الواجهةمجرد رأي

إسبانيا تتخوف من صفقات التسلح المغربي … مجرد هراء …

بقلم أبو أيوب

    السيد إدوارد دي كاسترو حاكم مدينة مليلية يصرح بأن وزارة الخارجية الإسبانية ، تفهمت و تجوابت بالإيجاب مع مطالب الحكومة المستقلة بمليلية ، بشأن فتح خط بحري يربط بين ميناء المدينة و ميناء الغزوات الجزائري . تصريح يؤكد ما أشرت له سابقا بخصوص علاقات إسبانيا و دول جنوب حوض المتوسط ( تونس. الجزائر. المغرب و بدرجة أقل موريتانيا ) .

    و من شبه المؤكد أن تحدو حدوها حكومة مدينة سبتة ، من زاوية التنسيق القائم بين حكومات الأقاليم بما يشمل جزر الكناري ، من هذه الأخيرة جاء الرفض المطلق للخطوة المغربية ( الأحادية) كما وصفها الإعلام الاسباني في وقتها ، و هي الخطوة التي رمى من خلالها المغرب إلى ترسيم حدود مياهه الإقليمية … بما يشمل مياه الصحراء ، موقفها هذا دعمته و ساندته الحكومة المركزية بمدريد ، حينها امتنعت و رفضت الخوض في أية مفاوضات أو نقاشات مع المغرب بخصوص ترسيم الحدود البحرية جنوب مدينة طرفاية .

    اليوم و في خطوات تصعيدية بديبلوماسية إحترافية ، التعبير عن الرفض الإسباني الخوض في أية مفاوضات بشأن مليلية و سبتة ، التي تعتبرهما إسبانيا مدينتين اسبانيتين على غرار مدريد و فلانسيا و الجزر الجعفرية و أرخبيل الكناري ، وجه من أوجه التصعيد فضلا على التلميح بشأن استثمارات جزائرية بالمدينتين ، استثمار تعول عليه المدينتين لمواجهة تداعيات إغلاق الحدود مع المغرب ، و الحد من تبعية ميزانيات المدينتين و رهنهما بمساعدات الحكومة المركزية و الإتحاد الأوروبي .

    قلت اليوم … مجموعة نواب إسبانيين من مختلف التشكيلات السياسية ، بما فيهم حزب بوديموس أحد أقطاب الحكومة الإسبانية ، يوجهون خطابا إلى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن يدعونه إلى ضرورة إصلاح الخطأ الترامبي فيما يتعلق بالإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء .

    بتقديري ، دعوة تستمد خطورتها على مصالح المغرب الإستراتيجية و يمكن قراءتها من زاويتين أو بالأصح من ثلاث ( شعبية/ حكومية/ تاريخية) ، كيف ذلك ؟ :

* شعبيا ، لا أحد باستطاعته إنكار مدى التعاطف الشعبي الإسباني مع أطروحة البوليزاريو ، و لا منكر لمدى التغلغل الصحراوي على صعيد الأحزاب السياسية بيمينها و وسطها و يسارها حد اليسار المتطرف ، سرعة منح الجنسية الإسبانية لكل راغب صحراوي مع تقديم تحفيزات و مغريات لخير دليل على ما بلغه التعاطف الشعبي ، سواء عبر الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني أو مختلف وسائل الإعلام الإسبانية .

* حكوميا ، لا يجادل إثنان بواقع تواجد حزبي حكومي ضمن التشكيلة الحالية ، و التي أملتها الظروف السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية الإسبانية ، و أعني به حزب بوديموس الذي يتولى حقائب عديدة ضمن التشكيلة ، مكون رسمي حكومي يجاهر بمناصرته للقضية الصحراوية بحسب تصريحاته ، للاستدلال سأكتفي باللقاء الرسمي بمقر وزارة الشؤون الإجتماعية الإسبانية و الذي جمع بين الوزير في الحكومة الإسبانية و مسؤول موفد من قبل البوليزاريو ، حينها أثيرت زوبعة في فنجان علاقات المغرب و إسبانيا لكن سرعان ما تم احتواؤها عبر نسيانها ..

    هنا أود لفت الإنتباه إلى التزاوج الحاصل بين البعد الشعبي كأحزاب و منظمات مجتمع مدني و وسائل الإعلام ، و البعد السياسي و الحكومي من خلال بوديموس كحزب سياسي و كعضو فاعل له ثقل و وزن في الحكومة الإسبانية المركزية بمدريد ، فماذا بقي من بعد ما تطرقنا للجغرافيا من جانبها السياسي و الشعبي و الحكومي ، سوى إسدال الستار بتسليط الومضات الكليشية على البعداو الزاوية التاريخية و الأخلاقية ؟ .

* إسبانيا المستعمر القديم للصحراء حقيقة لا يجادل بشأنها إثنان … و الصحراء بحسب القرارات الأممية إقليم لم يتمتع بعد بحكم ذاتي … و هي مدرجة ضمن قرابة 17 إقليما عبر العالم بحسب القرارات الأممية ، كما أنها مدرجة ضمن اختصاص اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المكلفة بتصفية الإستعمار …، هذا ما نص عليه القرار الأممي 1514 الصادر سنة 1963 .

* سنة 1966 الأمم المتحدة تطالب من إسبانيا الدولة المستعمرة للصحراء ، إحصاء الساكنة و الإسراع في تحديد موعد إجراء استفتاء .. الموقف الرسمي المغربي آنذاك في عهد العاهل المغربي الحسن الثاني طيب الله ثراه ، كان بالإيجاب من خلال الموافقة على الاسراع في تنظيم استفتاء بالإقليم المستعمر .

* سنة 1975 و على إثر ضغوط سياسية و اجتماعية و اقتصادية عاشتها الجمهورية الإسبانية ، أواخر رئاسة الجنرال فرانكو وقبل بداية العمل بالنظام الملكي البرلماني ، وقعت إسبانيا الإتفاقية الثلاثية التي عرفت باتفاقية مدريد ، بينها و المملكة المغربية و الجمهورية الموريتانية بقيادة المرحوم و المحامي المختار ولد دادة أول رئيس للبلد بعد الإستقلال عن فرنسا سنة 1960 .
إتفاقية نصت على تنازل إسبانيا عن إدارة الإقليم لفائدة كل من المملكة المغربية و موريتانيا مناصفة تقريبا ، فيما احتفظت إسبانيا لنفسها بإدارة الأجواء فضلا عن امتيازات أخرى، بالتالي لا مجال بحسب نص الإتفاقية للتطرق لمسألة السيادة ، هي بلد مستعمر للإقليم و لا سيادة له عليه و لا يمكن له تسليم ما ليس له..، و بحسب تقديري ، عدم الإشارة إلى مسألة السيادة و التنصيص حصريا على تفويت الإدارة ، فخ نصب وقتذاك للمفاوضين المغاربة لم ينتبهوا له أو تغافلوا عنه عمدا لغرض في نفس يعقوب .

* بعد أربع سنوات من الصراع ، الجمهورية الإسلامية الموريتانية و على إثر انقلاب عسكري ، توقع على اتفاقية الجزائر سنة 1979 مع البوليزاريو ، إتفاقية تم بموجبها إنهاء العمليات الحربية بين الجانبين ، و الإعتراف الرسمي الموريتاني بالبوليزاريو كحركة تحرير و ممثل للشعب الصحراوي ، و الانسحاب من اقليم وادي الذهب بعاصمتة الداخلة . بالتالي و بحسب القانون الدولي انسحاب موريتانيا من الإتفاقية الثلاثية لمدريد ، هو توقيع و نعي للوفاة أقله من الجانب الموريتاني ، لتبقى الإشكالية مطروحة أمام من تبقى من اتفاقية مدريد ( المغرب / إسبانيا ) ، فضلا عن الدور المحوري للأمم المتحدة من أجل إيجاد مخرج للمعظلة .
و من هذه الزوايا الثلاث بالضبط ، تستمد إسبانيا الحالية تنمرها و تجاسرها و تطاولها على … أي بما معناه ، خلفيتها التاريخية و الأخلاقية و القانونية و مسؤوليتها السياسية في كل ما يتعلق بالصحراء ، تحتم عليها الإصطفاف إلى جانب على حساب آخر …، و لعلي بها ستختار عكس ما يشتهيه المغرب رغم التحفيزات و الإمتيازات الإقتصادية ( أول مستثمر بالمغرب تليه فرنسا ) .

    إسبانيا المستعمرة سابقا للصحراء ، ستختار بالضرورة في نهاية المطاف موقفا مساندا للموقف الأممي من النزاع ، مسؤوليتها التاريخية و الأخلاقية و القانونية تضغط في هذا الإتجاه .

    كان هذا زوار موقع ليل الجديدة نيوز ، مجرد تقييم تحليلي و بتحلل و تجرد من العاطفة ، قد أخطئ و قد أصيب ، لكنها تبقى في النهاية خواطر قريبة من المتوقع على ضوء تسريبات الواقع الحاصل في سياسة إسبانيا بالمغرب و التاريخ المشترك . فمن يتخوف ممن و من يتوجس من الآخر ….؟ سؤال إجابتهه متروكة لكم متتبعات و متتبعو ليل موقعنا هذا …. و إلى مقال آخر ….

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى