من قتل لاجودان وزوجته ؟!
مرت أكثر من سنة دون أن تلوح في الأفق، أي مؤشرات على الواقع تجيب عن سؤال معلق « من قتل لاجودان وزوجته ” في سكنهما القروي بدوار الرواحلة بجماعة سيدي عابد، وهو ما يحيل على أمرين لا ثالث لهما، وهو أن يكون الجناة نفذوا جرمهم المشهود بدقة متناهية، ولم يتركوا أي أدلة جنائية يمكن أن تستغل للوصول إليهم، أم أن مسار التحقيق الذي سلكه المحققون بالمركز القضائي بالجديدة ، لم يعثر لحد الآن على الخيط الرفيع الذي يمكن من إنهاء حالة السؤال والحيرة ، التي تسيطر على الدوار مسرح الجريمة ، بل وعلى كل الرأي العام بإقليم الجديدة.
ليلة الإجهاز على لاجودان وزوجته
عرف دوار الرواحلة التابع ترابيا للجماعة القروية سيدي عابد 33 كيلومترا جنوب الجديدة، بهدوئه وانصراف أهله لنشاطهم الفلاحي المتسم بملكيات صغيرة جدا، نتيجة تقسيم الأرض بفعل التوارث، ويعول هؤلاء السكان على تربية الماشية، لتعزيز مداخيلهم في إطار « فلاحة الكفاف « ، وكان الضحية نال رتبة أجودان، عقب اجتيازه التجنيد الإجباري بأهرمومو زمن أو فقير، اشتغل في مجال التربية والتعليم ، ضمن الطاقم التربوي بكل من ثانويتي أبي شعيب الدكالي وابن خلدون، وعرف باستقامته وتفانيه في تربية الناشئة خلال الفترة الممتدة بين 1970 إلى 2000، ولما تقاعد فضل الاستقرار مع زوجته الثانية، بضيعته الموجودة بالدوار سالف الذكر، ومارس قيد حياته نشاطا مرتكزا على تربية المواشي.
وفي ليلة الجريمة ودع جيرانه قبل أن يخلد للنوم، ولم تكن له عداوة معهم يمكن أن تؤلب عليه ضغائن مخفية ، بل كان مشهودا له بوضعه الاعتباري ، الذي منحه مساحة مهمة من احترام سكان الدوار .
وفي صباح استيقظ الدوار على نبأ حزين، مضمونة تسلل جناة تحت جنح الظلام، حيث قتلوا لاجودان وزوجته بطريقة بشعة، تنم عن حس انتقامي دفين .
الاستماع لدائرة المقربين
في ذلك الصباح الحزين تناهى الخبر إلى شيخ القبيلة الذي ربط الاتصال بقائد أولاد عيسى، الذي أخطر درك سيدي بوزيد صاحب الاختصاص الترابي بجريمة قتل مزدوجة، وما هي إلا لحظات حتى حضر محققون كذلك من المركز القضائي التابع للدرك الملكي بالجديدة، مدعومين بكلاب تأنيس، لأنهم أدركوا مسبقا أنهم أمام جريمة مروعة، حتما تفرض جهودا مضاعفة لفك لغزها ووضع اليد على الفاعلين.
تم تحصين مسرح الجريمة وأخذت صور للضحيتين من زوايا مختلفة، وتم رفع أدلة جنائية ضمنها نظارات شمسية ليست أبدا للهالك، وملابس لأحد حراس الضيعة عليها آثار دم.
وانطلق البحث ضمن دائرة العائلة والمقربين والجيران، وهم التعرف على الاستعمال الزمني للهالك طيلة الأربع والعشرين السابقة للإجهاز عليه، وأيضا معرفة الذين خالطهم أو الذين ترددوا عليه، وشمل البحث كذلك دائرة المتعاملين معه في بيع وشراء الماشية، لكن لم تلح في الأفق أي بوادر تمكن من فك لغز هذه الجريمة المزدوجة
خبرة جينية معلقة منذ مدة
أمام انسداد أفق الوصول إلى الجناة بطرق البحث التقليدية، وضمنها الاستماع في محاضر قانونية وأيضا الاعتماد على البصمات المرفوعة من مسرح الجريمة، كان لا بد من دخول الدرك العلمي على خط التحقيق، لتسخير آلياته عسى أن تكون نتيجة الخبرة الجينية، معبرا لاختزال المسافة إلى الفاعلين.
وعلى خلفية ذلك، أرسلت كافة الأدلة المرفوعة من مسرح الجريمة، إلى معهد الأدلة الجنائية بالرباط، وكان الأمر يقتضي في أقصى الحالات مدة أسبوعين، كي يتوصل درك الجديدة بالنتيجة التي تجيب عن تساؤلات شرائح كبيرة من سكان الإقليم، وخاصة تلامذة الضحية الذي تتلمذوا على يديه بكل من ثانويتي أبي شعيب الدكالي وابن خلدون.
وارتباطا بذلك ارتفعت أصوات متسائلة عن أسباب تأخر نتيجة الخبرة الجينية، في وقت يجري الحديث عن عدد كبير من الخبرات المعروضة على معهد الأدلة الجنائية .
وفي الوقت ذاته يبقى المركز القضائي بالجديدة التابع لجهوية الجديدة وحده المعني بالإجابة عن السؤال المحير ” من قتل لاجودان وزوجته؟ “، بمواصلة مشوار التحقيق الشاق لأن عدم فك لغز جريمة سيدي عابد المزدوجة، من شأنه الإبقاء على الحيرة التي تسكن دوار الرواحلة.
وذلك يتطلب مجهودات استثنائية طبعا وفي أقرب الآجال، لتحريك البحث من جديد ضمن دائرة كل من تحوم حوله الشكوك، لأن عدم وضع اليد على الجناة ولد ولحد الساعة قناعة لدى المتتبعين بقصور آليات التحقيق ، المفروض فيها أن تكون قد توصلت إلى الفاعلين وقدمتهم إلى المحاكمة، وسط جدل كبير يلف أيضا عدم فك لغز جثتي الشاطئ الصخري لمولاي عبد الله ، وتهم عامل بناء وطالبا جامعيا…يتبع.