خلالها على كل القرآن الكريم .
س 5 : حين اطلعت على مؤلفكم استاذنا الكريم، لاحظت أنكم تجعلون سورة الفاتحة شاملة للقرآن
الكريم، نطلب منكم إن سمحتم مزيدا من التوضيح للقراء .
ج 5 : في الحقيقة كان هناك قبل كتابة هذا الكتاب تفكير عميق وطويل حول السورة، من خلال قراءة
القرآن الكريم مرات ومرات، ومن خلال استيعاب منهج القرآن الكريم، ومعالجته لمختلف القضايا التي
تعيشها البشرية، على اعتبار أنه منهج حياة، وليس كتابا نتبرك به أو نصلي به صلواتنا فقط، ليبقى
حبيس المساجد، إنما هو ميثاق رباني نتعبد به الله، في مختلف نواحي حياتنا اليومية، ليسود الإيمان
والعدل بين الناس. وبعد تجربة روحية طويلة مع القرآن الكريم، وعند تأملي المتكرر لسورة الفاتحة
وجدت أن للسورة ارتباطات وامتدادات في القرآن الكريم، سواء من حيث الألفاظ أو المعاني، لذلك
فالسورة يمكن القول، إنها ملخصة للقرآن الكريم، وعند تصفح كتاب إشراقات قرآنية، يتبين هذا
الخضم الكبير من العلاقات، بين كلمات وآيات الفاتحة مع السور الأخرى، في إطار ما أسميته بالربط
الشبكي بين الكلمات والآيات والسور، في تناسق بديع، أبدعه منزل الكتاب بديع السماوات والأرض .
س 6 : لاحظت أنكم جزأتم المؤلف إلى فصول، هلا حدثنا عن أهمية هذه الفصول ؟
ج 6 : يتضمن الكتاب ثلاثة فصول، الأول يتحدث عن أهمية التدبر، ومنهجية التدبر، والخشوع والعلم في
عملية التأمل، والفصل الثاني تطرق إلى خصائص القرآن الكريم، وهما فصلان أحسبهما المدخل إلى
هذا التأمل، فيما القسط الأوفر من صفحات الكتاب، خصصته لتأمل سورة الفاتحة، بتتبع كلماتها
وآياتها، وربطها مع مختلف السور الأخرى، نظرا لتناسق القرآن الكريم، إذ هو وحدة ذات مفاهيم
واحدة موحدة .
س 7 : ما هي المواضيع المستجدة في طرحكم الجديد في هذا المؤلف ؟
ج 7 : اعتبارا لمنهج القرآن الكريم، وللفكر الذي سلكته الأمة منذ البعثة النبوية، وحافظ عليه العلماء
ورثة الأنبياء، رجعت إلى أمهات التفسير قديما وحديثا، من أجل السير في النسق المفاهيمي نفسه، ثم
اجتهدت في تأمل آيات سورة الفاتحة، لفتح نوافذ جديدة ومعاني متجددة للكلمات والآيات، وربطها
شبكيا بآيات القرآن الكريم، لهذا السبب سيجد القارئ الكريم في الكتاب مواضيع، لا تذكرها السورة
صراحة، ولكن يمكن استنباطها من خلال التدبر، علما أنها من ثوابت المنهج القرآني، وأ ن ما يعرف به
كتاب الله أنه لا تنقضي عجائبه .
س 8 : بحكم أنكم اطلعتم على كتابات التراث، وكتابات المفسرين، إن سألتكم أستاذنا الفاضل عن الفرق
بين الكتابات عن الإسلام السابقة والكتابات الحديثة، هل هناك تغير في الرؤية والمنهج والطرح
والمعالجة، أم هناك اجترار وتكرار ؟
ج 8 : لا يمكن الحديث ولا التمييز بين الكتابات السابقة أو الحديثة، في كل المواضيع التي تتعلق
بالإسالم، رغم أن لكل سياقه بشكل عام، أما فيما يتعلق بفهم القرآن الكريم، فالجميع متكامل سواء
القديم منه أو الحديث، إذ لا يمكن بحال فهم النصوص القرآنية دون الرجوع إلى تفاسير الشيوخ
والأئمة والعلماء الأفاضل القدامى، فهم أعرف بأسباب النزول وحيثياته، والناسخ والمنسوخ وغيره
من ضوابط فهم كلام الله تعالى، أما الكتابات الحديثة تفسيرا وتدبرا وتأملا، إنما تكمل ما كتب سابقا
وتجدده وتوضحه بالشكل الذي يستوعبه الناس، لهذا الأمر جعل الله القرآن الكريم دستورا للناس إلى
أن تقوم الساعة، لذلك فإنني لما أوردت الاستشهادات من القرآن الكريم، التي تجاوزت الألف استشهاد،
كنت أرجع دائما إلى تفاسيرهم حتى لا أصادم ما ذهبوا إليه .
س 9 : طيب أستاذانا … أخبرنا لو تفضلت، كيف ترى وضع فكر المسلم، وقد شرع يقرأ سورة الفاتحة
بهذا الوعي الجميل الذي بسطته في مؤلفك ؟
ج 9 : إننا كلما قرأنا سورة الفاتحة، وتدبرنا وتأملنا فيها أكثر، زاد معينها سخاء أكثر، وأفاضت علينا
بنورها وأسرارها أكثر، فكان حبنا لها أكثر، وتنعمنا في ظلالها أكثر، وقرأناها بشكل متجدد، وكان لها
وقع فريد، وجادت علينا بشحنات إيمانية قوية متتالية متوالية، لأنها الفاتحة وما أدراك ما الفاتحة .
س 10 : أستاذنا … هال أخبرتنا عن مشروعكم الكتابي القادم إن شاء الله ؟
ج 10 : لقد تم طبع كتاب إشراقات قرآنية/ تأملات في سورة الفاتحة، وهو الآن متاح للجمهور الكريم
بمناسبة شهر رمضان الذي هو شهر القرآن، الكتاب القادم سيكون بإذن الله تعالى تحت مسمى “رحلة
الإيمان” وضعت تصوره العام، لكن كتابته تحتاج إلى حفريات في ذاكرتي لرحلة عمر دامت خمس
وستين سنة، ترسم تجربة حياة، جاورت فيها علماء ومفكرين أجلاء من المغرب وخارجه …
س 11 : أنتم تعلمون أن العالم العربي شرع يهتم بنشر وعي القراءة للأجيال القادمة، وقد أصبحت تقام
مسابقات في ربوع العالم العربي، كيف ترون هذه التجربة ؟
ج 11 : للأسف الشديد أن مواقع التواصل الإجتماعي أخذت حيزا كبيرا من وقت الناس، وانشغلوا بأمور
تافهة لا تفيد دنياهم ولا أخراهم، مع تأكيدنا على العديد من إيجابياتها لو استثمرت بالشكل الصحيح،
لكن من أكثر سلبياتها أنها صارت توجه الناس توجيها سلبيا، بعدما اقتحمت عليهم بيوتهم، بل صارت
مرتعا للغيبة والنميمة وتتبع عورات الناس. ومن مخلفات ذلك أنه وقع انكماش كبير في قراءة الكتب،
التي كانت دائما مصدرا للعلم والمعرفة، وتنوير العقول ومعرفة المستجدات في كل نواحي الحياة، لذلك
لا بد من بذل مجهود كبير ومتواصل، لتشجيع الوعي بضرورة اتخاذ الكتاب صديقا، ولذلك فإن من
مسميات القرآن الكريم الفرقان والذكر وكذلك الكتاب وهي التسمية الأكثر ورودا في المصحف(أكثر من
مائتي مرة) لأن الكتاب هو مصدر العلم والمعرفة.
س 12 : جميل هذا الطرح المنير أستاذنا الكريم، أعرفك أستاذنا أنك قار ئ بامتياز، ماذا عساك أن تقول
لنا إن سألتك، كيف ترى مستقبل الكتاب والقراءة في مجتمعاتنا العربية ؟
ج 12 : للحديث عن مستقبل الكتاب والقراءة، يجب الحديث عن العلماء والمفكرين داخل مجتمعاتنا
العربية، حتى ينالوا حظهم الأوفر واللازم في توعية الناس وتثقيفهم وتوجيههم، لأنهم هم الأجدر
لريادة الأمة فكريا وتنبيهها من مخططات الخصوم والأعداء، الذين يترصدون بمقوماتنا الوطنية
والقومية، كذلك يجدر االعتناء بالناشئة والشباب لأنهم المستقبل، وتحبيب القراءة لهم لما فيها من
اكتساب المهارات اللغوية، وتحصين الفكر والسلوك، وتحصيل التعلم والمعرفة .
شكرا أستاذنا، نأتي على ختام هذا اللقاء معكم، في انتظار أن نلتقي بكم إن شاء الله في لقاء قادم، شكرا
أستاذنا على سعة صدرك ووقتك …
الأستاذ : بدوري أشكركم دكتور، وأشكر جريدكم الغراء على هذا الحوار الشيق، ونلقاكم في فرصة طيبة
بحول الله تعالى .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى