النفق المسدود ومكانة الممثليْن المحترميْن
بقلم الدكتور عبد الله صدقي
لا أحد يجادل في أن الفنان فركوس رجلُ فنٍّ، رسم خطه الفني السينمائي، وحدد نوع السيناريوات بطابع الفكاهة المراكشية، سواء الأفلام القصيرة أو المسلسلات التلفزيونية … وقد اختار الفضاءات المراكشية في أغلب أفلامه إن لم نقل كلها، وهي سابقة تحسب له…
إذ كان سباقا ليسكننا فضاءات، ويجعلنا نعيش لحظات بين أركانها، ونستمتع بظلالها، كذلك عمل على إمتاعنا بجمالية اللسان المراكشي، وجمالية النكتة المراكشية، وخفة دم الفكر المراكشي، والشخصية المراكشية المَرحة الفكاهية الكوميدية… والرجل نقصد عبد الله فركوس رجل بسيط متواضع، قضى بين أظهر الفنانين القدماء زمنا طويلا يمثل، منذ صباه درس المسرح فوق الخشبة،وتتلمذ على يد كبار الفنانين في الفن المغربي الأصيل والأصلي…تحت ظلال الفنانين الموهوبين بالفن الفطري، عبد الجبار لوزير. بلقاس وغيرهم…وقد تمكن من الانتقال الى الاستقلالية لإنتاج أفلامه بنفسه…أما أن يكون جزارا أو خضارا، فهذا لا يعيب عنه أن يكون فنانا، فهناك مخرجون صيادلة أو يمتهنون حرف أخرى لا علاقة لها به (أذكر الصديق سعد الشرايبي، الصديق بن جلون …)
كلنا نحن المغاربة نحيي فركوس ونقف له إجلالا واكبارا …
سيدي الباز، أنت من الجيل الجديد نحترمك ونقدرك، ونعرف مكانتك وأنك فنان متميز،أمتعتنا فيما قدمته من أدوار طوال مشوارك الفني. ولكنك في تقديري اخطأت الطريق في رفع دعوة المظلوم… صحيح أن العديد من الممثلين هُمشوا تهميشا،فنال الحظ آخرين لم يسبق لهم أن درسوا في المعهد، بقدر ما دخلوا التمثيل من الكاستينغ،أو من خلال أحد المخرجين الذي تزوجوا بعض النساء المحترمات، لكننا نعلم علم اليقين أن هذه الظاهرة معروفة … إذ العديد من الممثلين ليسوا خريجي المعهد المسرحي موجودون في السينما الأمريكية والغربية، ومع ذلك لا يُعاب عنهم ذلك …
أما مهاجمتك للفنان فركوس أراه لا يليق بك أيها الفنان الجميل،بقدر ما هو هجوم يحمل الظلم والإساءة في حق عبد الله فركوس
صحيح أن ما تشكو منه يشكو منه العديد من الفنانين المغاربة، غير أن البحث عن الحل ليس بالطريق الذي سلكته أخي العزيز…
أنتم الفنانون ذخر لنا نحن المغاربة، نفتخر بكم. وإرث لتراثنا السينمائي والتلفزيوني… كلكم دخلتم بيوتنا وأصبحتم أفرادا من أسرنا، نعرفكم واحدا واحدا، بأسمائكم بل بعضنا من البُسطاء يهتمون حتى بحياتكم الخاصة …
أدعوك سي الباز إلى إزالة الغضب، وتقديم الاعتذار لفركوس، وكل من أصدرت كلمة ضررا او إهانة في حقه. لأنك فنان والفنان يكون متواضعا وجميلا … راجع الصواب ودع الانفعال، تجد أن تحقيق المبتغى، يكون بالعقل وطيب الكلام، وليس بالشتم وإلحاق العيوب، بالمقارنة التي نراها مقارنة خاطئة بل مغلوطة،ذلك لأن كل واحد منكما قد شق طريقه بشخصه، ولا يكرر أحدكما الآخر أبدا.
كذلك أعود لأرفع القبعة للفنانة الكبير عبد الله فركوس، الذي أصبح مدرسة طبيعية فطرية، تتصف بخصوصياته الخاصة، من غير أن نقارنها بأحد… فمدرسته هي مدرسة فطرية مثلما نجد فنونا فطرية في الفن التشكيلي وغيرها… مدرسة فركوس الفنية لديها خصائص حيث يمكن تصنيفها بالدراسة والتحليل الجمالي في خانة…ننظر إليها جماليا وليس بمطابقتها لباقي المدارس، وقد نعتبرها نموذجا فريدا من الحكي السينما …
كل الإجلال للفنانين المغربة، متمنين أن يهتموا ببعضهم، ويساعد كل منهم الآخر، إنكم تبنون الوطن لأجيال الغد …