بقلم : محمد يتيم
قال الدكتور الداودي في مقال له نشر على صفحات ليكونوميست، عرى ذنوب المسؤولين منذ الاستقلال … خطاب سياسي واضح ومسؤول لا يترك مجالا للبس والتأويل أو يفسح مجال الجدل
وقد أكد الدكتور لحسن الداودي في مقاله على أن الزلزال الأخير الذي ضرب منطقة الحوز ومراكز تارودانت كشف مسؤولية المسؤولين الذين تعاقبوا منذ الاستقلال، وعرى عن “ذنوبنا ” منذ الاستقلال ، من حكومات ومنتخبين وسلطات، مؤكدا على المسؤولية الجماعية للنخب في المغرب قائلا “نحن جميعا مسؤولون، ويجب أن نحني أمام هؤلاء الضحايا وطلب العفو منهم”.مضيفا ” إن الضحايا عوقبوا أثناء حياتهم، ودفنوا تحت الأنقاض بعد وفاتهم، مضيفا أن هذه المناطق لم تكن بحاجة لزلزال بسبع درجات لتدمير هذه المباني الزائفة التي تحمي بالكاد من البرد والشمس ولا تلبي أي معايير للصمود، فخمس درجات ربما كانت كافية لتسفر عن العديد من الضحايا، وفق تعبيره.
وشدد الداودي على أن سكان الجبال هم في الأصل ضحايا، سواء كانوا أحياء أو متوفين، بسبب المصير الذي احتفظنا به لهم، وهو الفقر، والبطالة، واليأس، والأمراض، والعزلة، والضعف. هذه هي، بشكل عام، حياة هؤلاء الأشخاص الذين تركوا مهجورين ومحكوم بالهجرة عليهم كبديل وحيد”.
وأشار إلى أن “هؤلاء السكان ليس لديهم الحق في بناء منازل صلبة باستعمال الإسمنت المسلح، وحتى لو كانت لديهم بعض الإمكانيات الضئيلة، التي يوفرها الابن أو الأخ من المدينة، فإنه لا يملكون الخبرة التقنية لبناء منازل من الطين”، وأن القرى في الغالب لا تكون مشمولة بأي وثائق تعمير، والأراضي في كثير من الأحيان، أراضي جموع، وعندما تكون خاصة، فلا تكون مسجلة بعنوان ملكية.
وأضاف الداودي أن “السلطات المحلية ليس لديها سلطة للسماح بالبناء خارج إطار القوانين المعمول بها، يمكنهم أن يغضوا الطرف، لكنهم مسؤولون أمام القانون عن البناء العشوائي لذلك، عندما ترى في هذه المناطق شخصًا قام ببناء منزل صلب، فاعلم أنه وجد وسيلة ليكون فوق القانون”.
وتابع الداودي بقوله: “لقد حكمنا على هؤلاء السكان بواسطة قوانينا، وإهمالنا بأن يعيشوا في هذه المقابر من أجل الأحياء الذين يهددون حياتهم باستمرار”، مضيفا أنه من غير المقبول، ومن المستهجن إلقاء اللوم في كل شيء على الزلزال، وكأننا فعنا الشيء الصحيح، نحن نتحمل الكثير من المسؤولية، وفق تعبيره. مؤكدا ، أن هذه مسؤولية مشتركة، ولا يمكن لأحد أن يتهرب منها، و” لهذا السبب أكد في تواضع قل عند السياسيين ، أنا ألوم نفسي وأنحني أمام الضحايا وأسألهم العفو”. داعيا إلى تجاوز كل أسباب الهشاشة التي فضحها الزلزال من فك العزلة، ونقل الصلاحيات إلى السلطات المحلية للسماح بالبناء بصرف النظر عن قيود المساحة (المطلوبة عندما تكون الأرض فلاحية)، وشهادات الملكية في جميع الدواوير غير المشمولة بوثائق التعمير،و توفير دعم تقني لبناء المباني من الطين، وبناء المدارس والمستشفيات وخلف أنشطة اقتصادية توليدية، مضيفا أن حجم المأساة ليس أمرا حتميا، وكان من الممكن التخفيف منها، متسائلا عما إذا كنا قد أخذنا العبرة من الزلزال وأن هؤلاء السكان يجب أن يتمتعوا بنفس الحقوق ونفس البنية التحتية كما هو الحال في أماكن أخرى. إن المغرب قادر على مواجهة هذا التحدي”.
خطاب الداودي هو خطاب سياسي واصح لا يترك لبسا ويتناسب مع صاحبه باعتاره رجلا سياسيا يشعر بالمسؤولية ….رجل عاش قريبا من هذه البيئة وتكلم لغتها لأنه ابنها، وجاب سهلها وجبالها وعاش ولا يزال قريبا من مواطنيها يتواصل معهم ويسعى لحل مشاكلهم اليومية، وركب وسائل نقل بدائية ليقطع بعض أوديتها ليتواصل مع ساكنتها … وتكلم خطابا سياسيا يتناسب مع صفته ومساره السياسي … وبذلك ضرب الداودي مثلا في التعبير من خلال خطاب سياسي يتناسب من جهة مع تاريخه وموقعه السياسي ويعبر عن روح المرجعية ومقاصده في تحليل حادثة الزلزال واستخراج عبرها ودروسها، وذلك لعمري هو جوهر المرجعية الإسلامية في الخطاب السياسي للمناضل السياسي .