الصحراء المغربيةالواجهة

تكشير أنياب

بقلم أبو أيوب

    بيت شعري للمتنبي يقول فيه ( إذا رأيت انياب الليث بارزة         فلا تظنن أن الليث يبتسم ) ، بالتالي عليك الإحتراس و الحذر مع ترقب المفاجأة و إيجاد بدائل . مناسبة الكلام ، زوار موقع الجديدة نيوز ، ما شهده الفضاء المغاربي من تطورات و تحولات و أحداث و أخص بالذكر ما قبل و طوال و بعد انطلاق الحراك الجزائري ، حتى لا نعود إلى ما بعد انطلاق خريف الجمهوريات بالوطن العربي , سنة 2011 من تونس و ليبيا و مصر وصولا إلى سوريا ، أو ما تخلل أواسطها من حرب على اليمن سنة 2015 ….

    مبعث القلق ما عرفته المنطقة المغاربية منذ أواخر سنة 2018 , و بداية سنة 2019 و لا زال مستمرا إلى يومنا هذا في منحى تصاعدي جد مقلق ، وضع عسكري منذر و سباق تسلح و نفير غير معلن و إحساس بانزلاق المنطقة إلى حرب ….

    وضع أجمع على قابليته للانفجار كل المراقبين الدوليين … برميل بارود لا ينقصه سوى عود ثقاب و هذا ما هو حاصل اليوم و الأصابع على الزناد ،فأية خطوة غير محسوبة ستؤدي بالضرورة إلى اشتعال المنطقة بأكملها ، فضلا عن تداعياتها الكارثية على أوروبا ( اقتصاديا …) و إفريقيا ( تنمية بشرية و أمن و استقرار مجتمعي ) .

    وضع لن تسمح به أوروبا الغارقة في وحل كورونا و تداعياتها الإقتصادية ، لكنها تبقى عاجزة على التأثير فيه بما يخدم مصالحها ، لا سيما و أن المنظومة العسكرية للحلف الأطلسي بدأت تتآكل تدريجيا ، على ضوء تصاعد النفوذ الصيني و التأثير الروسي في مجريات الوضع بالمنطقة .

    عسكريا و منذ سنة 2018 تغيرت موازين القوى بالمنطقة ، حيث شهدت على الأقل ثلاث مناورات عسكرية ضحمة على مشارف الحدود االشمال غربية للجزائر ، مناورات بحرية شاركت فيها مختلف التشكيلات الحربية بما فيها الغواصات و الجوية و البرمائية و قوات الإنزال ضواحي وهران على الأبيض المتوسط تحت إسم الطوفان ، مناورات حمالة رسائل لأطراف متعددة تتخطى حدود الإقليم …

    ما يعزز الطرح و يكشف عن المزيد ، المناورات العسكرية البحرية المشتركة ، بمشاركة روسية صينية جزائرية و البعض قال بمشاركة رمزية إيرانية ، التي جرت بمياه الأبيض المتوسط حتى حدود المياه الإقليمية الفرنسية شمالا و الحدود المغربية الشمالية الغربية ، و لعلها تكملة للرسائل التحذيرية من التدخلات الأجنبية و الغربية بالأساس أثناء الحراك الجزائري ..

    طوفان إسم شبيه إلى أبعد الحدود مع اكتساح من حيث المعنى ، و هو الإسم الذي أطلق على المناورات البرية التي تلتها شرق و جنوب غرب تندوف على مقربة من الحدود المغربية ، تزامنا مع مناورات جبل صاغرو للقوات المسلحة الملكية نواحي ورزازات الراشيدية ، و الجزائر من خلال المناورات هذه تريد بعث رسائل واضحة جلية تتأسس على عقيدة قتالية عنوانها الأساس ( تتخطى حدودك ينتهي وجودك ، إسقاط المروحتين الفرنسيتين شمال مالي و على مقربة من الحدود الجزائرية مثال ، حادث أرعب فرنسا و أحبط مخططاتها ) ، و الإكتساح في الإستراتيجية العسكرية يعني السيطرة على الجغرافيا و سرعة الحسم في الزمكان ، استنادا على القوة التدميرية لسلاح الصواريخ و الطيران الحربي الداعم الأساسي للقوات البرية بمختلف تلاوينها أثناء الزحف أو الإكتساح ، فضلا عن الحرب الإلكترونية للتشويش على دفاعات الخصم و المضادات الأرضية للطيران الحربي ..

    ثالث المناورات العسكرية بالذخيرة الحية بحسب ما جرت به العادة ، جرت أطوارها بنفس المنطقة الحدودية مع المغرب ، تحديدا بالمنطقة العسكرية الثالثة بتندوف تحت إسم ، و عقدنا العزم ، تحت إشراف الفريق شنقريحة رئيس هيأة الأركان و القائد السابق لنفس المنطقة ، حيث شاركت وحدات من سلاح المدرعات و الدبابات و طائرات الهيليكوبتر و راجمات الصواريخ و الطيران الحربي …، كما تم نشر صواريخ الإس 400 و الإس 300 و صواريخ سام … لكن المرعب في الأمر ، ظهور صواريخ إسكندر الباليستية لأول مرة ، وسط أنباء عن عقد صفقات تسليحية لتزويد الجيش الجزائري بمنظومات حديثة ، البعض منها ينتمي للجيل الخامس و على رأسها الإس 500 و حوامات المي 28 و صفقات السو 34/35/57 فضلا عن احتمالية عقد صفقة تي ارمادا 14 , فلماذا كل هذه الأسلحة المتطورة ؟ .

    ما بين طوفان و اكتساح و عقدنا العزم … على مقربة من الحدود المغربية تتضح النوايا أكثر فأكثر ، و هي نوايا تستهدف بالأساس خطط فرنسا بمنطقة شمال غرب إفريقيا بما فيها الصحراء الكبرى ، لجما و لي دراع و ردعا فإجهاضا لأية محاولة استعادة نفوذ أو تدخل فرنسي في شؤون المنطقة ، فرنسا اليوم فهمت الرسالة بالتالي عليها ضبط اندفاعتها و إعادة حساباتها ، كما عليها تقديم تنازلات مؤلمة إن هي أرادت الحفاظ على بعض مما تبقى من مصالح ، تغير موازين القوة أصبح حقيقة و عليها التعايش مع الوضع الجديد المفروض بالمنطقة ، غير هذا يصبح بالإمكان قراءة السلام على السلام في بؤرة ملتهبة ، حيث يتمدد نفوذ على حساب تبدد آخر … و الإنزلاق إلى حرب إقليمية هو بمثابة انتحار و اندحار للنفوذ الفرنسي على طول جغرافية المنطقة ….

    نشر صواريخ اسكندر ذات القوة التدميرية الهائلة مبعث خوف و قلق فرنسي بشهادة مسؤوليها العسكريين ، غواصات الثقب الأسود و قدراتها العسكرية على الإستهداف من أعماق البحر يزيد من القلق الفرنسي ، صفقة السو 57 التي تتفوق بكثير عن الرافال الفرنسية يؤرق بال عسكرييها ، نشر السو 30/34/ الميغ 29 بقاعدتي بوفاريك و تندوف يعطي الإنطباع بأن فرنسا هي المستهدفة الأولى في حالة نشوب حرب إقليمية ، فضلا عن القوات المسلحة الملكية على طول حدود ملتهبة تفوق 4200 كلم ، بدء بالمنطقة الشرقية حتى الحدود مع موريتانيا حيث تنتشر البوليساريو ….

    المنطقة تغلي و الجمبع يتحرك لإيجاد مخرج و تفادي الإنزلاق …، العاهل المغربي يجري اتصالات مع أمين عام الأمم المتحدة السيد غوتيريش … فرنسا تطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي … الإتحاد الأوروبي قلق على مصالحه و يطلب من الفرقاء ضبط النفس … وزير الخارجية الروسي يجري اتصالات مع نظيره الجزائري تمحورت حول تطورات الوضع بالصحراء و مالي و ليبيا … 

    الخارجية المغربية تدعو روسيا رسميا بالتدخل و إقناع البوليساريو بوقف الأعمال الحربية و الإلتزام بوقف إطلاق النار … وكالة الأنباء التركية تصف البوليساريو بحركة تحرير و هذا ما يعطي الأنطباع بتحول في الموقف التركي … الرئاسة الإفريقية و رئيس المفوضية يدعوان الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها في قضية تصفية استعمار بحسب تصريحاتهما …

    الجمهورية الموريتانية تلتزم الصمت و تدعي بالحياد و في نفس الوقت تدعو إلى مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع … البوليساريو يواصل عملياته العسكرية شمال و شرق و جنوب شرق الجدار ، و يعلن عن مواقف متصلبة للعودة إلى الإلتزام بوقف إطلاق النار ( غلق المعبر/ تحديد تاريخ إجراء استفتاء/ إطلاق سراح المعتقلين الصحراويين/ الإسراع بتعيين مبعوث أممي جديد خلفا للمستقيل هورست كوهلر ) .

    إعلاميا قفز الموضوع على السطح حيث حظي بتغطية إعلامية ، كبريات القنوات الإعلامية بالغرب عموما تناولت الموضوع و غطت المستجدات و سلطت الأضواء و أچرت مقابلات … ( استضافة قناة سي . إن. إن الأمريكية لممثل الخصم بالأمم المتحدة/ استضافة بي.بي.سي لممثل الخصم بأوروبا … مثال ) .

    تتسارع الأحداث بالتزامن مع التضامن الذي عبرت عنه بعض الدول العربية مع المملكة المغربية ، و على رأسها الإمارات و البحرين و السعودية و قطر و جيبوتي و الأردن و السودان ، لكن الملفت السكوت الكويتي و عدم الخروج بموقف واضح و مساند … فيما غابت عن المشهد التضامني كل من مصر و لبنان و فلسطين و العراق و تونس و موريتانيا و سوريا …

    وضع تبدو معه الأمم المتحدة عاجزة عن فرض حل أو إيجاد مخرج للأزمة المتفاقمة ، و العمليات العسكرية لا زالت متواصلة و لو بشكل متقطع ، لكنها في المقابل تأخذ طابعا تصاعديا متدرج ، فلليوم السابع على التوالي تتواصل أعمال القصف المتقطع للمواقع المغربية ، تارة بالمحبس و أخريات بقطاع الفارسية و امغالا و الحوزة و أم دريكة و البكاري و أوسرد ….

    قد تبدو للبعض مجرد عمليات لفت الإنتباه و إثباث الوجود ، لكنها بتقديري تسخينات و بداية حرب استنزاف و مقدمة لعمليات كبيرة قد تطال الأراضي المغربية ( محاميد الغزلان مثال و هناك سوابق بهذا الشأن قبل بداية العمل باتفاقية وقف إطلاق النار ) ، لذا لا مجال للتبخيس أو تجاهل ما يخطط له الطرف الآخر ، و إلا و من حيث لا ندري قد نستيقظ على مفاجآت قد تكون صادمة ( احتمال تحريك او تنظيم خلايا سرية داخل المدن الصحراوية من أجل استهداف مواقع حساسة ” محطة تحلية مياه البحر / محطة توزيع الكهرباء … مثال ” )، و هي أهداف مشروعة أثناء الحرب ( حرب التحالف العربي على اليمن لم تنج منها البنى التحتية من طرق و قناطر و لا مصافي النفط و المطارات … مثال ) .

    بهذا ، زوار موقع الجديدة نيوز ، أكون قد سلطت الأضواء على بعض مما خطط له و برمج لقص الأظافر الفرنسية ، و كسر جناحها في مجال أمنها الحيوي و قد أدركت بالفعل ذلك ، لذا هي اليوم تسابق الزمن للحد من الآثار الجانبية اتقاء لما هو أفظع ( محاولات التقارب مع الجزائر و مسايرة المواقف الروسية الصينية لأزمات العالم مثال ) ، و إلى مقال آخر بمشيئة الله .

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى