بقلم أبو أيوب
تذكر يوم قلت لي بأن أمريكا دولة قوية و قرارها حاسم لا مرد له … قلت لك أمريكا لم تعد كذلك و قد قرب أفول نجمها … و كان هذا من خلال مكالمة هاتفية جمعتنا نحن الإثنين إن كنت لا زالت تذكر .
مكالمة تمحورت ارتكازا على تغريدة ترامب أو قراره أو مرسومه … مهما تكن الصيغة , و القاضي باعتراف أمريكا بسيادة المغرب على الصحراء … , و من ثمة جهره بمساندته المقترح المغربي القاضي بمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا كحل واقعي برغماتي عقلاني … يستجيب للشرعية الدولية .
اليوم بالذات ينكشف ضعف أمريكا ، القوة العظمى ، من خلال اختراق مواقع جل مرتكزات قوتها الإقتصادية و العسكرية و المالية على حد سواء … مجال الطاقة و وزارة الدفاع … أي أمنها القومي السيبراني و تشعباته في مختلف المجالات بما في ذلك مجال الأنترنيت و ما له من ارتباط في كافة مناحي …
و على ضوء هذا تبين مدى عجزها التام عن تحديد حجم الأضرار الناجمة عن عملية الصابوطاج … فما أدراك بحجم الأضرار على كامل المنظومة المرتهنة للقرار الأمريكي على الصعيد العالمي ؟
قد يقول أحدهم بضلوع روسيا أو الصين من منظور الحفاظ على مصالحهما عبر العالم و بالأخص الشرق الأوسط الكبير و عموم إفريقيا , بالتالي تعد عملية الإختراق محاولة إجهاض أو احتواء أية خطوة أمريكية قد تكون عسكرية لخلط الأوراق و توريط الإدارة الأمريكية المقبلة .
أمر هذا مردود عليه في شقه الصيني من زاوية ( قدرة الإعماء التي تنتهجها الصين حاليا ) , بعدما تفوقت أحادية و بدون منازع من خلال تمكنها من استهداف و إسقاط و تعطيل كل منظومة الأقمار الصناعية في الفضاء , أقمار صناعية عين الغرب على العالم , عبر تقنية تسخير أقمار صناعية لتدمير منظومة أقمار ….
فيما بعضهم يقول بإمكانية تلفيق الإتهام لإيران كمبرر لهجوم عسكري محتمل ضد المنظومة النووية الإيرانية , و هذا أمر مشكوك في صدقيته , فيما يرى من بقي من البعض بأنها مسرحية يرمي من ورائها من انتهت عهدته ..
فرض الأحكام العرفية و إعلان حالة الطوارىء القصوى … لتعطيل تسليم السلطة من جهة و لتبرير هجوم محتمل على إيران بذريعة تورطها في الصابوطاج أو الإختراق و تحميلها مسؤولية ما نتج عنه من أضرار من جهة أخرى .
ثم تجرجيرا أمام القضاء بخصوص نتائج الإنتخابات قد يفضي في الأخير إلى بداية انشطار الولايات الأمريكية عن بعضها البعض (محاولة انفصال التكساس و إعلان استقلالها التي أجهضت في الثمانينيات مثال) , و اليوم كل البهارات متوفرة نتاج سياسات ترامب .
بالعودة إلى الحديث مع الصديق …, و ضمن سياسة البهرجة و سياسة لفراجة … كما تطرقت لها في مقالات سابقة , أدعوه اليوم إلى النظر فيما يجري بمنطقة الشرق الأوسط و الخليج و شمال غرب إفريقيا (الشرق الأوسط الكبير كما جاء على لسان السمراء كوندوليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا السابقة ) .
* حاملة طائرات أمريكية … و غواصة نووية بطاقمها السبعين نفرا و قرابة 154 صاروخ طوماهووك تدخل مياه الخليج اليوم .., و من قبل نشر قاذفتي ب 2 و حوالي 5000 جندي بالعراق فضلا عن قواعد بالسعودية و قطر و البحرين و جنود مرهقون بأفغانستان و سوريا …
* أخبار عن إمكانية ترحيل أكبر قاعدة عسكرية أمريكية من إسبانيا نحو المغرب , و أنباء عن قرب تدشين ميناء عسكري أمريكي إسرائيلي بالكركرات , و خمس مليارات قيمة استثمارات لوكالة التنمية الأمريكية بالصحراء على مدى خمس سنوات .
* ينضاف لهم اليوم ضمن إطار سياسة البهرجة و استعراض العضلات , عبور غواصة نووية إسرائيلية قناة السويس و هي طافية على مياه القناة في اتجاه باب المنذب على البحر الأحمر في اتجاه الخليج …, و يبدو مع التحركات مؤشرات حرب بالمنطقة للحد من تمدد محور و حلفاء , و إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصالح حلف و أدوات بدأ يتبدد ….
تقييمي في هذا منطلقاته عدة و بالضرورة ركيزته الأساسية الزاوية الإستراتيجية بدل التكتيك وليد اللحظة و البهرجة … أي بما معناه المدى الطويل …, و لنفترض جدلا من منطلق ما لإيران من قوة بحرية صاروخية معلوماتية استخباراتية …, و لا يساورني شك في أنها لا ترقى لما لدى أمريكا ….
قلت و بتقديري لو أنها تمكنت من اقتناص الغواصة الأمريكية او الإسرائيلية المحتمل دخولها مياه الخليج في حالة نشوب حرب بالمنطقة … أكيد أن النتائج ستكون كارثية … مياه الخليج ستلوث و دول الخليج العربية تعتمد عل تحلية مياهه بنسبة 100/85 من احتياجاتها … و لا أظن أن أمريكا بهذه السداجة لتضحي بمنطقة استراتيجية مقابل الدفاع على أنظمة , فضلا عن تعريض قواعدها بالمنطقة للاستهداف (قاعدة عين الأسد بالعراق/ إسقاط مفخرة الصناعات العسكرية الار كيو … في مياه الخليج مثال) .
ثم ماذا عن بقية المحور و الحلفاء في اليمن و فلسطين و سوريا و العراق … و أكتفي بهؤلاء … هل سيبقون مكتوفي الأيدي و نحن اليوم نتكلم عن محور و حلفاء ؟ لا أظن ذلك …! , و هو بالمناسبة محور ما فتئ يتقوى بعد أن راكم تجارب و اكتسب خبرات و مقدرات و حقق نتائج ( جنوب لبنان إبان حرب 2006/ سوريا/العراق/ اليمن/ فلسطين …) .
بالتالي صور البوارج و القاذفات الإستراتيجية و الغواصات و حاملات الطائرات … تبقى في مجملها محصورة ضمن زاوية سياسة البهرجة لتمرير مخططات و اضغاث أحلام لضعاف النفوس من عربان راكعة خانعة, أو لتخويف من هم أصلا خوافون منبطحون … أبقار حلوب متى جف ضرعها وجب ذبحها .. أليس هذا ما قاله ترامب ….كذبني إن شئت ؟
لنركز الآن على الجهة المقابلة من الصورة , منطقة شمال غرب إفريقيا و تطورات الأحداث بها على ضوء المستجدات , في مختلف الملفات بدءا بالملف الليبي مرورا إلى دول الساحل و الصحراء وصولا إلى ملف الإعتراف بالسيادة و ملف عودة العلاقات بين سام و بعض من حام …
الشرق الأوسط الكبير على صفيح ساخن و جغرافيته تمتد من الخليج إلى المحيط , ما يجري هناك له ارتدادات و انعكاسات على هنا …., و هو في الأصل صراع وجود و ليس نزاع حدود , بالتالي مرتكزه قناعة و عقيدة و ليس إيديولوجيا و منافع …., و الغلبة دوما للعقيدة و المعتقد على حساب الإيديولوجيا و المنافع (تجربة جنوب إفريقيا و الميز العنصري و هذا هو القاسم المشترك بين أمريكا و الربيبة … مثال) .
زوار موقع الجديدة نيوز , كان هذا شبه ملخص لمكالمة هاتفية جمعت بيني قبل أيام معدودات و بين رب اخ لم تلده أمي , تجاذبنا الحديث من خلالها للمستجدات و المتغيرات فيما يتعلق بنا نحن دون استثناء و كوطن يجمعنا … وددت اليوم اقتسامها معكم كما اقتسمتها مع رب الأخ الذي لم تلده أمي …., و هو بالمناسبة ذ. ع س. حكار صاحب الموقع ذاته … فتحياتي للأقلام الحرة الملتزمة بالهموم الجماعية … و تحياتي لكل من له غيرة على هذا الوطن …
فلربما الوطن في خطر …و قد نستيقظ على خبر كان … أرجو من الأعماق أن يكون مجرد كابوس ما نطقت به … عرافتي أخبرتني … و لا زالت لحد الساعة بعد مرور ثلاث سنوات صادقة …