الواجهةثقافة وفنون ومؤلفات

في الحاجة إلى عبد الوهاب المسيري: ” إسرائيل” من منظور معرفي . (ج2)

بقلم : محمد همام

    عبد الوهاب المسيري ( 1938-2008)، مفكر وعالم اجتماع مصري. ولد في مدينة (دمنهور). درس فيها تعليمه الإبتدائي والثانوي، ثم التحق بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة الإسكندرية، وتخرج منها (1959)، وعين بها معيدا. التحق سنة1963 بجامعة كولومبيا Columbia، في نيويورك. وحصل على الماجستير (1964). ثم التحق بجامعة رتجرز Rutgers، في مدينة نيوبرونزويك New Brunswick، في ولاية نيو چرسي. وحصل على الدكتوراه(1969).عاد إلى مصر أستاذا في قسم اللغة الإنجليزية في كلية البنات بجامعة عين شمس. واشتغل لفترة قصيرة (1970)، مستشارا لوزير الإرشاد، وكان حينها هو محمد حسنين هيكل. عاد إلى نيويورك ليعمل مستشارا ثقافيا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة. ثم عين خبيرا في الشؤون الصهيونية، بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجيات بالأهرام. كان مناضلا يساريا وعضوا في الحزب الشيوعي المصري. وكان من مؤسسي حزب الوسط ( الإسلامي)، المنشق عن الإخوان المسلمون، سنة2004. اختير في سنة2007 منسقا عاما للحركة المصرية من أجل التغيير( كفاية). وهي حركة مطالبة بالتغيير الديموقراطي، ومعارضة لحكم حسني مبارك، ورفضت توريثه إبنه جمال منصب رئيس الجمهورية. وطالبت بإسقاط نظامه بالطرق السلمية والنضال المدني.
عرف عبد الوهاب المسيري بأبحاثه في العقل الصهيوني، وفي الحركة الصهيونية، وهو ما تظهره أبحاثه وكتبه وموسوعاته في الموضوع؛ نذكر منها، تمثيلها لاحصرا:
– نهاية التاريخ، مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني.(1972).
– موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية: رؤية نقدية.(1975).
– العنصرية الصهيونية.(1975).
– اليهودية والصهيونية وإسرائيل: دراسة في انتشار وانحسار الرؤية الصهيونية للواقع.(1975).
– الأيديولوجية الصهيونية: دراسة في حالة علم اجتماع المعرفة، جزءان، سلسلة عالم المعرفة.( 1981).
– الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية: دراسة في الإدراك والكرامة.( 1987).
– الاستعمار الصهيوني وتطبيع الشخصية اليهودية: دراسة في بعض المفاهيم الصهيونية والممارسات الإسرائيلية.( 1990).
– هجرة اليهود السوڤييت: منهج في الرصد وتحليل المعلومات.(1990).
– أسرار العقل الصهيوني.( 1996).
– من هو اليهودي؟ (1997).
– موسوعة تاريخ الصهيونية. (ثلاثة أجزاء، 1997).
– اليهود في عقل هؤلاء.(1998).
– موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: ثمانية مجلدات،1999).
– الصهيونية والعنف، من بداية الاستيطان إلى انتفاضة الأقصى. (2001).
– فلسطينية كانت ولم تزل: الموضوعات الكامنة المتواترة في شعر المقاومة الفلسطيني.( 2001).
– الجماعات الوظيفية اليهودية: نموذج تفسيري جديد.( 2001).
– من الانتفاضة إلى حرب التحرير الفلسطينية: أثر الانتفاضة على الكيان الإسرائيلي.( نشر إلكتروني، نيويورك2002).
– انهيار إسرائيل من الداخل.(2002).
– مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي.( 2002).
– البروتوكولات واليهودية والصهيونية.( 2003).
– الموسوعة الموجزة. ( مجلدان،2003).
– اليد الخفية: دراسة في الحركات اليهودية الهدامة والسرية.( 2000).
– الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ: رؤية حضارية جديدة.(1996).
صدرت أيضا للأستاذ المسيري كتب باللغة الإنجليزية؛ نذكر منها ماله علاقة بموضوعنا، وهو تحويل ” إسرائيل” إلى موضوع بحث معرفي:
– A Lover from Palastine and Other Poems.(Washington D.C,1972).
– Israël and South Africa: The Progression of a Relationship.( New Brunswick,N.J,1976).
– The Land of Promise: A Critique of Political Zionism.( New Brunswick,N.J,1977).
– The Palastinnian Wedding : A Bilingual Anthology of Comtemporary.(1983).
– A Land of Stone and Thyme : Palestinian Short stores.( Co-editor).( London,1996).
وقد ترجمت أغلب كتب المسيري المكتوبة باللغة العربية إلى لغات العالم الأكثر انتشارا: الإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، والفارسية، والتركية، والأوردية.
لقد راكم المسيري، إذن، تجربة بحثية وأكاديمية كبيرة في بحث ” ظاهرة إسرائيل”، من منظور معرفي. وتوفر له من الخبرة، ومن العلاقات، ومن أدوات البحث ماساعده على بلورة هذه الرؤية. وهي بنظرنا، قادرة على إخراجنا من التباسات مفهوم ( إسرائيل)، كما تحضر في أذهاننا. فقد شوهت السرديات العقائدية والقومية المنظور المعرفي لعقولنا؛ إذ ظلت تلك السرديات رهينة حالات تاريخية غير موثقة، وحالات عصاب عقائدي، ونزعات قومية عصبوية، وغير قادرة على النفاذ إلى عمق الظاهرة.
لقد ظل مفهوم ( الإسرائيليين)، أو ( بنو إسرائيل)، ملتبسا بمفهوم ( اليهود)، كما وردا في القرٱن الكريم. وظل العقل الأصولي ( بالمفهوم الحديث للمصطلح)، يعالج المفهومين باعتبارهما يدلان على شيء واحد وواضح. وقد تم استثمار ركام ضخم من الروايات ومن المرويات، ومن ( المأثورات، ومن القصص والحكايات…)، لبناء صورة نمطية لليهودي. وهي الصورة التي تنطبق اليوم، في التصور الذهني للأصوليين، ونفر كبير من القوميين، على ( الإسرائيلي)، وعلى ( الصهيوني)!! وتم استثمار هذه الصورة، غير الواقعية، وغير التاريخية، وغير الصحيحة، في بناء سردية مخاتلة وأيديولوجية للتعبئة والتحريض في (حرب التحرير!!). قادها دهاة من الأيديولوجيين الأصوليين والقوميين( أكيد لا أعمم كلامي على كل الإسلاميين ولا على كل القوميين)، يجرون وراءهم قطيعا من ( المؤمنين الصادقين)، ليقدموا قوافل متتابعة من الشهداء والأسرى والجرحى. ويستمر أولئك الصادقون في العطاء والبذل، من هم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا. الذين بدلوا هم قادتهم وشيوخهم!
رسخت السردية الأصولية صورة( اليهودي) و( الإسرائيلي)، بمعنى واحد، نموذجا للكائن الأسطوري، المالك للقوة القاهرة. وتقدم الجماعة اليهودية، باعتبارها جماعة حاكمة للعالم، ومتحكمة في شبكات العلاقات على طول الكرة الأرضية وعرضها. ومنذ اختراع العقل المسلم، في سياق تاريخي ملتبس، لشخصية ( عبد الله بن أبي بن سلول)، إلى اختراع المخابرات الروسية ل( بروتوكول حكماء صهيون)، ظل وعينا مزيفا في النظر إلى ( اليهود)، وإلى ( إسرائيل). وظللنا عاجزين عن تأسيس حالة وعي بالظاهرة، خارج عصاب الماضي وقهر الحاضر. ولعل تفاعلنا مع أطروحة المسيري فيه خطوات في رحلة الألف ميل من أجل بناء الوعي.
(يتبع).

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى