بقلم: زياد ابحيص
جدّدت القناة 12 الإسرائيلية النقاشَ حول جديّة الصهيونيّة الدينيّة في عدوانها الإحلالي على المسجد الأقصى المبارك لتأسيس الهيكل المزعوم في مكانه، وعن مدى التبني الحكومي لهذا المخطط بكل ما يحمله من طيش وعواقب غير محسوبة بالنسبة للكيان الصهيوني. وقد ركّزت في تقريرها الذي بثّته السبت 29 تموز/يوليو 2023 على البقرات الخمسة التي استوردتها جماعات الهيكل، ومدى تعويلها عليها في فرض حقائق جديدة في المسجد الأقصى، وهو ما يجدّد الحاجةَ للوقوف عند هذه القضية ومعناها الدينيّ وتداعياتها المحتملة.
عن الصهيونيّة الدينيّة وجماعات الهيكل:
مدخل ضروري
تشكّل جماعات الهيكل واجهةَ تيار الصهيونيّة الدينيّة في مسعاه لتأسيس الهيكل، وهذا التيار يُعيد تفسير الصهيونيّة من كونها فكرةً قوميّةً لتحقيق وطنٍ لليهود كشعبٍ مزعوم، إلى فكرةٍ قوميّة ودينيّة في الوقت عينه، تحقّق وطناً قوميّاً للـ”الشعب اليهودي” انطلاقاً من الرؤى الدينيّة التوراتية، فهو تيار قوميّ-دينيّ، يُعيد تفسير القوميّة اليهودية على أسسٍ دينية. كما أنّه يُعيد تفسير النصوص الدينيّة التوراتيّة انطلاقاً من رؤى قوميّة صهيونيّة في الوقت عينه، لينقلَ بذلك الكيان الصهيونيّ من كونه كياناً سياسيّاً علمانيّاً إلى كونه كياناً سياسيّاً يهوديّاً ربانيّاً، يعيش وفق شريعة الرب ويحقّق إرادته، وفي القلب من تلك الإرادة بناءُ الهيكل.
هذا التيار الذي كان هامشياً خلال نشأة الحركة الصهيونية وتأسيس الكيان السياسي، آخذٌ اليوم بالتوسع والصعود ليصبح الطليعة المقاتلة للاستيطان في الضفّة الغربيّة، والطليعة التي تحاول حسم هويّة القدس دينيّاً، ونقطة الوسط التي تقف ما بين القوى القوميّة العلمانيّة الأصوليّة مثل حزب الليكود والقوى الدينية التقليديّة مثل حزبي يهودوت هتوراة وشاس نتيجة تنوع مكوناته الداخليّة. هذا الوضع يجعله بيضة القبان في ائتلاف نتنياهو الحاكم حالياً، والطرف الأقدر على فرض سياساته، خصوصاً وأنَّ النواب المؤمنين بفكره يصل عددهم إلى 27 في الكنيست الحالي من أصل 120 نائباً، وأنهم اليوم يسيطرون على 15 مقعداً وزاريّاً في حكومة نتنياهو المؤلفة من 32 حقيبة.
خلال صعوده، بلورَ هذا التيار الإحلال الدينيّ كممارسةٍ استعماريّةٍ تضاف إلى الإحلال على مستوى الأرض والسكان، فهو يستهدف مقدساتٍ إسلاميّة بعينها بالإحلال التام وفرض مقدساتٍ يهوديّة في مكانها، وفي القلب منها المسجد الأقصى إلى جانب المسجد الإبراهيمي وقبر يوسف في نابلس، ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم، إضافةً إلى عددٍ من المقابر الإسلاميّة.
لماذا تعوّل جماعات الهيكل على البقرات الحمراء؟
مع محاولتها تحريض جمهورها على اقتحام المسجد الأقصى المبارك بوصفه الهيكل المزعوم، كانت جماعات الهيكل تدرك أنها تواجه إجماعاً حاخاميّاً يمنع دخول اليهود إليه لسببين: الأوّل أنّ بناء الهيكل ودخوله محكومٌ بمجيء المخلّص، أو بإنزال الهيكل من السماء، وكلاهما فعلٌ إلهيّ لا بدّ من انتظاره؛ والثاني هو شرط الطهارة الذي تُجمِعُ المرجعيات الحاخاميّة على عدم توفره في أي يهودي معاصر، وأنّ “دخول الهيكل”، أي اقتحام الأقصى عملياً، سيشكّل تدنيساً يجلب العقوبة الإلهية ما لم يحقق صاحبه شرط الطهارة.
وبما أنَّ الصهيونيّة الدينيّة بطبيعتها تيارٌ خلاصيّ، يعتقد أنَّ الفعل البشريّ هو مصدرُ الخلاص أو أنّه على الأقلّ يشكّل المقدمةَ الضروريةَ حتى يبعث الربُّ بالمخلص المنتظر، فإنّ الشرط الأول قد جرى تجاوزه عملياً؛ وبذلك تبقى العقبة في شرط الطهارة.
يأتي مصدر النجاسة في الشريعة اليهودية من السوائل الخارجة من الجسم أو من الحيض أو النفاس، وهذه يُتطهّر منها بالماء بطقوسٍ متفاوتة. لكن مصدر النجاسة الكبرى في تلك الشريعة هو لمس جسدٍ يهوديٍّ ميت، أو الاجتماع مع جسده الميت تحت نفس السقف في بيت أو مستشفى، أو حتى دخول المقبرة.1 وهذه النجاسة إذا ما أصابت شخصاً فإنّه ينقلها إلى غيرهِ من اليهود باللمس، ومن هنا فإنّ هناك إجماعاً بأن هذه النجاسة الكبرى تشمل كلَّ يهود العالم اليوم. وهذا السبب هو الذي يفسّر رفض الحاخامية الرسمية لاقتحامات الأقصى، ومحدودية أعداد المقتحمين، حتى إن أنصار الصهيونيّة الدينيّة أنفسهم ما زالوا يلتزمون به، فوزير المالية بتسلئيل سموتريتش لم يقتحم الأقصى أبداً لهذا السبب، رغم أنه يشكّل الرأس السياسي لهذا التيار بمكوناته المختلفة.
ويكون التطهّر من هذه النجاسة الكبرى عبر رماد البقرة الحمراء: بقرة لا بد أن تبلغ عمر عامين دون أن تظهر فيها أي شعرة مخالفة في لونها، وأن لا تُحلب ولا تَحرث ولا تجرّ عربة وأن لا تُنجِب وأن تكون خاليةً تماماً من أي عيبٍ جسديّ، ومن ثمَّ تُذبَح وتُحرَق مع خشب الأرز وبعضٍ من عروق عشبة الزوفة، ثمّ يُخلط رماد هذا المزيج بماءٍ من مصدرٍ جارٍ، ثم يُنثر القليل منه نثراً على المصابين بنجاسة الموتى فيطهرون منها؛ فهو عملياً طقس تطهّرٍ معنوي. وهذه العملية كلها لا بد أن يديرها كاهن من نسل هارون –النبي عليه السلام في الرؤية الإسلامية- وقد تطور دور الكهنة المنتمين إلى نسله ليشكّلوا واسطة بين الربّ واليهود في نقل البركات والطهارة وقبول التوبة.
تعوّل جماعات الهيكل بأن إجراء هذا الطقس المعقّد سيكسر عزلتها، وسيجعل جمهورها الأقرب من أتباع الصهيونيّة الدينيّة يستجيب لخطابها ويشارك بفعالية في اقتحامات المسجد الأقصى، وفي خططها المرحلية المتمثلة بالتقسيم الزمانيّ والتقسيم المكانيّ والتأسيس المعنويّ للهيكل بفرض الطقوس التوراتية فيه، فتنتقل بذلك أعداد المقتحمين اليوميّة من مئات إلى آلاف، وتتضاعف أعداد المقتحمين في الأعياد الكبرى من آلاف (2,200 أكبر رقم تحقق في يومٍ واحدٍ حتى اليوم) إلى عشرات الآلاف، وإن كانت تعرض ذلك في قالب تهويلي يتحدث عن ملايين.4
في الوقت عينه، تنظر جماعات الهيكل إلى هذه البقرة الحمراء بوصفها “العاشرة في التاريخ اليهودي”، وتزعم أنّها البقرة الموعودة لافتتاح العهد المسيحاني، وتنظّر لضرورة إيجادها باعتباره مقدمةً لنزول المسيح ولبناء الهيكل، وترى في مسعاها هذا دوراً بشريّاً يؤدي إلى استجلاب أعمال الربّ.
محاولات حثيثة لفرض طقس البقرة الحمراء
هذا الطقس التطهري له متطلبان أساسيان تعمل جماعات الهيكل على تحقيقهما: إحياء طبقة الكهنة، وإيجاد البقرة الحمراء. ويكرّس “معهد الهيكل” نفسه ومنذ تأسيسه عام 1987 لتحقيق هذين المتطلبين، إذ يعمل على إحياء طبقة الكهنة بالتعرف على يهودٍ من نسل هارون، والحرص على ولادتهم وتنشئتهم في ظروف تُجنّبهم انتقال هذه النجاسة إليهم ليبقوا طاهرين من نجاسة الموتى، ثمّ تدريبهم على الطقوس الموصوفة في التوراة والتلمود لقيادة الصلوات في الهيكل، وتحضير ملابسهم ومقتنياتهم، ومن ثم فرض اقتحامهم للمسجد الأقصى بثيابهم البيضاء ليقودوا تلك الطقوس عملياً فيه. وهو ما أوشك المعهد على تحقيقه بالكامل، ويبدو ملحوظاً في صلوات “بركة الكهنة” التي يحرصون على تكرارها في الزاوية الشرقية من ساحة الأقصى كل فترة.
أما إيجاد البقرة الحمراء فقد كرّس المعهد برنامجاً خاصّاً لها منذ تأسيسه تقريباً، وقد أعلن عام 1997 أنّه توصل إلى بقرةٍ مرشّحة لكنها لم تحقق الشروط مع بلوغها عمر العامين، وتكرّر ذلك في عام 2002، ثم أعلن المعهد عن ولادةٍ مشابهةٍ في الولايات المتحدة في 12 حزيران/يونيو 2014.
في 12 تموز/يوليو 2015 قرّر المعهد تأسيس برنامجٍ لتربية قطيعٍ من البقرات الحمراء في فلسطين المحتلة، وأطلق المعهد حملة تبرعاتٍ شعبيّة لزراعة أجنّةٍ مجمّدة في رحم بقرةٍ تربّى في حظيرةٍ محليّة في محاولةٍ لتوظيف التقنية الحيويّة لتحقيق النبوءة التوراتية في برنامج أسمته “تنشئة البقرة الحمراء في إسرائيل”5. وقد أعلن المعهد في 4 أيلول/ سبتمبر 2018 عن ولادة بقرةٍ مرشّحة لتحقيق النبوءة ضمن نفس البرنامج باستخدام زراعة الأجنّة المجمّدة، لكن تلك البقرة لم تحقّق المواصفات أيضاً.
المحاولة الحالية نقلت البحث إلى الولايات المتحدة باعتبارها سوقاً أكبر لتربية الأبقار، ويبدو أنها ليست بعيدة عن توظيف شكلٍ أكثر تقدماً من التقنية الحيوية، وقد حصلت على الاحتضان والرعاية الماديّة من منظمةٍ صهيونيّة يمينيّة تسمّي نفسها “بناء إسرائيل” لها صندوق شقيق يموّلها في الولايات المتحدة من تبرعات المسيحيين الإنجيليين. وقد أشرفت مزرعة تسمّي نفسها “ثلاثية الصلبان” في ولاية تكساس الأميركية6 على تربية قطيع من الأبقار الحمراء حتى أعمار متفاوتة ما بين ستة شهور إلى سنة تقريباً، ثمّ جرى انتقاء أفضل خمس بقرات مرشّحة لتحقيق المواصفات وشحنها جوّاً إلى فلسطين المحتلة في 15 أيلول/ سبتمبر 2022، وتجري تربية هذا القطيع في مزرعة تتبع لمعهد الهيكل في بيسان في الأغوار الشمالية.
ولعل مصدر الضجة التي أثارها الإعلام الإسرائيلي اليوم في ظلّ الانقسام العموديّ المتصاعد في الجماعة الاستيطانيّة الصهيونيّة، كان مقدار ما يحظى به هذا التيار الخلاصيّ من دعمٍ حكوميّ رغم بُعد مقولاته عن العقلانية والمنطق، مع محاولة نسبة هذا الاحتضان إلى رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو. واقع الأمر أنّ هذا الصعود مضطرد ومتواصل حتى في ظلّ الحكومات الائتلافية التي شكّلها غانتس مع نتنياهو، أو تلك التي شكّلها يائير لبيد، زعيم المعارضة العلمانيّة الحالي، مع نفتالي بينيت المنتمي عضويّاً لتيار الصهيونية الدينية، والتي جرى استيراد البقرات الخمسة في عهدها، إذ تولّى مدير عام وزارة القدس والتراث ومدير عام وزارة الزراعة تقديم مختلف التسهيلات لاستيرادها، وتنظيم حفل استقبال لها في المطار شارك فيه 300 من نشطاء جماعات الهيكل، وتقديم مشروع لمتنزه على جبل الزيتون ليكون محل إقامة طقوس التطهير بالبقرة الحمراء.
في المحصلة، ورغم الثقة الكبيرة التي تظهرها جماعات الهيكل تجاه نجاح إحدى تلك البقرات الخمسة في أن تحقّق الشروط التوراتيّة-وهي ثقة ربما تكون ناتجة عن استخدام تقنية حيوية غير معلن عنها- فإنّ مسيرة البحث المنظم عن البقرة الحمراء على مدى 36 عاماً حفلت بأربعة إعلانات غير متحققة حتى اليوم؛ وإذا كان هذا لا يعني حتمية فشلها هذه المرة أيضاً، فإنّه يملي التعامل مع الإعلان الحالي الخامس بوصفه رهاناً يحتمل النجاح والفشل.
ماذا لو تحقق طقس البقرة الحمراء؟
وقعت الكثير من التغطيات الإعلامية الفلسطينيّة والعربيّة عند نقلها وتحليلها لتقرير القناة 12 في الكثير من عدم الدقة والتهويل، فبعضها أشار مثلاً إلى أنّ ذبح إحدى البقرات الخمسة يعني حتميّاً “بناء الهيكل”. إنّ ذبح بقرة حمراء والتطهّر بها يعني زيادة عدد المقتحمين للأقصى، ولكن لا يعني بالضرورة “بناء الهيكل”. وإنّ التهاون في الاستنتاج بأنّ الذبح يؤدي مباشرةً إلى البناء يتجاوز قدرةَ الفعل الفلسطينيّ، ويتناسى عشرات التجارب النضاليّة التي خاضها الفلسطينيّون دفاعاً عن الأقصى وفداءً له والتي أفشلت مشاريع تغيير هويّته وتهويده سابقاً.
وللتوضيح أكثر، فإنّه إذا ما تحقّق طقس التطهير بالبقرة الحمراء فإنّ هذا يعني تحريك جمهور الصهيونيّة الدينيّة الأقرب ليصبح فاعلاً في اقتحامات المسجد الأقصى وفي مخطط بناء الهيكل، فهو جمهور معبّأ تجاه هذا المشروع بوصفه الجوهر الناقص للصهيونيّة، وباعتبار الجهد البشريّ لتأسيس الهيكل هو المقدمة لجلب التدخل الإلهي الذي يقلب الموازين ويخرج الكيان الصهيوني من كل أزماته.
حتى عام 2021 لم تكن الإحصاءات الرسمية تفرد قطاعاً باسم “الصهيونية الدينية” في إحصائها للانتماءات الدينية للمجتمع اليهودي، لكنها اضطرت لفعل ذلك مع تبلور تمايزهم عن بقية الفئات الدينية ومع صعودهم سياسياً، وتقدّر الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية نسبتهم اليوم بنحو 16% من المجتمع اليهودي في الكيان الصهيوني، أي أن عددهم يقارب 1,1 مليون شخص، وإذا ما أخذنا نسبة الإنجاب العالية في هذا القطاع فإنّ عدد البالغين فيه رجالاً ونساءً يقدّر بنحو 400 ألف، ويمكن القول إنّ هذا هو الجمهور المرشّح للتأثر بخطاب جماعات الهيكل في حال تنفيذ طقس البقرة الحمراء، مع إمكانية انضمام قطاعاتٍ أخرى له من المتدينين التقليديين (الحريديم)، والقوميين الأصوليين.
لا يوجد إحصاء دقيق لعدد جمهور جماعات الهيكل النشط في الاقتحامات حالياً، فالمتعاطفون معها أكثر من المشاركين في أنشطتها بكثير. لكن تحليل أعداد المقتحمين اليومية بمتوسطها البالغ 200 مقتحم، والأرقام السنوية البالغة 48 ألف مقتحم عام 2022، وأعلى اقتحام يومي الذي بلغ 2,200، فإن التقدير المنطقي لعدد هذا الجمهور هو ما بين 10-15 ألفاً، يقتحم كل منهم المسجد الأقصى ما بين أربع إلى خمس مرات سنوياً، فشواهد تكرُرُ نفس المقتحمين عديدة.
إذا ما نجحت جماعات الهيكل في تحريك 10-15% من جمهور الصهيونية الدينية للمشاركة الفعالة في اقتحامات المسجد الأقصى، وهو تقدير مرتفع للحركية، نظراً لاعتبارات اللامبالاة السياسية والظروف الشخصية والبعد الجغرافي والاعتبارات الأمنية، فإنّ الجمهور النشط لجماعات الهيكل مرشح لأن يصبح ما بين 40-60 ألفاً، ما يمكن أن يجعل أعداد المقتحمين اليومية تتضاعف أربع مرات في المتوسط، فمتوسط الاقتحام اليومي قد يصل إلى 800، ومتوسط الرقم السنوي للمقتحمين من الممكن أن يكون في محيط 200 ألف مقتحم، والعدد الأقصى للمقتحمين في الأعياد اليهودية الكبرى في محيط 9,000 مقتحم.
هذه الأرقام إذا ما تحقّقت عملياً فهي كفيلة بنقل المسجد الأقصى من خانة المقدّس الإسلامي إلى خانة المقدّس المشترك عمليّاً بين المسلمين واليهود، وستعني إعادة هيكلة شاملة لدور شرطة الاحتلال في المسجد الأقصى كمّاً ونوعاً، وستعني بالضرورة مضاعفة نقاط تمركزها فيه ومن حوله، وستعني أيضاً ضرورة إدخال أبواب جديدة وساحات انتظار وتأمين جديدة، وهو ما يفسّر استطلاع شرطة الاحتلال لاستخدام باب الأسباط وساحة الغزالي شمال شرق المسجد الأقصى المبارك خلال الاقتحامات الكبيرة على مدى العام الماضي.
وبالنظر إلى متوسط عمر تلك البقرات، فإن أولاها مرشحةٌ لدخول عمر الذبح في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في حال بقيت مطابقةً للشروط التوراتيّة، وآخرها مرشحة لدخوله في شهر نيسان/ أبريل 2024، ومع الإدراك أنَّ رماد بقرةٍ واحدةٍ كفيلٌ بتحضير ما يكفي لتطهير كل يهود الكيان الصهيوني معنويّاً لأن كمية الرماد المطلوبة لهذا الطقس صغيرة جداً، فإنّ موعد بدء دخول تداعيات هذا الانقلاب الجديد في حجم العدوان على المسجد الأقصى إلى الفعل هو ما بين عيد المساخر التوراتي في 24و25 آذار/ مارس 2024 والمتقاطع مع الأسبوع الثاني من شهر رمضان، وما بين عيد الفصح التوراتي الذي يأتي بعده بشهر.
في المحصلة، فإنّ طقس البقرة الحمراء بقدر ما يبدو غريباً وغير ذي صلة بمجريات السياسة، وبقدر ما يبدو غير مؤكد الحصول، إلا أن تحققه إن حصل سيعني مضاعفة أرقام المقتحمين للمسجد الأقصى بأربعة أضعافٍ في المتوسط، ومضاعفة دور شرطة الاحتلال في الأقصى وحضورها كمّاً ونوعاً، وإدخال أبواب جديدة ومساحات مجاورة إلى خانة الاحتكار الصهيوني، وهو ما يعني نقل المسجد الأقصى عملياً إلى خانة المقدس المشترك، وما يعني أن المواجهة على هويته ستصبح أكثر إلحاحاً وتفجراً، وهو ما ينبغي إفراده ببحث منفصل في سبل الاستعداد له واستباقه.