مجرد رأي

الاتصال الروحي

الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي

جميل أن يحمل الإنسان في صفاته و سلوكه صفات المثالية التي يسمو بها في مدارج الكمال ، و الأجمل من ذلك أن يكون الإنسان في صفاته و سلوكه هو ذاته ونفسه حيث الرضى و الافتقار و حيث الدلال و الانكسار ، فهو ذاك المخلوق الموكول بالاستخلاف و عمارة الأرض بالخير و الصلاح ، و الله جعله في أحسن تقويم و كرمه و أسجد له الملائكة سجود تكريم لا سجود استعباد ، و خلق له سبحانه العقل والقلب ليختار اتباع طريق الحق و يعي و يعلم حقيقة وجوده و كينونته
غير أن هذه الحقيقة لا يمكن أن يدركها الانسان إن لم يكن هناك ذلك الاتصال الروحي الوجداني بينه و خالقه ، هذا الاتصال الروحي الذي تتماهى فيه الروح مع العوالم الأخرى سواء الإدراكية منها او ما وراء الإدراك البصري و الحسي كذلك ، فتندمج أيما اندماج في بوثقة الوجود ، مما يعطيها قوة و طاقة و دافعا لمتابعة السلوك الوجداني و الغوص في معالم الانصهار الروحي داخل عالم الارواح فتتطهر و تتعطر بعبق الانقطاع الوجود لحضرة الواجد سبحانه ، فتتحقق الكينونة الوجودية و المعية المولوية فمن كان مع الله كان الله معه و من كان لله كان الله له
إن الاتصال الروحي يجعل الإنسان في منأى عن التيه الوجداني فلا يتخذ قراراً سلبياً إلا جاءه التنبيه و الإرشاد النفسي ، و رأى سيئات تنفيذه على الواقع فيعطيه ذلك التنبيه و التحذير دافعاً للإصلاح و التصحيح لتحسين سيره و مسيرته ” و اتبع السيئة الحسنة تمحوها ” ، فيؤدي به هذا التنبيه إلى الرقي بقلبه و روحه إلى مقام الوجود و إلى صلاح الحضارة و المجتمعات.
جميل أن نتحسس ذلك التخاطب الروحي بين الارواح فتلامس النفوس الحرة كي تحيى حرة في عبادة المولى و تنبه النفوس المستعبدة كي تتحرر من الاستعباد الممنهج فتشمر عن سواعد العبودية الحقة نحو حرية العبادة ، حيث النفس الحرة تؤمن بالله فتصبح خفيفة حرة منطلقة ، دون ان تكون ثقيلة مثقلة و متسلقة مقيتة ماقتة لا يأتي منها أي خير..
و جميل ان يستشعر الإنسان ذلك التواصل الروحي و التخاطب الوجداني داخل الروح كي يخرج من القلب مشاعر الصدق و معاني الحب و صدق المشاعر النابعة من دواخله في وصف رائع و مميز ، و يتجسد على نحو كتابات راقية جميلة ترقى بالعقول و تسمو بالأرواح و تطهر النفوس ، فالكلمات الجميلة و الرقيقة المعاني تصف ذلك التخاطب الوجداني فيها ة كأنه امرأة حسناء عفيفة ظريفة في خذرها المرمري تستحيي أن يخدش وجودها سفاسف العبثية
إن ذلك التواصل الروحي و التخاطب الوجداني هو تلك الطاقة الروحية و القوة القلبية المتجددة التي تزرع الاطمئنان في القلوب ، و هي القاسم المشترك بينها وبين السالك في دروب الحب و العشق المولوي ، فبالحب و الامل و المشاعر الصادقة نحيى ، و بالاتصال يحدث الوصال ، و بالوجد يتحقق الوجود.

 

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى