أخبار

علماء يطالبون بإلغاء التوقيت الصيفي ويحذرون من أضرار كبيرة

 

لندن ـ «القدس العربي»

طالب عدد من كبار العلماء بإلغاء التوقيت الصيفي والتوقف عن تحويل الساعة مرتين في العام، مشيرين إلى أن هذا التحول يؤدي إلى أضرار كبيرة على الناس.

وحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي» فقد حذر الخبراء من أن تغيير الساعة يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وحوادث المرور ومشاكل النوم، وطالبوا بالتخلي عنه تماماً.
ويقول كبار علماء النوم إن تغيير اليوم بساعة واحدة فقط يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، ويطالبون بالتخلص منه تماماً. كما لفتوا إلى أن التوقيت الصيفي قد يؤدي إلى ضرر أكبر بكثير من مجرد تدمير ساعات النوم للشخص.
وقالت الدكتورة إيفا وينبيك، المحاضرة في علم الأحياء الزمني بجامعة سري البريطانية: «يحذر علماء الأحياء الزمنيون من تغيير الساعة إلى التوقيت الصيفي كل ربيع أو حتى بشكل دائم».

وفي بريطانيا تم تطبيق التوقيت الصيفي لأول مرة في عام 1916 كجهد في زمن الحرب لتوفير الكهرباء وتوفير المزيد من ساعات النهار لصنع الذخيرة، في حين أن البريطانيين لم يعودوا ينتجون قذائف الدبابات، إلا أننا في الربيع والخريف من كل عام ما زلنا نحرك ساعاتنا ساعة واحدة للأمام أو للخلف. والحجة هي أنه مع زيادة الأيام، فإن تقديم أيامنا إلى الأمام يمنح الناس المزيد من ساعات ضوء الشمس خلال أيام عملهم.

ويستشهد مؤيدو هذا الإجراء بكل شيء بدءاً من انخفاض معدلات الجريمة في المساء إلى انخفاض عدد الغزلان التي تصطدم بها السيارات باعتبارها مكاسب محتملة.
ومع ذلك، يقول العديد من العلماء إن التغيير ليس فقط غير مريح، ولكنه ضار أيضاً بصحتنا.

والتأثير الأكبر والأكثر وضوحاً للتغيير هو أننا نفقد ساعة من النوم في الليلة التي تتقدم فيها الساعات، ويجب علينا الذهاب إلى السرير مبكراً بساعة في اليوم التالي. وبالنسبة للغالبية العظمى من الناس، لن يؤدي ذلك إلى أكثر من الشعور بالتعب أكثر من المعتاد ويجب حل المشكلة في غضون أيام قليلة، كما يقول تقرير «دايلي ميل».
لكن وجود أمة بأكملها من الناس فجأة يصبحون محرومين قليلاً من النوم لا بد أن يكون له بعض العواقب، حيث وجدت إحدى الدراسات أن هذا يؤدي إلى زيادة في «التسكع عبر الإنترنت».

كما وجدت دراسة أخرى نُشرت في عام 2016 أن القضاة في الولايات المتحدة يميلون إلى إصدار أحكام أقسى على المتهمين بنحو 5 في المئة في «الإثنين النائم» بعد تغيير الساعة.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن خطر وقوع حوادث مرورية مميتة يزداد بنحو ستة في المائة بعد التحول إلى التوقيت الصيفي في فصل الربيع.
وتشير التقديرات إلى أنه يمكن تجنب حوالي 28 حادثاً مميتاً في الولايات المتحدة كل عام إذا تم إلغاء التوقيت الصيفي.

وقالت الدكتورة وينيبيك: «إن تغيير الساعة الربيعية، حيث نقوم بتسريع ساعاتنا بمقدار ساعة واحدة، هو تغيير الساعة الذي عادة ما يكون أكثر إزعاجًا لصحتنا ورفاهيتنا».

وأضافت: «يمكن أن يكون لقلة النوم العديد من العواقب السلبية، ومع تغير الساعة فإنه يؤثر على ملايين الأشخاص في نفس الوقت».
كما أن اضطراب النوم بهذه الطريقة يمكن أن يكون له أيضاً آثار غير مباشرة على الصحة العامة.

وقالت الدكتورة ميغان كروفورد، باحثة النوم من جامعة ستراثكلايد وعضو جمعية النوم البريطانية: «هناك خطر متزايد للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وزيادة خطر السلوكيات الانتحارية، وزيادة الوفيات في الأيام التالية لتغيير ساعاتنا».

وتضيف الدكتورة كروفورد إن جمعية النوم البريطانية تعتقد أنه يجب إعادة التوقيت القياسي واستخدامه على مدار السنة بسبب «التأثير قصير المدى لتغيير الساعة، والتأثير المحتمل خلال فصل الصيف، والتأثير الضار لأوقات التوقيت الصيفي الدائمة المحتملة».
وتمتلك أجسادنا نوعاً من الساعة الداخلية تسمى إيقاع الساعة البيولوجية لدينا، والتي تحدد متى نأكل، ومتى ننام، ومتى نكون أكثر نشاطًا، ومتى تكون أدمغتنا في أفضل حالاتها.

وبينما يبلغ طول اليوم الشمسي 24 ساعة، فإن إيقاع الجسم يميل إلى أن يكون أطول قليلاً. وهذا يعني أن الشخص الذي يعيش في الظلام من الطبيعي أن يستيقظ متأخراً قليلاً كل يوم لأن ساعته البيولوجية تصبح غير متزامنة مع اليوم الشمسي.
ولا يستطيع البشر الحفاظ على ساعات الجسم البيولوجية متوافقة إلا بفضل جرعة أولية من شمس الصباح الساطعة كل يوم.

وقالت الدكتورة صوفي بوستوك، عالمة النوم: «نحن نعتمد على ضوء ساطع لجعلها تتماشى مع الدورة الشمسية العادية التي تبلغ 24 ساعة» وأضافت: «إذا لم نحصل على هذه الإشارة أول شيء في الصباح، فإننا سنكون متخلفين».

ونظراً لأن التوقيت الصيفي يمنحنا ساعات أقل من الضوء في الصباح، فإن الكثير من الناس يفتقدون تلك النبضة الأولية من ضوء النهار التي تساعد في إعادة تنظيم ساعات الجسم البيولوجية.
وقال الدكتور بوستوك: «من منظور إيقاع الساعة البيولوجية، هناك بالتأكيد سبب للتخلي عن التوقيت الصيفي».

وهناك الآن مجموعة متزايدة من الأدلة، وإن كانت محل خلاف إلى حد ما، على أن عدم التوافق بين الشمس وأجسادنا يمكن أن يكون له آثار صحية خطيرة طويلة المدى، بحسب تقرير «دايلي ميل».
والمشكلة الرئيسية في اختبار كيفية تأثير التوقيت الصيفي علينا على المدى الطويل هي أنه ليس لدينا الكثير من البيانات من الأوقات التي لم نلاحظ فيها التوقيت الصيفي.

وتقول الدكتورة كروفورد «إن أفضل البيانات التي يمكننا الاعتماد عليها تأتي من الاختلافات الصحية بين الأفراد الذين يعيشون على جوانب مختلفة من المنطقة الزمنية، مع ضعف الحالة الصحية لدى أولئك الذين يعيشون على الجانب الغربي.. وهذا لأن عدم التطابق بين وقت الشمس وساعاتنا هو الأكبر في الغرب».

وأظهرت الدراسات أن أولئك الذين يعيشون في غرب المنطقة الزمنية لديهم مخاطر أكبر للإصابة بسرطان الدم وسرطان المعدة وسرطان الرئة وسرطان الثدي وغير ذلك الكثير.

ويعاني سكان الغرب أيضاً من انخفاض متوسط العمر المتوقع، وارتفاع معدلات السمنة، ومرض السكري، وحتى انخفاض الدخل.
وبما أن عدم التطابق هذا يشبه إلى حد كبير تلك التي تحدث عندما تتقدم الساعات، يقول بعض العلماء إن التوقيت الصيفي قد يكون له تأثير مماثل. ومع ذلك، يقول بعض العلماء إن الضرر الذي يلحق بصحتنا قد يكون أكثر مباشرة.

وقالت الدكتورة راشيل إدغار، عالمة الفيروسات الجزيئية من «إمبريال كوليدج لندن» إن هذه الأنواع من الاضطرابات يمكن أن تجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

وتضيف الدكتورة إدغار: «تشير الأدلة المستمدة من نماذج حيوانية مختلفة إلى أن اضطراب إيقاعات الساعة البيولوجية لدينا يزيد من شدة الأمراض المعدية المختلفة، مثل الأنفلونزا أو فيروس الهربس».
وبينما تضيف أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لمعرفة ما إذا كان هذا هو الحال عند البشر، فإنها تشير إلى أن «ساعات الجسم يمكن أن تؤثر على تكاثر الفيروس والاستجابات المناعية لهذه العدوى».
وتنتهي إدغار إلى القول: «هناك إجماع واسع من العلماء الذين يعملون على إيقاعات الساعة البيولوجية والنوم على أن أي فوائد للتوقيت الصيفي تفوقها الآثار السلبية المحتملة على صحتنا ورفاهنا»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى