أبو أيوب : بين فكي كماشة…
أبو ايوب
الضغوط الدولية على المغرب بوتيرة تدرجية لا زالت مستمرة و لن تتوقف على ما يبدو …و السبب قضية الصحراء و الاجماع الدولي المطالب بالتسريع في ايجاد حل سلمي عادل و دائم انواع عمر طويلا حد تهديد الامن و الاستقرار بالمنطقة المغاربية..
حل يرضي طرفي النزاع تشرف عليه الأمم المتحدة وفق قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة، و بيت القصيد من كل هذا كلمة (يرضي طرفي النزاع) معانيها و دلالاتها و مقاصدها و ما تومئ و تشير اليه بالواضح و المرموز
اي ما اتفق عليه طرفي النزاع بإشراف اممي و صدر بشانه قرار مجلس الامن الدولي عدد 690 سنة 1991 وضع حدا للاعمال الحربية و احدث بعثة أممية مكونها العسكري اسندت له مهمة مراقبة وقف إطلاق النار ، فيما كلف المكون المدني بالاشراف على تنظيم استفتاء تقرير المصير…
من بين الضغوط المتواترة نستعرض منها الأشد وقعا و الأقوى تهديدا للمصالح العليا المغربية و التي باتت تشكل ارقا و حرجا و استنزافا للدبلوماسية المغربية من قبيل :
الرفع من الرسوم الجمركية لمرتين على التوالي في حق شاحنات السلع و البضائع المغربية المتوجهة نحو موريتانيا و دول غرب أفريقيا عبر الكركرات ، مع احداث 16 نقطة تفتيش جمركية موريتانية بعدما كانت واحدة في إشارة مبيتة ترمي الى الاستغناء عن خدمات معبر الكركرات و البضائع المغربية كذلك …
تدشين معبر حدودي و إقامة منطقة تجارة حرة بين موريتانيا و الجزائر ، فضلا عن شراكات اقتصادية و اتفاقيات للصيد البحري و مالية تشمل القطاع البنكي ، و مشاريع طاقية مع شركة صوناطراك لاقامة انابيب الغاز و النفط و ربط ميناء نواذيبو بمينائي وهران و الجزائر بخط بحري …
عدم مشاركة موريتانيا في قمة مراكش بين المغرب و دول الساحل و الصحراء بعدما اعتبرت نفسها غير معنية ، تعتبر اجهاضا للمبادرة الملكية الرامية إلى افساح المجال أمام هذه الدول للاطلالة على الأطلسي بهدف تنميتها من خلال شراكات اقتصادية و جاب استثمارات أجنبية و تقوية التبادل التجاري فيما بينها …
القمة الثلاثية التي استضافتها الجزائر بين رؤساء ليبيا و تونس و الجزائر بالتوازي مع قمة منتدى الدول المصدرة للغاز ، قمة تعتبر مقدمة لقمة رباعية بعد رمضان تستضيفها تونس تشارك فيها موريتانيا تمهيدا ابناء اتحاد مغاربي جديد على انقاض اتحاد دول المغرب العربي،خطوة بقدر ما تعتبر بكل المقاييس محاولة لعزل المغرب عن محيطه الإقليمي استكمالا لما يحدث بالكركرات خاصرة المغرب الرخوة ، بقدر ما هي خطة محبكة لوأد مشروع المغرب الكبير الذي تتبناه المملكة المغربية في علاقاتها مع دول الجوار…
أحكام محكمة العدل الأوروبية و توصيات المدعية العامة بالمحكمة التي تعتبر المغرب و الصحراء كيانين منفصلين ، فضلا عن وجوب وضع ملصقات على المنتجات القادمة من الصحراء تشير الى المنشأ للتمييز بينها و المنتجات المغربية، خطوات تشكل ضغطا اضافيا على ما تعانيه الدبلوماسية المغربية مع البرلمان الاوروبي و دول الاتحاد الاوروبي نفسه على راسها اسبانيا و ايرلندا و دول اسكندنافيا …
عسكرة اسبانيا مدينتي مليلية و سبتة و احداث مواقع جديدة لاجراء المناورات و مراكز التدريب ، ثم تعزيز تواجدها العسكري بالجزر الجعفرية و ارخبيل جزر الكناري و بسط سيطرتها على المياه الإقليمية بالابيض المتوسط …هي رسائل تحذيرية توجهها القيادة العسكرية الإسبانية للمغرب بمعزل عن حكومة سانشيز لكن بموافقة القصر ، ما يعزز التوافق هذا الزيارتان الملكيتان لكل من مليلية و لاس بالماس رغم التنديد و الشجب المغربي، بالإضافة إلى المناورات البحرية و الجوية و الانزال العسكري بارخبيل جزر الكناري..
زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام الاممي الى الصحراء السيد ديميستورا الى جنوب افريقيا بدعوة من وزيرة خارجيتها ، زيارة أثارت لغطا كبيرا و رفضا مغربيا تولد عنه هجوم قاده أسد الدبلوماسية الوزير بوريطة، واصفا دولة جنوب افريقيا بالبلد الضعيف الذي لا تاثير له بالساحتين الدولية و الافريقية ، مصوبا سهامه نحو دي ميستورا و مطالبا بعزله مهددا بمقاطعته بعدما خرج عن الإطار المحدد له…
مطلب مغربي تجاوبت معه الأمانة العامة بتزكية دي ميستورا و دعمه في مقاربته الخاصة بقضية الصحراء …كما دعمته كل الدول المؤثرة في القرار الدولي كالولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و الصين و بريطانيا و اسبانيا و فرنسا…
بعد ايام من اللغط و التهجمات على شخصه..توجه دي ميستورا في زيارة لروسيا التقى خلالها وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي عبر له عن دعمه له ، و في نفس الوقت دعم روسيا لحق تقرير المصير و تنظيم استفتاء بإشراف اممي …الغريب في الامر هذه المرة و اللافت للانتباه غياب أي تهجم على وزير الخارجية الروسي لافروف ..و تم الاكتفاء بالهجوم على المبعوث الاممي دون المطالبة بعزله و اعفاءه.
نفس الزيارة تتكرر لكن هذه المرة الوجهة كانت بريطانيا و اللقاء الذي جمعه مع وزير خارجيتها الذي عبر له عن دعمه له معربا في نفس الوقت عن الموقف الرسمي البريطاني الداعم للشرعية الدولية و قرارات مجلس الامن و حق تقرير المصير عبر تنظيم استفتاء ..زيارة تم تجاهلها مغربيا جملة و تفصيلا..
مطلع الأسبوع الجاري ، قام الرئيس الموريتاني ولد الغزواني بزيارة لمنطقة ام كرين العسكرية على الحدود الشمالية الغربية مع الصحراء حيث ترابط قوات من الجيش الموريتاني…سبب الزيارة إقامة مأدبة افطار صحبة الضباط و الجنود المرابطون بأم كرين…بالتزامن معها حل المبعوث الشخصي دي ميستورا بمطار العاصمة نواكشوط في زيارة لم يعلن عنها من قبل ، التقى خلالها بوزير الدفاع الموريتاني الذي عقد معه اجتماع مطول استعرضا فيه تطورات الوضع بالصحراء بدل لقاءه بوزيرة الخارجية…ليختتم زيارته بلقاء الرئيس الموريتاني بعد عودته من أم كرين…
السؤال المطروح ، لماذا التقى دي ميستورا بوزير الدفاع بدل وزير الخارجية ؟ و لماذا زار ولد الغزواني ام كرين بالضبط و لم يزر اي منطقة أخرى غيرها ؟ للإشارة هي المنطقة القريبة من الأماكن التي شهدت مقتل مدنيين جزائريين و موريتانيين و ماليين و سودانيين بقصف درونات قيل بأنها مغربية دون الاعلان الرسمي عن ذلك ..
ثم هل هناك ارتباط بين زيارة دي ميستورا و زيارة ولد الغزواني و لقاء المبعوث بوزير الدفاع بدل وزير الخارجية و مع الرئيس ولد الغزواني بصفته القائد الاعلى للجيش و لهياة اركان الحرب ؟ و هذا كفيل باعطاء الانطباع بانها رسائل عسكرية موريتانية لا تعبر عن حرب مع المغرب بقدر ما تعبر عن نية في اغلاق معبر الكركرات الذي كان ضمن النقاش الثنائي ضمن مواضيع اخرى
زيارات مكوكية و أنشطة مكثفة تواكبها تطورات دراماتيكية بالميدان لا سيما العسكري منه بالصحراء شرق و غرب الجدار …بالتوازي مع اقتراب موعد جلسة مغلقة يوم 16 ابريل برمجتها مالطا التي تترأس الدورة الشهرية لمجلس الامن الدولي لمناقشة ملف الصحراء بعد إحاطة المبعوث الشخصي دي ميستورا و تقرير الأمين العام الاممي غوتيريش …جلسة لن تكون كسابقاتها على ضوء حضور الجزائر و الموزمبيق كعضوين غير دائمين و صوتين افريقيين داعمين للأطروحة المعاكسة…من المرتقب أن يحصل خلالها ما حصل في مجلس الامن الدولي بخصوص الحرب على غزة و صدور القرار الداعم لفلسطين …فمن يدري و كل المؤشرات تذهب في هذا الاتجاه …