عبدالرحيم العلام يكتب :
إذا أرادت الدولة أن تقوي التماسك الاجتماعي، ما عليها إلا أن تُشمر عن سواعدها، وتقوم بالواجبات المترتبة عليها كدولة، وأن تترك أجور المواطنين ومادخيلهم التي كدوا وسعوا من أجلها، والتي يؤدون عليها واجب التضامن لعائلاتهم ومحيطهم، فكل مواطن وراءه محيط اجتماعي يتضامن معه بشكل إرادي أوإجباري .
ليست الدولة في حاجة إلى ضريبة التضامن إذا ما “التفتت إلى إلى جوانبها” وبحثت عن الثقوب التي تهدر المال العام، وهكذا في إمكانها مثلا :
– أن تقوم بإلغاء المؤسسات الشكلية الواردة في الدستور وخارجه من قبيل عشرات المؤسسات الاستشارية (التعليم، الشباب….) بما أنه هناك وزارات خاصة بهذه القطاعات، وتتوقف عن تأسيس عشرات اللجان التي تتقاطع مهاهما مع مهام الحكومة والأحزاب السياسية التي تتلقى الدعم العمومي من أجل إنجاز البرامج والبحث عن أفضل السبل لتطوير الاقتصاد والاجتماع السياسي؛
– في إمكانها أن تخفض ميزانية البلاط الملكي، وأن تجعل المؤسسة الملكية قدوة في مجال التقشف؛
– في إمكانها أن تلغي غرفة مجلس المستشارين التي تستنزف الأموال من دون أي فائدة إطلاقا إطلاقا، اللهم جعلها مؤسسة لتوزيع المناصب على الأعيان؛
– في إمكانها أن تجعل أعضاء مجلس النواب في ما دون الـ 200 نائب، وأن تربط التعويضات الممنوحة لهم بالمردودية، لأن المغرب ليس في حاجة إلى هذا الكم الهائل من النواب؛
– في إمكانها أن تخفض من عدد المجالس المنتخبة، وأن تدمج الجماعات، وأن تلغي بعض المجالس (المقاطعات، المجالس الإقليمية…)، وأن تقلل من عدد المندوبيات والمديريات، وإلا ما معنى تواجد مثلا المندوب الإقليمي والمدير الجهوي في نفس المدينة أو مدير الأكاديمية ومدير النيابة…؛
– في إمكانها أن تنتزع أراضي صوديا وصوجيطا ممن يحتلونها وتوزعها على الفلاحين الفقراء والمهندسين الشباب مقابل دفاتر تحملات واضحة؛
– في إمكانها أن تجعل الحكومة في ما دون الـ 15 وزيرا، وتقوم بتجميع القطاعات؛
– في إمكانها أن تراقب مداخليل الشركات الكبرى والاقطاعيات الفلاحية الضخمة، وأن تفرض عليها الضرائب، وأن تمنع الاستيلاء على العقارات المملوكة للشعب والدولة؛
– أن توفر مناخ الاستثمار، وأن تبسّط الإجراءات، وتصلح منظومة العدالة، لأنه لا استثمار من دون مناخ محتضن له؛
– أن تراقب الصيد في أعالي البحار، وتحرره من الرخص الريعية؛
– أن تحرر الاقتصاد المغربي من الريع المتمثل في “الكريمات”، وأن تترك الناس تنافس في حرية فيما بينها؛
– أن تراقب الاقتصاد غير المهيكل، وأن تبحث في مختلف “الألاعيب” التي يسلكها هذا النوع من الاقتصاد، من أجل التهرب من أداء الواجبات الضريبية؛
– أن تضرب بقوة، كل من يحرم العمال البسطاء في المعامل ووسائل النقل والمنازل والمكاتب والمدارس والمستشفيات الخاصة والنوادي الليلية والمطاعم الفاخرة والضيعات الفلاحية والحمامات الفاخرة والفنادق…من حقوقهم في التقاعد والتغطية الصحية والتعويضات العائلية، وأن تنشر شرطة مختصة بذلك، تتربص بهؤلاء في مقرات العمل، وتنصب الحواجز القضائية من أجل التأكد من حقوق السائقين ومساعيدهم…
– أن تحرر ميزانية المواطن من الحسابات الخصوصية (الصناديق السوداء) حتى تتحول من ميزانية “النوار” إلى ميزاينة بيضاء.
– أن تعفي جيوب المواطنين من أداء مصاريف عشرات الآلاف من “سيارت الخدمة” وما تستهلكه من وقود فاخر، وأداء واجبات الماء والكهرباء لإقامات المسؤولين؛
– في إمكانها أيضا أن تصلح قطاع التأمين حتى يصبح في صالح المؤمَّن له، لا في صالح شركات التأمين، وأن تصلح القطاع البنكي حتى لا يحترق المواطن بالفوائد الضخمة؛
– أن تتدخل في القطاع العقاري، وتراقب جيوب البؤساء حتى لا تذهب مدخراتهم لصالح “الإنهاش العقاري” الذي يستثمر في الأزمة؛
– أن تصلح قطاع التعليم والصحة، حتى لا يضطر المواطن لتدريس أبنائه في القطاع الخاص، ويبحث عن العلاج في المستشفيات الخاصة، ومن تم يكون المواطن قد ربح جزءا من أمواله، وحصد عائد الضرائب التي يؤديها، والواجبات التي يقوم بها تجاه وطنه.
إنها إجراءات وغيرها، يمكن للدولة القيام بها، لكي تبتعد عن أجور ومداخيل الموظفين والمستخدمين والبسطاء، فتلك الأجور لم يحصل عليها أصحابها إلا بعد أن قهروا أنفسهم، وجدّوا واجتهدوا، وعانوا وكابدوا عقودا من الزمن، وراكموا الترقيات الهزيلة، وانتقلوا من سُلم الى آخر، ومن مهنة إلى أخرى، ومن بيت إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى، ومن دائنٍ إلى آخر، ومن مرض إلى آخر، ومن أزمة إلى أخرى، ولديهم عوائل وأفواها تجب عليهم إعالتها، والتضامن معها إراديا أو إجباريا.