الواجهة

معادلة التأرجح بين الانتصارات الانتخابية والهزائم السياسية.

محمد امحجور يكتب: هامش على فوز الإسلاميين بالأردن..
معادلة التأرجح بين الانتصارات الانتخابية والهزائم السياسية.

حقق حزب “جبهة العمل الإسلامي” بالأردن فوزا انتخابيا مثيرا عقب الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 10 شتنبر 2024، فقد استطاع الفوز ب31 مقعدا من مجمل مقاعد مجلس النواب، منها 17 مقعدا من أصل 41 مقعدا في الدائرة العامة المخصصة للأحزاب على مستوى المملكة، وقد حصدت لائحة الحزب الإسلامي ما يقارب نصف مليون صوت، وهو إنجاز تاريخي واستثنائي، كما حصل الحزب على 14 مقعدا من أصل 97 مقعدا موزعة على الدوائر المحلية الـ18 في المحافظات (لوائح محلية).
لا شك أن هذا الذي وقع مرتبط بشكل كبير بمعطيات السياق الأردني الأقرب والأكثر تأثرا بتداعيات طوفان الأقصى، أخذا بعين الاعتبار القرب الجغرافي، وخصوصيات البنية الديموغرافية التي يمثل فيها الأردنيون من أصول فلسطينية في التقديرات الدنيا 35 % وتصل هذه النسبة في حدودها القصوى إلى 63 %، وهو ما قد يفسر تماهي تعاطف ناخبي حزب جبهة العمل الإسلامي مع المقاومة.
إن هذه المعطيات وغيرها من الخصوصيات المرتبطة بسياقات أردنية-فلسطينية قد تجعل من أي تعميم لما وقع في الأردن على غيره من البلدان العربية أمرا متسرعا ومجانبا للدقة، وهو ما يقتضي كثيرا من الاحتياط المنهجي.
وبالرغم مما سبق ذكره، فلا شك أن فوزا من هذا الحجم يحيي آمال كثير من الإسلاميين في بلدان مختلفة، خاصة منها تلك التي شهدت خيبات وهزائم انتخابية، ومن ضمنها المغرب، في استرجاع العافية الانتخابية ومعانقة انتصارات جديدة قد تعيد الأمل في استئناف سَيْرهم نحو أهدافهم الإصلاحية.
لكن، وبغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق حول تقييم فوز إسلاميي الأردن، وهل هو خاص بهذا البلد أم متعدي لغيره من البلاد العربية، فإن الأمر الذي يقتضي التأمل والنقاش هو بعض التساؤلات التالية: هل مشكل الإسلاميين هو الفوز الانتخابي؟ هل ما ينقص الإسلاميين هو الشعبية أم حصاد السياسة وحسن الانسياب بين تضاريسها الصعبة؟ هل ضعف الإسلاميين هو في قدرتهم على تدبير الانتخابات أم في ضعف كسبهم في تدبير كيمياء السياسة بما يمكن من ترشيد مسارات الإصلاح وتجنب الأخطاء القاتلة؟
ليس المقام هنا مقام سبر وتقسيم لكل التجارب واستخلاص الخلاصات، لكن يمكن القول بالمجمل، إن تجارب الإسلاميين في مصر وسوريا والسودان والجزائر وتونس والمغرب وغيرها من الدول، تثبت أن الإسلاميين غالبا ما يجتازون بتفوق اختبارات الشعبية والمنافسات الانتخابية، لكنهم في المقابل يمنون بهزائم سياسية قاسية، تكون لها تداعيات مؤلمة ومحزنة، في تطوير مسارات السياسة ومنعطفاتها، وتحسين شروط الإصلاح المستدام. وهو الأمر الذي يسائل في العمق عقلهم السياسي، وتشوفاتهم الاستراتيجية، ومهاراتهم التفاوضية، وخبراتهم السياسية، ومقارباتهم الإصلاحية. وهنا يكمن في تقديري مناط التأملات والمراجعات وما يقتضيه ذلك من جهود حقيقية في تجديد أسس ومقاربات وسياسات المشاريع الإصلاحية.

ختاما، قد ينزع كثير من الإسلاميين إلى الاحتفاء والاحتفال بنصر إخوانهم في الأردن، وهو أمر لا حرج ولا عيب فيه، لكن الاكتفاء بذلك والاستغناء به عن حسن التأمل وجميل المراجعة هو مظنة تيه إضافي قد يصرفهم عن أمراضهم وأخطائهم، فَيُلْدَغُون من نفس الجحر مرات ومرات، والمؤسف أن هذا قد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى