بقلم: الدكتور خالد الصمدي
السامري وأتباعه لم يعد يهمهم تعديل المدونة ولا مناقشة إمكانية الاجتهاد في بعض بنودها، لكونهم خسروا المعركة منذ التأطير الملكي لهذا الورش بالحلال والحرام وقطعيات القرآن والاجتهاد في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية وقيمها الجامعة ،
وهي مفاهيم من صلب العقيدة وصلب الشريعة الإسلامية ومن مصادرها الأصلية قرآنا وسنة ، المنسجمة تماما مع مقومات إمارة المومنين ،
وكان جلالته بالإضافة إلى هذا التأطير قد نبه في غير ما خطاب خلال هذه السنة بعد ما فتح هذا الورش الهام الى ضرورة الاحتياط من الاهتزازات والتحديات التي تعيشها منظومة القيم وخاصة منها القيم الوطنية والاجتماعية والأسرية ،
فلما سقط في أيديهم بهذا التأطير الملكي الواضح نصا واجتهادا وقيما ورأوا أنهم قد ضلوا ، رفعوا سقف التحدي عاليا فانتقلوا مباشرة إلى خوض معركة الثوابت الدينية والحضارية الجامعة من خلال اتباع استراتيجية متدرجة بدأت أولا بالطعن في الأهلية الاجتهادية للفقهاء والعلماء وذلك بهدف إزاحتهم من الميدان ،فاتهموهم بالماضوية والتحجر وعدم القدرة على الاجتهاد وبالتخلف عن قضايا العصر ، ولم يستثنوا من ذلك حتى أعضاء المجالس العلمية والمجلس العلمي الأعلى المعينين من قبل أمير المؤمنين ، حيث اعتبر السامري أن هذه المجالس مخترقة ،
ثم اتجهوا بعد ذلك إلى قيادة حملة واسعة للطعن في السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع باعتبارها بيانا نبويا للقرآن ، فوسموا مصادرها التي أجمعت عليها الأمة بالكذب والاختلاق ، بدءا بالبخاري ومسلم وينتظر أن يصلوا في القريب العاجل الى الطعن في موطأ الامام مالك مذهب المغاربة أجمعين، وذلك حتى لا يلجأ الناس اليها لمعرفة أحكام الشريعة في الأسرة وغيرها ،وليعزلوا القرآن عن السنة لانهم يعلمون أن في تعطيل السنة تعطيل للقرآن ،
ثم بعدها وصلت بهم الجرأة إلى أن اتجهوا الى الطعن في القرآن نفسه فدعوا إلى تجاوز نصوصه وإن كانت قطعية الدلالة لأنها لم تعد في نظرهم صالحة لهذا الزمان ، وقريبا لا قدر الله يمكن أن يتجهوا الى الطعن في رواية وصحة القرآن الكريم نفسه ،
فهذه الاستراتيجية المتدرجة إذن تتجاوز تعديل مدونة الأسرة ، ولا تنحصر فيها وفي قضاياها الجزئية وإنما غايتها خلخلة الثوابت الجامعة للوطن والأمة،
فإن هم استطاعوا أن يحدثوا ثغرة في هذا البناء الصلب سينفذون منها الى مدونة الأسرة ثم منها الى باقي المنظومات القانونية الاخرى ومنها القانون الجنائي وغيره ، ومنها الى الثوابت الدستورية الجامعة ،
وهذا ما يلقي على كاهل الجميع القيام بواجب الحماية والتوعية والتحصين من خلال الدعوة إلى التشبت بالأصول النصية الجامعة قرآنا وسنة والاجتهاد المنضبط لقواعده، وحماية قيم الوطن الجامعة من كل اهتزاز،
وعلماء المغرب اليوم قادرون بحمد الله على التفاعل مع نوازل العصر ومستجداته وصياغة الأجوبة المناسبةكما كانوا كذلك منذ قرون ، وذلك وفقا للتوجيهات التي حددها أمير المؤمنين في تأطيره المتوازن الموزون ،
ألا هل بلغت اللهم فاشهد