أخبار دوليةأخبار وطنيةالصحراء المغربيةالواجهة

توالي الإنزعاج و القادم صادم

بقلم أبو أيوب 2024/8/1

في وقت انشغال السواد الأعظم بحثا عن مفسر للأحلام و استطلاع الطالع ترقبوا لغد افضل ، قليل من ينشغل بالنبش في تفسير الواقع و متغيراته و مستجداته أقله في المدى القريب و المتوسط ، فيما انشغالي ، كملاحظ و متتبع و محلل لتقلبات و تموجات الوضع الراهن اليوم بشمال غرب أفريقيا ، يفرض علي فرضا التسائل حول حقيقة ما يجري و المرتقب حدوثه
حقيقة ما جرى في حفل تنصيب محمد ولد الشيخ الغزواني لعهدة ثانية كرئيس لموريتانيا، وان أول من وصل يوم أمس2024/7/31 و تم استقباله رسميا بمطار العاصمة نواكشوط من طرف الوزير الأول الموريتاني، ابراهيم غالي زعيم البوليساريو كرئيس دولة عضوة مؤسسة للاتحاد الافريقي، و هو نفسه أول من تقدم لتهنئة ولد الغزواني في حفل التنصيب !.

حقيقة حمالة رسائل للمغرب الذي بعث رئيس الحكومة اخنوش للمشاركة رسميا باسم الدولة المغربية و تنفيذا التعليمات الملكية السامية…! هنا يطرح السؤال عن الكيل بمكيالين بما يرتقي إلى سكيزوفرينيا دبلوماسية و سياسية … كيف ذلك ؟

تونس يوم استقبلت ابراهيم غالي بمناسبة استضافتها لقمة تيكاد الاقتصادية اليابان الاتحاد الافريقي ، قامت الدنيا و لم تقعد و استدعي السفير المغربي و تم رفض التبريرات و التفسيرات التي تقدمت بها تونس ، واكبتها هجمة شرسة اعلامية مغربية تعرضت لها تونس .. أليس كذلك ؟ و اليوم موريتانيا يستقبل رئيس حكومتها رسميا ضيفها و تبسط السجاد الأحمر لإبراهيم غالي كرئيس دولة ؟ للإشارة ، السفارة المغربية بنواكشوط والمخابرات الخارجية لادجيد والسلطات المغربية كانت على علم بتلقيه دعوة المشاركة وبتواجده بموريتانيا وتجواله في الشارع ، ولقائه مع صحراويين و موريتانيين متعاطفين مع الجبهة و طرحها …

ورغم هذا لم نشهد حملة إعلامية مسعورة ولا تم استدعاء السفير ولا شجب أو تنديد .. سكون المقابر وأبواق الإعلام الرغبوي خرست أو أخرست، لكن الطامة الكبرى تكليف أخنوش بتمثيل المغرب رسميا في مراسيم التنصيب ، وكأن مشاركة غالي الإنفصالي الإرهابي المرتزق المرتكب لجرائم حرب والمتهم بالإغتصاب ، لا تعني ولا ترمز لشيء و لا تعبر عن موقف ! لمعنى لا حدث أو الغير مرئي كما جاءت على لسان وزير الخارجية السيد ناصر بوريطة ، بمناسبة انعقاد القمة الإقتصادية الرابعة بين الإتحاد الأوروبي والإفريقي التي استضافتها أبيدجان عاصمة الكوت ديفوار … قمة شارك فيها المغرب ممثلا بالملك محمد السادس شخصيا جنبا إلى جنب مع إبراهيم غالي وباقي الرؤساء الأوروبيين ونظرائهم الأفارقة، لحظة خلدتها صورة تذكارية الرؤساء و رؤساء الوفود المشاركة ..؟

ألم أقل بالكيل بمكيالين بما يرتقي أو يرقى إلى سكيزوفرينيا دبلوماسية وسياسية ؟ بلى قلت ولكن ليطمئن قلبي … بالتالي أتساءل لماذا تم الهجوم على تونس والتساهل مع موريتانيا من منظور المنظار الذي تبني عبره المملكة علاقاتها مع الدول كما جاءت بالخطاب الملكي السامي ؟

أتدرون لماذا هذا التودد لموريتانيا بالرغم من إجرائها مناورات عسكرية بالذخيرة الحية شمال البلاد قبل أيام ، مناورات تحاكي استهداف أو اعتراض أو تدمير طائرة الإف 16 وحوامات الأباتشي ، فضلا عن استقبالها رسميا في أكثر من مرة إبراهيم غالي وباقي مسؤولي البوليساريو ؟
ببساطة منقطعة النظير … السبب معبر الكركرات المنفذ البري الوحيد للصادرات المغربية نحو العمق الإفريقي خاصة دول غرب القارة ، و هو ذاته الشريان الحيوي الجيوستراتيجي للاقتصاد الفرنسي نحو مستعمراتها السابقة … وإغلاقه تحت أي مبرر كان، هو بمثابة ضربة قاصمة للإقتصادين معا في ظل إغلاق باقي المنافذ بكل من الجزائر وتونس وليبيا، فضلا عن غلق الأجواء في وجه سلاح الجو الفرنسي ، الذي كان يتطلع للمشاركة في تدخل مجموعة الاكواس العسكري بالنيجر وبوركينافاصو ومالي بدرجة أقل .

فمعبر الكركرات بالنسبة لفرنسا والمغرب معا هو المنفذ البري الجيوستراتيجي والحيوي الوحيد وشريان الحياة نحو غرب ووسط وجنوب إفريقيا ، وفي حال إغلاقه أو التضييق على الحركة التجارية التي تمر عبره ، لا سيما ضمن سياق التصريحات الرسمية الموريتانية بضرورة العودة الى الرفع من رسومات المرور بنسبة 171٪ بالنسبة للصادرات المغربية ..

لكن المرة القادمة الأمر يختلف ، الأمر يتعلق بمدة ثمان أشهر قابلة للتمديد بداية 2025 ، و هذا بالضبط بيت القصيد ، تكبيد خسائر فادحة كما حصل من قبل لارباب الشركات و الشاحنات ، و هو الأمر الذي قلص من حجم الصادرات مع إحداث عدة مراكز جمركية على طول الطريق ، ولكل مركز رسوم جمركية تدفع … فهل استوعبتم اليوم معنى الهجوم على تونس والتساهل أو تجاهل ما بدر من موقف عن موريتانيا ؟

للتذكير أو الإشارة, موريتانيا اليوم ليست هي موريتانيا الأمس التي كان المغرب يطالب باسترجاعها، دورها المحوري أمسى حقيقة وغطى على أنها كانت تعتبر الخاصرة الرخوة في ملف الصحراء وشمال غرب أفريقيا .

موريتانيا اليوم مرشحة ،خاصة بعد اكتشاف احتياطات غازية ونفطية، للعب أدوار طلائعية ذات صلة بمشروع طريق الحرير الصيني في اتجاه العمق الإفريقي من جهة .. ومصدر طاقة جد معتبر يزكي الربط القاري الطاقي للنفط و الغاز الإفريقي ويساهم فيه نحو إيطاليا كبلات – فورم طاقية، بدل إسبانيا كمنصة انطلاق عبر فرنسا نحو باقي الدول الأوروبية، لا سيما بعد تدمير أنبوبي نورث ستريم لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا في عز الحرب الروسية الغربية بأوكرانيا .

كان هذا معشر زوار ليل وزوار الجديدة نيوز ، غيض من فيض متغيرات ومستجدات الجغرافيا السياسية بالفضاء المغاربي, فكل المؤشرات تشير إلى إمكانية نشوب حرب إقليمية محدودة تحد من الإندفاعة الفرنسية الجديدة الساعية إلى استعادة مجدها الإستعماري بالقارة السمراء ، والبوابة الوحيدة معبر الكركرات المرشح للإغلاق في حال نشوب حرب تنخرط فيها موريتانيا وتشارك فيها الجزائر مباشرة في حرب الإستنزاف الثانية بالصحراء بدعم علني وصريح من الإتحاد الإفريقي خاصة جنوب إفريقيا …

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى