ترمب يجدد الاتهامات بتزوير الانتخابات. تصريحات ترمب تثير جدلاً في الولايات المتحدة
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال الأيام القليلة الماضية، علامات استفهام في الأوساط السياسية والمتابعة للشأن الأميركي، إذ إن الرجل ناقض نفسه بنفسه في كثير من الأحيان، فكان تارة يعلن فوزه بالانتخابات الرئاسية، وتارة أخرى يشكك بنتائجها، ما يشير إلى أجواء قلق وتوتر بدا أنها تحوم حول حملته الانتخابية، مع قرب إعلان النتائج النهائية.
“إعلان الفوز” :
قبل أن تبدأ الولايات بإحصاء أصوات الناخبين وفرزها، قال ترمب لشبكة “سكاي نيوز”، الثلاثاء، إن لديه “شعوراً جيداً بشأن فرصه في الفوز”، مؤكداً أنه لن “يعبث” عبر إعلان فوزه قبل الأوان. إلا أنه لم يتمالك نفسه مع بدء إعلان النتائج، فأعلن خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، “فوزه” بالانتخابات الرئاسية على منافسه الديمقراطي جو بايدن، على الرغم من استمرار تعداد الأصوات، وقال : “بصراحة لقد فزنا.. النتائج الليلة كانت رائعة ومبهرة، نستعد للاحتفال بالفوز، من الواضح أننا فزنا في ولايتي كارولاينا الشمالية وجورجيا، ونتقدم في بنسلفانيا بنحو 690 ألف صوت، وهو عدد كبير من الأصوات”، مؤكداً في الوقت ذاته أن حملته “لن تصمت أمام محاولة البعض خطف الانتخابات” .
التشكيك بالنتائج :
وبعد ساعات من إعلان “انتصاره” الذي أطلقه عبر حساباته على “فيسبوك” و”تويتر”، الأمر الذي أثار القلاقل، عاد ترمب ليشكك بالنتائج التي أعلنتها ولايات بنسلفانيا، وميشيغان، وويسكونسن، التي جاءت لصالح منافسه الديمقراطي جو بايدن بعد فرز نحو 99% من الأصوات .
وقال ترمب في تغريدة، الأربعاء: “مساء أمس، كنت متقدماً في كثير من الولايات الرئيسية”، مضيفاً “بعد ذلك، بدأت الواحدة تلو الأخرى تختفي بطريقة سحرية مع ظهور بطاقات انتخابية مفاجئة واحتسابها” .
وأضاف في تغريدة أخرى: “إنهم يجدون الأصوات المؤيدة لبايدن في كل مكان، في ولايات بنسلفانيا وويسكونسن وميشيغان”، معتبراً أن “هذا سيئ جداً لبلدنا” .
إتهامات وتغريدات :
وفي منشور آخر، اتهم ترمب أنصار منافسه الديمقراطي جو بايدن بـ”التصويت بعد إغلاق مراكز الاقتراع”، ما استدعى قيام موقعي “فيسبوك” وتويتر” بوضع إشارة تحذيرية على تغريدته، ووصفاها بأنها “مضللة” .
ولم يتوقف ترمب عند هذا الحد، بل شكك بنتائج الفرز في ولاية ويسكونسن، التي أعلنت فوز بايدن بنسبة 49.4%، مقابل 48.8% لترمب .
مطالب بإعادة الفرز :
وأعلنت الحملة الانتخابية لترمب، الأربعاء، أنها ستطلب “على الفور” إعادة إحصاء الأصوات في ولاية ويسكونسن، إذ قال بيل ستبين، مدير حملة الرئيس ترمب، في بيان: “وردت تقارير عن مخالفات في مقاطعات عدة في ويسكونسن، ما يثير شكوكاً جادة بشأن صحة النتائج”، من دون أن يذكر تفاصيل عن تلك التقارير .
وأضاف : “الرئيس ترمب تخطى بفارق كبير مستوى الأصوات الذي يسمح له بطلب إعادة الإحصاء، وسنفعل ذلك على الفور”.
نظريات مؤامرة :
كل ما تقدم، أدى إلى تضارب وتضليل للمعلومات عبر وسائل الإعلام الأميركية، ووسائل التواصل الاجتماعي. فبعد إعلان ترمب فوزه بالانتخابات، بدأت العديد من نظريات المؤامرة بالظهور عبر تويتر، زاعمة تدخل الديمقراطيين في الانتخابات .
وعلى سبيل المثال، تصدر وسم حملة “#StopTheSteal” التي استهدفت ولاية بنسلفانيا ترند تويتر، إذ تم التغريد به أكثر من 13 ألف مرة بين يومي الثلاثاء والأربعاء، إلى جانب استفسارات أطلقها المغردون تضمنت كلمات مثل: “الناخب” و”الاحتيال”، وفقاً لصحيفة “بوليتيكو” .
مسؤولية شخصية :
المحللة والباحثة في مواقع التواصل الاجتماعي إيرين غالاغر، حمّلت “المؤثرين اليمينيين المسؤولية في نشر الشائعات التي تم تداولها خلال اليومين الماضيين”، مشيرة، وفق تقرير “بوليتيكو”، إلى أن حساب ترمب ذاته كان العنصر الرئيس، أو نقطة انطلاق المعلومات الخاطئة والمضللة عن الديمقراطيين الذين “يسرقون” الانتخابات”، بحسب تصريحاته الأخيرة .
التقليل من أهمية كورونا :
وبعيداً من نتائج الانتخابات، ظهر التناقض جلياً في تصريحات ترمب حين أعلن تعافيه من فيروس كورونا، في أول مقابلة له منذ تشخيص إصابته بالوباء في أكتوبر الماضي، ثم أشار في الوقت ذاته إلى أنه لا يزال يتناول عقار “ستيرويد” كعلاج مساعد لأعراض المرض .
ونقلت شبكة “سي إن بي سي” عن ترمب قوله في مقابلة أجرتها معه “فوكس بيزنس” الأميركية: “أشعر بتحسن كبير، أنا مستعد للذهاب لأي مكان باستثناء الحجر الصحي.. ولا أعتقد أنني معدٍ على الإطلاق” .
وإذا عدنا قليلاً إلى الوراء، فسنشهد أيضاً موجة من التصريحات المضللة والمتناقضة للرئيس الأميركي، من خلال تغريدات أثارت شكوكاً كبيرة حول ملفات مهمة، كان من ضمنها ملف تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة في مارس الماضي .
في موجز صحافي من البيت الأبيض، قال ترمب إن احتمال وفاة 100 ألف شخص “أمر مقلق”، لكنه واصل وصفه بأنه “رقم منخفض للغاية”، في وقت ربما كان ينتشر خلاله الفيروس بصمت في جميع أنحاء البلاد .
وأصر ترمب على أن الفيروس “تحت السيطرة”، إلا أنه أشار لاحقاً إلى أن التداعيات الاقتصادية ستكون أسوأ من عدد القتلى، وهذا ما اعتبره محللون تقليلاً كبيراً من تأثير الفيروس على الأميركيين، وفق ما أوردته “آي بي سي نيوز” في تقرير سابق .
فقدان الدعم الحزبي :
كل هذه التناقضات، أدت إلى تغيير كبير في مواقف داعمي ترمب من الحزب الجمهوري، علماً أنه بعد تقدم بايدن عليه في المعركة الانتخابية الرئاسية بحسب النتائج الأولية التي تنقلها وسائل إعلام أميركية، كشف مصدر في البيت الأبيض لشبكة “سي إن إن” أن الرئيس “يفقد دعم حزبه الجمهوري” .
ووفقاً لـ”سي إن إن:”، قال مسؤول كبير في الحزب الجمهوري إن عدداً من مسؤولي الحزب لا يتفقون مع ما يخرج من تصريحات من البيت الأبيض، في إشارة إلى الرئيس الأميركي. وأضاف أنه “لا توجد أي تقارير أو دلائل تثبت أي تلاعب بالانتخابات”، فيما انتقد حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي، والحليف المقرب من الرئيس ترمب، تعليقات الأخير حول ادعائه الفوز في الانتخابات، وتهديده بمطالبة المحكمة العليا بوقف عمليات فرز الأصوات .