مسرور المراكشي
لا يجادل أحد في ما للشهيد من مكانة عظيمة في هذا الدين، لقد ذكر فضل الشهيد في القرآن والسنة النبوية، وكل مجاهد يسعى لنيل هذا الوسام الرباني الغالي، إن الله تعالى يصطفي من عباده شهداء، فهناك الكثير ممن جاهد ولم يظفر بنيل هذه الدرجة، وخير مثال على ذلك القائد العظيم خالد بن الوليد، حيث لقب بسيف الله المسلول نظرا لشجاعته وإقدامه، لقد شارك في العديد من الغزوات الكبرى، وذلك قبل أن يسلم وبعد ما أسلم، فلم يتبقى جزء من جسمه إلا و فيه طعنة برمح أو بسيف، لقد تأسف على نجاته من الموت في سبيل الله أثناء القتال، حيث قال عند موته: (لقد حضرتُ كذا وكذا معركة، وما في جسمي موطن شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء)، أما عن القائد الشهيد إسماعيل هنية، فهو محظوظ لقد فاز أخيرا بالشهادة إن شاء الله، إن من يطلب الشهادة بصدق ينالها ولو بعد حين، فبعد نجاته من محاولة إغتيال عند معبر رفح، قال مباشرة بعد هذه العملية الفاشلة و الجبانة، وذلك في مهرجان كبير وسط تكبيرات المناضلين : ( .. نحن طلاب شهادة و لسنا طلاب وزارة ..)، لهذا لا أعتبر اغتياله بطهران فيه إهانة أو إذلال، سواء له شخصيا أو لحركة حماس أو لكتائب عز الدين القسام، لأن حركة حماس في النهاية ما هي إلا منظمة محاصرة، وذلك من الصديق قبل العدو الصهيوني، فهي لا تملك غواصات ولا حرس جمهوري و لا دول حليفة في المنطقة أو خارجها، إضافة إلى أن كل قيادة حماس هم مشاريع شهداء، سواء داخل غزة أو خارجها فوق الأرض أو تحتها، إشارة لابد من ذكرها عند الحديث عن القضية الفلسطينية، إن أغلب الأنظمة العربية لم تعد القضية الفلسطينية تعني لها شيئا يذكر، فيا ليتها بقيت على حيادها السلبي هذا لكان أفضل للقضية، لقد تدخلت مع الأسف بعض الدول العربية إلى جانب العدو، حيث قامت بتزويده بما يحتاج من مال وسلاح وطعام، في حين تم حرمان شعب غزة من هذا الدعم، إن مقتل اسماعيل هنية رمز المقاومة الفلسطينية، في عاصمة دولة تزعم قيادة محور المقاومة، يعد لغزا محيرا تضاربت الآراء حوله، وهناك أحداث تاريخية مع الأسف تزكي هذه الشكوك، لكنني لن أدخل في جدال حول فرضية المؤامرة، فهناك كلام يروج حول رغبة ايران في تصفية قادة المقاومة السنية، لتستفرد بعملية التفاوض مع العدو الصهيوني، وذلك من أجل النجاة من الضربة العسكرية الأمريكية القادمة، وهناك من يزعم أن الأمرفيه مقايضة رأس نصر الله برأس هنية، لكن كل هذا يصعب تأكيده بالدليل القاطع، فهذه مجرد تخمينات وتكهنات قد تخطئ أو تصيب، لكن الأكيد و الذي لا شك فيه هو حصول الضرر الأدبي، إن النظام الإيراني تعرض لطوفان البهدلة و الإذلال، وبات هذا النظام في حاجة ماسة لترميم هيبته، و استعادة قوة الردع المهدورة برد حقيقي، لقد تم إغتيال علماء الذرة الكبار في إيران، ومن الناحية السياسية تمت تصفية قاسم سليماني، وهو أحد كبار قادة المقاومة الإيرانية، كما قتل ضباط كبار من الحرس الثوري في سوريا، و اكتفى النظام الإيراني برد استعراضي، حيث تم دك عدة قواعد أمريكية بعد إخلائها، وذلك بعشرات الصواريخ من مختلف الأنواع و كذا المسيرات، والأمر يبدو وكأنه مناورة عسكرية بالذخيرة الحية، قد تم إبلاغ العدو بتوقيتها ومكانها والله أعلم.!!، حيث لم يكن الرد بشكل مفاجئ يربك العدو، و النتيجة هي نجاة جيش العدو من الهلاك، وقد تم تبرير محدودية الرد على أنه تعقل من جانب إيران، وسعيها لعدم جر منطقة الشرق الأوسط لحرب إقليمية، وهذا ما جعل الصهاينة أكثر جرأة في استهداف العمق الإيراني، وعدم أخذ تهديدات الحرس الثوري مأخذ الجد، العودة إلى عملية الإغتيال الإرهابية والجبانة، فهناك رمزية المناسبة و رمزية المكان و الزمان وكذلك رمزية الهدف، لقد حرص النظام الإيراني على جعل حفل تنصيب الرئيس الجديد المنتخب، بمثابة استفتاء على استقرار البلاد أمنيا و سياسيا، حيث حجت الوفود من كل بقاع العالم، كما كان لمكان العملية الإرهابية رمزية خاصةكذلك، لقد اغتيل اسماعيل هنية في مقر إقامته، التي هي مؤسسة الشهداء و المحاربين القدماء، إنها مؤسسة ثورية أسسها روح الله الخميني سنة 1980، أما عن رمزية زمان العملية، لقد جاء توقيتها في ذروة الحرب على غزة، باختصار إذا نظرنا إلى الشخص المستهدف، والذي يعد رمزا للمقاومة و أيقونة الصمود و الكفاح، وكذا إلى زمان ومكان العملية الإرهابية، نجد أن الكيان الصهيوني بكل بساطة أعزكم الله، قد تبول على رأس النظام الإيراني وعلى كل محاور مقاومته، فمن العار أن تصبح انفاق غزة أكثر أمنا للمقاومة من طهران…!!، لقد تجول اسماعيل هنية في شوارع الرباط و نام في فنادقها، و تجول في الدوحة و اسطنبول وعاش في غزة أكثر من خمسين عاما، لم يجرؤ العدو على قتله إلا في عاصمة محور المقاومة..!!، هذا هو سلاح الإذلال والإهانة و الإحتقار، في رأيي كان العدو يفاضل بين عدة عواصم عربية و إسلامية، لتنفيذ هذه العملية الإرهابية القذرة، فكان من الممكن تنفيذها في الدوحة او اسطنبول أو الرباط، لكنه اختار طهران بعد دراسة ردود افعالها ورسم عدة سنريوهات، لهذا يجب أن تقبل إيران تحدي العدو الصهيوني، ليكون الرد حقيقيا دون ( ترتيبات) مسبقة مع العدو، فلن تجدي لغة الدبلوماسية وتعويم الحدث، إن الشعوب المسلمة والعربية تنتظر الأفعال لا الأقوال، وأن يكون الرد مزلزلا ويوازي حجم الجريمةالنكراء، وإلا كان باطن الأرض أفضل لهذا النظام الإيراني من ظهرها، مسرور المراكشي يقول لأهل غزة نصركم الله ثبتكم الله حفظكم الله ٱواكم الله ✌