بقلم أبو أيوب
عادة الأعراب إخلافهم المواعيد مع التاريخ ، غبائهم و فقدانهم القرار السياسي السيادي و ارتهانهم للاملاءات الخارجية يدفعهم دفعا إلى مزيد من الركوع و الخنوع و التبعية ، بل وصل أمر البعض منهم إلى رفع الراية البيضاء و الاستسلام للمطالب الغربية أيا كان نوعها و طبيعتها ، بهدف نيل رضا الغرب و إرضاء طموحاته حتى لو كانت ضد مصالحهم ، فأي غباء و بلادة بعد الذي حصل اليوم ضمن سياق التأجيل ، و على ضوء إعلان السفير السعودي بأديس ابيبا عاصمة الاتحاد الافريقي عن تأجيل القمة الخامسة افريقيا العالم العربي بالعاصمة الرياض يوم 11/11/2023 الى موعد لاحق ؟
يقال سعوديا بأن تأجيل القمة الخامسة افريقيا – العالم العربي جاء بسبب حرب غزة ، و هذا قول تنقصه المصداقية و مشكوك في أمره ، إيحاءه الى تضامن بشكل من الأشكال مع ما يجري بغزة لا أساس له من الصحة ، و إلا بماذا يمكن تفسير مواصلة فعاليات و أنشطة مهرجان الرياض بدل وقفها ؟ و بأي مسوغ يمكن للسعودية تبرير تجريم حمل الأعلام الفلسطينة و الدعاء لفلسطين بمساجد المملكة .
موقف يذكرني بغزو إسرائيل للبنان 1982 مستغلة مباريات كأس العالم ، بينما إسرائيل تدك و تدمر ، تفتك و تقتل ، و تفرض في الأخير على الفلسطينيين المحاصرين ببيروت تسليم ـسلحتهم و تهجيرهم نحو تونس ، كانت قنوات البيترودولار تنقل مباريات كأس العالم برسم سنة 1982 ، و في نفس الوقت كانت سفن المهجرين و على رأسهم الشهيد ياسر عرفات تغادر ميناء بيروت….
إرجاء السعودية للقمة العربية الإفريقية راجع بالأساس الى عاملين اثنين ، أكيد أنها تعرضت لضغوط أمريكية إسرائيلية غربية عموما ، فالعامل الأول يبقى تخوفها من الإحراج و الإرباك و افتضاح تبعيتها المطلقة للغرب ، فيما إفريقيا تسعى جاهدة للتحرر من الإرث الاستعماري الغربي ( مالي و النيجر و بوركينافاصو مثال ) ، و يبقى على رأس الموانع و أسباب التأجيل.. خوفها من فشل القمة و الفشل كان مؤكدا لعدة اعتبارات أذكر منها ، الإحراج الناجم و الارباك المتوقع حصولهما أثناء انعقاد القمة سواء ما تعلق منها بالوقوف دقيقة صمت ترحما على ارواح الشهداء ، او ما له صلة بكلمات الوفود المشاركة و رفعها اعلام فلسطين داخل قاعة اجتماع القادة و الرؤساء( الجزائر و جنوب افريقيا مثال ) .
أما العامل الثاني راجع بالأساس إلى عدم قدرتها على فرض مشيئتها على الدول الافريقية ، الدول الاكثر تأثيرا و نفوذا في صناعة القرار الافريقي من قبيل جمهورية جنوب افريقيا و الجزائر و كينيا و اثيوبيا و نيجيريا ، صحيح أن بامكان السعودية فرض املاءاتها على أكثرية الدول الأعضاء بالجامعة العربية ، لكن يتعذر عليها بالمطلق معاملة هذه الدول الافريقية كما تعامل البحرين او سلطنة عمان او قطر و حتى مصر مثال…و الأمر هنا يتعلق بقضية الصحراء التي تقف حجر عثرة في وجه التعاون الاقتصادي الافريقي العربي ، كيف ذلك ؟
لا يخفى على احد ان مفوضية الاتحاد الافريقي هي من تتكفل بارسال دعوات المشاركة لرؤساء الدول الافريقية ، شانها في هذا كشأن الجامعة العربية التي تسهر على ارسال الدعوات للدول العربية ، و ضمن السياق هذا اود الاشارة الى حجم الضغوط التي مارسها كل من ، جنوب افريقيا و الجزائر و انغولا و كينيا و اثيوبيا ، من اجل فرض مشاركة ( الجمهورية الصحراوية ) بصفتها دولة معترف بها عضوة مؤسسة للاتحاد الافريقي…
مشاركة ترفضها بعض الدول العربية المؤيدة للمغرب كالامارات و البحرين و الاردن ، بينما تؤيدها دول اخرى كالجزائر و موريتانيا و سوريا و ليبيا و تونس و بدرجة اقل العراق و لبنان ، و يبقى الموقف المصري متذبذبا متأرجحا نوعا ما ، بدليل قيام مصر في مرات عدة بارسال دعوات مشاركة ( البرلمان الصحراوي ) لحضور احتفالات تخليد ذكرى تاسيس البرلمان المصري بمنتجع شرم الشيخ ، فضلا عن مشاركتها فيما يعرف باجتماعات قادة هيأة اركان الحرب في قوة شمال افريقيا ، الى جانب كل من ليبيا و الجزائر و موريتانيا و ( جمهورية الصحراء) في انتظار التحاق تونس بحسب المتوقع .
كما علينا ان نستذكر ما حدث في قمة افريقيا العالم العربي التي استضافتها دولة النيجر سنة 2018 بالعاصمة نيامي ، قمة عاصفة عصفت بالتعاون الاقتصادي العربي الافريقي ، افضت الى انسحاب وفود الاردن و الامارات و البحرين و السعودية احتجاجا على مشاركة ( الجمهورية الصحراوية) في اشغال القمة و تضامنا مع المغرب ، فيما لم تنسحب دولة الكويت بمسوغ التزامها بالاعراف المعمول بها ذات الصلة بتسليم رئاسة القمة لرئيس النيجر البلد المضيف ، موقف لم يستسغه المغرب و اعتبره عدائيا دون ان يتطور الامر الى ازمة سياسية بين البلدين …
بالتالي اذا ظهر السبب بطل العجب كما يقال ، اي بعدما تيقنت السعودية بتشبث هذه الدول الافريقية بضرورة مشاركة ( الجمهورية الصحراوية ) ، و حرصا منها على تجنب فشل القمة كما حصل بالنيجر من جهة اولى ، وعدم رغبتها في اثارة حفيظة المغرب حليفها التقليدي من خارج دول التعاون الخليجي من جهة ثانية ، فضلا عن تأففها من رؤية العلم الفلسطيني يرفرف داخل القاعة و من سماع المواقف الافريقية و العربية المؤيدة للمقاومة الغزاوية و لقضية فلسطين عموما ، و ما يمثله لها الحدث هذا من احراج و ارباك امام امريكا و المجموعة الغربية ، فضلت الاعلان على لسان سفيرها المعتمد بالاتحاد الافريقي عن ارجاء القمة دون تحديد موعد لها ، تجنبا لغضبة اسرائيلية امريكية غربية كانت مرتقبة …