أخبار وطنية

“التوحيد والإصلاح” تستنكر الاستمرار في نهج فرنسة التعليم وتدعو للتمسك بالثوابت الدستورية للبلاد.

 

استنكرت حركة التوحيد والإصلاح استمرار الحكومة في نهج فرنسة التعليم في غياب هندسة لغوية واضحة ومتوافق عليها، وفي تجاهل تام لدعوات إيلاء الأولوية للغتين الرسميتين العربية والأمازيغية.
وأكدت الحركة في بيان صادر عقب لقاء مكتبها التنفيذي العادي – الذي انعقد أمس السبت 17 ربيع الأول 1446ه/21 شتنبر 2024- تدارس موضوع الدخول المدرسي والجامعي للموسم (2024-2025)، أنه لا يمكن لأي إصلاح أن يتحقق بعيدا عن الثوابت الدستورية للبلاد، وعن التوافق المجتمعي في كل قضاياه الأساسية، وعن استقلال القرار الوطني بدل الخضوع للضغوط الخارجية.
واستعرض المكتب التنفيذي للحركة مختلف الظروف والحيثيات المتعلقة بالدخول المدرسي والجامعي، واستحضر ما شهده الموسم الماضي من مشاكل واضطرابات أثرت على السير الدراسي في المؤسسات التعليمية العمومية، وما تجابهه المنظومة التربوية من تحديات في هذا الموسم رغم الجهود المبذولة والشعارات المرفوعة تحت يافطة الإصلاح، فضلا عن معاناة آباء وأمهات وأولياء التلاميذ والطلبة جراء موجة الغلاء التي أرهقت الأسر.
وثمَّن المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح عددا من الإيجابيات من قبيل ما تحقق في مشاريع محو الأمية خصوصا في المساجد، و تنظيم العلاقة بين الأسرة والمدرسة عبر المرسوم المحدد لأدوار جمعيات أولياء التلاميذ الصادر في يوليوز 2021، وكذا المقترح الخاص بتأطير علاقة الأسر بمؤسسات القطاع الخاص، وكذلك السعي نحو انفتاح المؤسسات التربوية على محيطها الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، عبر الانفتاح على جمعيات المجتمع المدني للإسهام في تنشيط الحياة المدرسية.
ولتقوية الإيجابيات المشارإليها دعا المكتب إلى وضع استراتيجية واضحة لمحو الأمية وتعليم الكبار في أفق متوسط منظور، وتعزيز التعاون بين الأسر والمؤسسات التعليمية عبر تفعيل هذه النصوص لما فيه مصلحة المتعلمين، والحرص على الحكامة والشفافية وحضور المؤسسات التعليمية عبر مجالسها التربوية والتدبيرية في القرار النهائي، المتلعق بانفتاح المؤسسات التربوية على محيطها الثقافي والاقتصادي والاجتماعي.
ومن جهة أخرى، نبّه المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح في بيان له لعدد من السلبيات تمس مسار هذا القطاع الحيوي، ومنها ضعف أثر برامج الإصلاح التربوي وسياساته المتلاحقة منذ عقود، وعدم استجابتها لآمال المهتمين والعاملين بالقطاع، وتراجع الحكومة عن برامج أساسية داعمة للتمدرس تشهد إحصائيات الحكومة نفسها خلال السنوات الماضية على أثرها الإيجابي في محاربة الهدر المدرسي، من قبيل المبادرة الملكية “مليون محفظة”، التي تم إلغاؤها وتعويضها بدعم مباشر لا يتناسب مع التكاليف الحقيقية للوازم المدرسية.

وفي ما يلي النص الكامل للبيان بيان
حول الدخول المدرسي والجامعي: 2024-2025

بعد اطّلاعه على عدد من الإحاطات المرفوعة إليه من طرف لجنة التّعليم؛ ناقش المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح خلال اجتماعه المنعقد يوم السبت 17 ربيع الأول 1446ه/21 شتنبر 2024م؛ موضوع الدخول المدرسي والجامعي للموسم (2024-2025). واستعرض مختلف الظروف والحيثيات المتعلقة به، مستحضرا ما شهده الموسم الماضي من مشاكل واضطرابات أثرت على السير الدراسي في المؤسسات التعليمية العمومية، وما تجابهه المنظومة التربوية من تحديات في هذا الموسم رغم الجهود المبذولة والشعارات المرفوعة تحت يافطة الإصلاح، فضلا عن معاناة آباء وأمهات وأولياء التلاميذ والطلبة جراء موجة الغلاء التي أرهقت الأسر.
والمكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح وهو يتابع باهتمام قضايا التربية والتعليم والتكوين في ظل الظروف التي تواجهها بلادنا وأمتنا، لا يسعه إلا أن يجدد التذكير بمواقف الحركة السابقة في الموضوع، مع التنبيه إلى ما استجد من تفاقم يمس مسار هذا القطاع الحيوي، مؤكدا ما يلي:
1. تثمينه ما تحقق في مشاريع محو الأمية خصوصا في المساجد، ودعوته إلى وضع استراتيجية واضحة لمحو الأمية وتعليم الكبار في أفق متوسط منظور، إذ لا يليق بمغرب اليوم أن تبقى نسبة الأمية فيه مرتفعة.
2. تثمينه لتنظيم العلاقة بين الأسرة والمدرسة عبر المرسوم المحدد لأدوار جمعيات أولياء التلاميذ الصادر في يوليوز 2021، وكذا المقترح الخاص بتأطير علاقة الأسر بمؤسسات القطاع الخاص. ودعوته لتعزيز التعاون بين الأسر والمؤسسات التعليمية عبر تفعيل هذه النصوص لما فيه مصلحة المتعلمين، وعبر تحفيز جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ على الانخراط الفعلي في تنشيط الحياة المدرسية وممارسة المهام التربوية والاجتماعية التي خولها لها القانون بدل حصر أدوراها عمليا في المساعدة المادية الصرفة.
3. تثمينه السعي نحو انفتاح المؤسسات التربوية على محيطها الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، عبر الانفتاح على جمعيات المجتمع المدني للإسهام في تنشيط الحياة المدرسية، مع تخوفه من تفويت هذا الأمر لجمعيات بعينها بعيدا عن الحكامة والشفافية وبعيدا عن آراء المؤسسات التعليمية التي ينبغي أن يكون لها القرار النهائي عبر مجالسها التربوية والتدبيرية.
4. اقتناعه بمحدودية ما تحقق في القطاع، فبالرغم من تعدد وتتالي برامج الإصلاح التربوي وسياساته المتلاحقة منذ عقود، وتنوع المؤسسات ذات الصلة بهذا الإصلاح والإمكانيات التي رصدت له، والتي جعلت الحكومة ترهن مستقبل الأجيال بالديون المتتالية، وترهن بعض اختيارات المنظومة بتوصيات الجهات المانحة للديون والمساعدات، فلا يزال أثر الإصلاح ضعيفا لا يستجيب لآمال المهتمين والعاملين بالقطاع، ولا يلبي جل متطلبات الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار 51.17. في وقت لم يتبق من الزمن المخصص للرؤية الاستراتيجية (2015-2030) إلا الربع الأخير (خمس سنوات).
5. استغرابه تراجع الحكومة عن برامج أساسية داعمة للتمدرس تشهد إحصائيات الحكومة نفسها خلال السنوات الماضية على أثرها الإيجابي في محاربة الهدر المدرسي. حيث تم إلغاء المبادرة الملكية “مليون محفظة”، وتعويضها بدعم مباشر لا يتناسب مع التكاليف الحقيقية للوازم المدرسية، ولا يضمن أن يصرف فعليا للأطفال المعنيين، فضلا على كونه يقلص الفئة المستفيدة من الدعم إلى أضيق الحدود. كما تم التراجع عن برنامج الدعم المشروط“تيسير” الذي يربط الدعم الاجتماعي بالمواظبة الدراسية، وذلك في ظل موجة غلاء مؤثرة على فئة عريضة من الأسر المغربية.
6. استنكاره استمرار الحكومة في نهج فرنسة التعليم في غياب هندسة لغوية واضحة ومتوافق عليها، وفي تجاهل تام لدعوات إيلاء الأولوية للغتين الرسميتين العربية والأمازيغية. حيث تم فرض واقع تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية في الإعدادي والتأهيلي، وتم التوسع في ذلك بالابتدائي تحت ذريعة التناوب اللغوي دون سند قانوني أو بيداغوجي يعطي الامتياز والتوسع لهذه اللغة.
7. دعوته إلى استدراك تعثرات إصلاح التعليم العالي والبحث العلمي بإشراك الأطراف الفاعلة في نجاح العملية البيداغوجية والعلمية، بما يسهم في تجاوز الارتباك والتضارب الملحوظين في هذا المجال.
8. دعوته الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها بإيجاد حل حقيقي لمشكل طلبة كلية الطب الذي طال أمده مع خطورة تداعياته على مختلف المعنيين، وعلى مستقبل المنظومة الصحية، وعلى سمعة التكوين والتأطير في هذا المجال الحيوي.
9. تنبيهه إلى خطورة تسرب بعض الخيارات الغريبة عن قيمنا الدينية والوطنية والثقافية إلى المناهج والكتب المدرسية، ودعوته إلى تفعيل الأدوار القانونية للجنة الدائمة لتجديد وملاءمة البرامج والمناهج، بدل اعتبارها لجنة تنفيذية تحت إمرة الوزارة الوصية.
10. دعوته إلى تعزيز قضايا الأسرة والوطن والأمة في المناهج الدراسية والحياة المدرسية، بما يغرس هذه القضايا في نفوس الناشئة، وعلى رأس هذه القضايا الوحدة الترابية للمملكة، وقضية فلسطين التي لا تكاد تظهر في البرامج الدراسية رغم مكانة المغرب ودوره التاريخي والواقعي في هذه القضية باعتبار ملكه رئيس لجنة القدس.
11. شجبه ممارسات بعض المسؤولين التي تتوجس من اعتزاز الطلبة بالقضية الفلسطينية وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني ولو بالشكل والمظاهر السلمية، حيث تمنع أنشطة التعبير عن التضامن في المؤسسات الجامعية، ويصل الأمر إلى الامتناع عن تسليم طالبة متفوقة شهادتها لأنها تتوشح بكوفية فلسطينية!
12. تجديد رفضه للتطبيع مع الكيان الصهيوني في جميع المجالات وعلى رأسها المجالات التربوية والتعليمية والبحثية والأكاديمية التي تعتبر أمانة في يد المسؤولين، وكل تفريط فيها يعد رهنا لمستقبل الأجيال بخيارات يرفضها المجتمع والأمة. ودعوته الحكومة إلى قطع علاقات التعاون عموما وفي المجال التربوي بشكل خاص مع الكيان الغاصب الذي يواصل حربه الهمجية المتواصلة على الفلسطينيين.
وختاما فإن أي إصلاح تربوي لا يمكن أن يتحقق بعيدا عن الثوابت الدستورية للبلاد وعن التوافق المجتمعي في كل قضاياه الأساسية، وعن استقلال القرار الوطني بدل الخضوع للضغوط الخارجية.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (سورة هود 88)
والحمد لله رب العالمين.
وحرر بالرباط، يوم السبت 17 ربيع الأول 1446ه، موافق 21 شتنبر 2024م.
الدكتور أوس رمّال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى