الواجهةمجرد رأي

جثث تحت الأنقاض… وعقوبات فوق الحصار

 

✍ نايف قرموط
فلسطيني من غزة

يفتخر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بما يسميه “أفضل إنجاز دبلوماسي” له: سلام 2025 بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في غزة.
سلامٌ لا يُعيد الحقوق لأصحابها، بل يمنح الاحتلال مساحة أوسع للمناورة السياسية والعسكرية، ويُحمّل الضحية أعباء إضافية بدلًا من مساءلة الجلاد.
سلامٌ يُدين المقاومة الفلسطينية، ويُعاقب سكان غزة المحاصرين بمنع إدخال المساعدات الإنسانية وإغلاق المعابر، بذريعة عدم تسليم جثث جنود الاحتلال.
لكن الحقيقة الواضحة التي يتم تجاهلها عمدًا، أن تلك الجثث ليست محتجزة، بل مطمورة تحت مئات آلاف الأطنان من الركام، جراء قصف عنيف وعشوائي شنّته إسرائيل على القطاع، فدمرت أحياءً بأكملها على رؤوس ساكنيها.
البحث عن الجثث في هذا الواقع المدمر يتطلب معدات ثقيلة وآليات متخصصة، وهو ما تمنع سلطات الاحتلال إدخاله إلى غزة، بحجة “الاعتبارات الأمنية واللوجستية”.
وهنا يظهر التناقض الفاضح: الاحتلال يُبرر تقصيره بـ”الظروف”، لكن لا يُعترف للمقاومة بأن هناك ظروفًا قاهرة خارجة عن إرادتها، بل تُحمّل المسؤولية ويُعاقَب الشعب معها.
فيا سيد ترامب، إن التأخير في تسليم جثث الأسرى ليس قرارًا سياسيًا ولا مناورة، بل نتيجة طبيعية لحجم الدمار، وانعدام الإمكانات، وإغلاق المعابر الذي تتحكم فيه إسرائيل بالكامل.
نحن لا نرفض السلام، بل نرفض سلامًا يقوم على التحيز، ويُساوي بين القاتل والضحية، ويُجرد المقاومة من شرعيتها، ويمنح الاحتلال أدوات جديدة للضغط والتجويع.
سلامٌ لا يُعيد الحق لأهله، ليس سلامًا. بل امتداد للظلم، بصيغة جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى