بروكسيل : ورقة على هامش الخطاب الملكي خطاب 6 نونبر 2024
الجزء الأول : توطئة
من جديد، يأبى جلالة الملك إلا ان يذكر مغاربة العالم، و الفاعلين السياسيين و الرأي العام الوطني بان قضايا هذه الفئة من الشعب المغربي تحضى بدوام عنايته الفائقة و متابعته الدقيقة.
و نتلقى هذا التذكير، الذي يضع ملف مغاربة العالم ضمن اولويات اهتمامات ملك البلاد، مرفوقا بتنويه ملكي كريم بالادوار الريادية التي يقوم بها مغاربة العالم في التضامن مع بلدهم الأم في السراء و الضراء، و بحضورهم الوازن في الدفاع عن قضايا ومصالح المغرب، و في تشبتهم الراسخ بمقدسات الوطن و توابث الأمة و في مقدمتها قضية مغربية الصحراء.
وتأتي هذه المبادرة والعناية الملكيتين الكريمتين، كما عودنا جلالته على ذلك، بمناسبة أعياد وطنية تخلد ارتباط الشعب المغربي بتاريخ نضالاته و تضحياته.
لقد جاء الخطاب الملكي الأخير بمناسبة تخليد الذكرى 49 للمسيرة الخضراء، و هي نفس المناسبة التي ألقى فيها عاهل البلاد خطابه التاريخي المؤسس، خطاب 6 نونبر 2005، و بينهما خطاب 20 غشت 2022 بمناسبة عيد ثورة الملك و الشعب الذي يخلد لملحمة يعز نظيرها في تاريخ المقاومة والنضال ضد الاستعمار بين شعوب العالم.
ويحق لنا ان نعتبر هذا التزامن في ربط طرح قضايا مغاربة العالم بمناسبة إحياء أعياد وطنية ذات رمزية عالية، بمثابة إرتقاء في سلم العناية الملكية وحرصا شديدا من جلالته على تتبع قضايا مغاربة المهجر و إيجاد الحلول الناجعة لها.
انتكاسات ملف مغاربة المهجر و سؤال المسؤولية :
يأتي الخطاب الملكي، لرفع الحگرة على مغاربة العالم، في الوقت الذي تشتد عليهم وطأة الاحتقار و التهميش و الإقصاء التي تمارس عليهم من طرف حكومة لا تقيم لهم وزنا، و من طرف مجلس يراكم الإخفاق منذ تنصيبه إلى غاية اليوم، بعدما تخصص في رفض و محاربة حق مغاربة العالم في المشاركة السياسية و المواطنة الكاملة.
وبرع مجلس الجالية الفاشل، و الحكومة، المشلولة الإرادة، التي لا تعير أدنى اهتمام لقضايا مغاربة الشتات، في إنشاء حلف متين من أجل المناورة والتحايل على التوجيهات الملكية وإفشال كل المبادرات الرامية إلى إنزال مغاربة العالم المنزلة التي تدعو لها الخطب الملكية وتنص عليها مواد صريحة في دستور ٠2011
إن مؤامرة الإقصاء والتهميش والحگرة، التي يتعرض لها مغاربة العالم، و بالخصوص منذ خطاب 6 نونبر 2005، لم تبق حكرا على تحالف الحكومة و مجلس الجالية بل تفرعت خيوطها لتشمل، باستثناء قلة قليلة من المتدخلين، الأحزاب السياسية، و مجالس الحكامة والإدارة بكل مستوياتها، و الهيآت ذات الصلة القريبة او البعيدة بملف مغاربة المهجر، وجل أطياف المجتمع المدني و الجمعيات الحقوقية التي تدافع عن ” كل الحقوق ” إلا عن حقوق مغاربة العالم.
وللاسف الشديد، يشارك في هذه الحملة ضد مغاربة العالم كثير من الأقلام الجامعية الفاشلة والصحافة البئيسة ووجوه كثيرة من نخب اليسار التي تنكرت لمبادئها وشعاراتها مقابل امتيازات وإكراميات يتبرع بها مجلس الجالية على مريديه بسخاء .
لقد أصبح مجلس الجالية نواة فارغة، بعدما غاب اعضاءه و صمتوا و دخلوا في نوم عميق، عملا بنصيحة “ما فاز إلا النوم ” في انتظار موائد من أشهى الطعام و أعذب الشراب و حفلات ووفادات كريمة مرتقبة.
ولا نتردد في تحميل أعضاء مجلس الجالية المنتهية صلاحيته، قسطا كبيرا من المسؤولية على أدائه الرديء، و اندحاره و فشله حين يقارن بأداء نظرائه من مجالس الحكامة الأخرى، في طريقة عمله و إتخاذ قراراته و نقاشاته و مداولاته، حيث لا نسمع إلا عن مبادرات السيد الرئيس و السيد الكاتب العام دون أي إشارة إلى جمعيته العامة ومختلف لجانه، ودون أدنى تحفظ او تعليق من طرف الأعضاء المحترمين، يحفظ لهم ماء الوجه.
ولضمان تنزيل مضامين الخطاب الملكي الأخير ووضعه في إطار الحقوق السياسية التي يضمنها دستور 2011 لمغاربة العالم، فإنه يتعين علينا رفض الوجوه التي حاربت و وقفت في وجه المشاركة السياسية و المواطنة الكاملة لمغاربة العالم، و كل من كانت له صلة قريبة او بعيدة بما سببه تسلط مجلس الجالية الحالي من أضرار للمغرب و مغاربة العالم.
كما نطالب بتعيين لجنة تقييم للتحقيق في كل ما يتعلق بأداءه و مختلف أنشطته ومبادراته وصرف ميزانيته.
و لهذا نتمنى ان تكون الصيغة الجديدة للمجلس حريصة على إعمال مسطرة المحاسبة والمراقبة المالية والإدارية وضبط معاييرها لتفادي التبذير الشنيع و الهدر الفاحش للمال العام الذي طغى على تدبير مجلس الجالية بمنطق الريع والزبونية و شراء الذمم.
المشاركة السياسية : أم القضايا
أننا نعتبر القضية الأساسية فيما يخص مغاربة العالم هي التي يطرحها السؤال الآتي الذي يلخص مأساة هذه الفئة من الشعب المغربي، و هو :
هل تعتبر الدولة المغربية مغاربة المهجر مغاربة كاملي المواطنة أم لا؟
إنه دون الإجابة على هذا السؤال ووضعه في سياق الانتقال الديمقراطي بإرساء دعائم دولة الحق و القانون والمؤسسات و الاعتراف بالحق في المواطنة الكاملة لكل فئات الشعب المغربي، داخل الوطن و خارجه و المشاركة في تدبير شؤون البلاد و التمثيل في البرلمان بغرفتيه لمغاربة العالم عبر انتخابات تشمل دوائر انتخابية بكل دول اقامة مغاربة المهجر، و دون تفعيل هذه الحقوق كلها بقرارات سياسية قوية، وفقا للإرادة الملكية، يبقى مشروع الانتقال الديمقراطي الحقيقي حبرا على ورق وواجهة للدعاية يوظف بطريقة ديماغوجية لإلهاء الرأي العام الوطني و قواه الحية.
الفصل بين المناضلين والمسترزقين
و في نفس الوقت ننتهز مناسبة الدينامية التي خلقها الخطاب الملكي الأخير، لنوجه الخطاب لكل هذه النكرات والاصوات والزعامات الفاشلة و الكائنات الفيسبوكية من سفلة قومنا وجهلة جاليتنا التي تدعي لنفسها الريادة و القيادة والشرعية هذه باسم فلكلور إيديولوجي أكل الدهر عليه و شرب، و تلك باسم تهريج شعبوي للاسترزاق بقضايا مغاربة العالم٠
نقول لكل هؤلاء واولئك ومعهم افواج وداديات سنوات الرصاص والوداديات اليسارية الجديدة التي تدور في فلك رئاسة المجلس، لقد انفضح امركم و انكشفت سوأتكم و سنعمل على التصدي لمؤامراتكم و مناوراتكم مهما كان الثمن بجانب كل الديمقراطيين التقدمين الحقيقيين، و الوطنيين الغيورين الحاملين هم الوطن و مغاربة الشتات، و كل الذين قدموا تضحيات جسام، و ذاقوا ألوان العذاب في زنازين التعذيب و يعرفون معنى سنوات الجمر و الرصاص والإضراب عن الطعام ووحشة المهجر والمنفى.
فتحية صادقة لهذا الصف من مغاربة العالم، الذين عرفوا و هم في ظلام زنازينهم و بين ايدي جلاديهم و معذبيهم و في منافيهم، كيف يفصلون بين خيانة الوطن للاسترزاق بها، و بين المعارضة والتضحية بالنفس و النفيس من أجل مغرب أفضل.
ضرورة النقد الذاتي :
إن مسؤوليتنا الأخلاقية و رسالتنا النضالية، كأطر جمعوية تدعي الانتماء إلى صف الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون تلزم علينا القيام بنقد ذاتي، لمحاسبة انفسنا؛ كما تستدعي استحضار أسباب فشلنا في توحيد صفوفنا ونبذ الأنانية وادعاء الزعامات وفضح الفاسدين منا و مسائلة مواقفنا و مبادراتنا و منطلقاتنا السياسية و الإديولوجية و الفكرية من أجل مراجعتها، و القطع مع ثقتنا العمياء في من يدعي زورا و بهتانا، الوقوف بجانبنا، و قد تبين اليوم أنهم لا يتحركون إلا من أجل مصالحهم الشخصية الرخيصة، لا فرق بين وداديات العهد القديم و وداديات اليسارالجديدة.
انتهى الجزء الأول، ويليه الجزء الثاني
بروكسيل، 17 نونبر 2024
عن سكرتارية التنسيقية الديمقراطية للشتات المغربي عبدالعزيز سارت.
Coord.cddm21@gmail.com