ثقافة وفنون ومؤلفاتفضاء الصحافةمجرد رأي

من لغا، لا افتتاح ولا مهرجان له.

من لغا، لا افتتاح ولا مهرجان له.

عن افتتاح الدورة 23 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة

نورس البريجة: خالد الخضري

كما أشرت في الورقة السابقة الخاصة بحفل افتتاح الدورة 23 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، تبقى مشاركة الطفل اسماعيل الفيلالي بعزفه على البيانو هي مفاجأة هذا الافتتاح أو الأيقونة التي أنقذت ماء وجهه. لأنه وبعد 22 دورة خلال 41 سنة هي عمر هذا المهرجان، ما زال المركز السينمائي المغربي الإطار المنظم لهذا المهرجان تحت قيادة وزارة الشباب والثقافة والاتصال، عاجزا عن تنظيم حفل افتتاح ِحرفي، مركز، حافل بالمعلومات وأيضا – وهذا هو الأهم – أن يكون مشبعا بالفرجة والمتعة، خفيفا على قلوب الحاضرين، لا ثقيلا مملا كما حدث في الحفل المذكور. هنا رصد لمعظم المطبات التي أودت بحيوية هذا الحفل الذي دام أزيد من ساعتين قبل عرض فيلم الافتتاح الذي لم يحضره للأسف إلا المخرج وبعض أفراد عائلته.

أولا: تأخر توقيت الافتتاح الذي كان معلنا عنه في 7 مساء حتى ما بعد الثامنة يعني لأكثر من ساعة.

وعموما هذا مطب إلى حد ما يُغتفر وأصبح في حكم الأخطاء الشائعة المسَلم بها، إذ أن معظم المهرجانات المغربية تتأخر مواعيد افتتاحها بحكم انشغالات الوزراء أو رجال السلطة أو المنتخبين الذين يُنتظر وصولهم في الموعد المحدد.

ثانيا: كثر الكلام واللغو فوق الخشبة أكثر من الصورة والفرجة رغم أننا في مهرجان “سينما” عماده الأول هو “الصورة” وليس في مهرجان للشعر أو الخَطابة قوامه الكلمة وإلقاء نصوص إنشائية وخُطب رنانة في حق المكرمين وغيرهم. وقد كان من اللياقة بكثير والأنسب – كما يحدث في مهرجانات دولية كالقاهرة ومراكش وقرطاج… – أن يُكتفى بعرض فيديو مركز عن الشخصية المكرمة مع نشر سيرته الذاتية وأيضا كلمة / شهادة في حقه بكاتلوغ المهرجان ليقرأها المهتم والإعلامي والضيف أيا كان على مهل حتى يستوعب معلوماتها.

فأن تعرض فيلما / ربورتاجا عن المكرم في 5 خمس دقائق، ثم تأتي بخطيب أو خطيبة يقرأ على الضيوف إنشاءه سالخا من عمر الافتتاح وقتا غير هين تتجاوز مدته مدة الفيديو، ثم تعطى الكلمة للمكرم، ثم يعود الخطيب أو الخطيبة ليطلب الميكروفون ليستدرك قول شيء لا يزود معلومة ولا يثير نقطة مهمة، فكل هذا لغو وثرثرة.. ومن لغا لا افتتاح ولا مهرجان له.

ثانيا: لماذا 3 مكرمين دفعة واحدة؟

أما كان حريا بالمركز السينمائي المغربي أن يقتصر على تكريم شخصية واحدة في حفل الافتتاح ، أولا ربحا للزمن وثانيا لمنح المكرم ما يستحقه من وقت. والشخصية التي كانت تستحق أن تُكرم في حفل الافتتاح هي المخرج السيد لطيف لحلو لاعتبارين جد مهمين:

1 – فهو الأكبر سنا (84 سنة)

2 – هو صاحب فيلم الافتتاح الذي يعود إلى سنة 1969 (شمس الربيع) والذي أعادت الخزانة السينمائية مشكورة ترميمه حيث صرح السيد لطيف لحلو أنه بكى حينما شاهد الصور الأولى من النسخة المرممة. فهذا الفيلم للأسف لم يشاهده في حفل الافتتاح إلا المخرج وزوجته وبعض أفراد الأسرة، لأن الجميع هرول إلى مأدبة الأكل والشراب بمجرد إطفاء الضوء وبداية الفيلم. ولأن الوقت أيضا تأخر.

  • من باب المقارنة:

في السنة الماضية وفي الدورة 44 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، قام هذا الأخير بتعاون مع المركز للقومي للسينما بترميم فيلم قديم مصور بالأبيض والأسود وفي نفس السنة أيضا 1969هو (يوميات نائب في الأرياف) لتوفيق  صالح عن رواية الكاتب توفيق الحكيم (*). ورغم أن مخرجه وكاتب قصته توفيا، فقد قدم له رئيس المهرجان الفنان حسن فهمي “فقط” لقطات قصيرة منه في حفل الافتتاح معلنا عن تنظيم عرض خاص له. وبالفعل حج لمشاهدة هذا الفيلم التحفة والوثيقة في آن واحد، عدد هائل من ضيوف المهرجان وخصوصا من الشباب المصري وطلاب معاهد السينما مؤدين تذاكر الدخول إلى درجة نفاذ التذاكر والدعوات مما دفع المهرجان لبرمجة عرض ثان له بإحدى قاعات دار الأوبرا.

فهكذا يكرمون هم مخرجيهم ومبدعيهم مطلعين الشباب على إبداعاتهم، بينما نحن نشحن حفل الافتتاح بالخطب وكثرة الدخول والخروج إلى الخشبة، أفرادا  وزرافات ومجاميع… وحين حل وقت العرض الذي ما زال مخرجه حيا وبكى تأثرا لهذا الحدث، نسي الناس عقولهم ووجدانهم وهرولوا نحو بطونهم، ليبقى فقط السيد لطيف لحلو مع بعض أفراد عائلته وقلة من المهتمين يتابعون هذه التحفة في صمت رهيب وفي قاعة شبه فارغة إلا من الكراسي… عيب وعار. فلعمري لو نُظم لهذا الفيلم عرض خاص  خارج حفلي الافتتاح والاختتام، لكن أجمل تكريم يقدَّم لمخرجه وأفضل له بكثير من ذلك الذرع ومن كل ذلك الكلام الذي قيل عنه.

ثالثا: كان حريا أن يقسم المكرمون على ثلاث سهرات، الأولى في حفل افتتاح المهرجان، الثانية وسطه والثالثة في حفل الاختتام. والمهرجان فيه 9 ليالي، فلِمَ إحراق المكرمين كلهم في ليلة واحدة؟

رابعا: طغت اللغة الفرنسية كثيرا على نظيرتها العربية رغم أن لغتنا الرسمية الأولى هي العربية ثم الأمازيغية التي وردت في ملصق المهرجان وليست الفرنسية.

  • من باب المقارنة:

وفي مهرجان القاهرة أيضا ربحا للوقت، يتم التقديم باللغة العربية أولا ثم يلجأ إلى الترجمة المكتوبة في شريط تحت الخشبة باللغة الإنجليزية. وحين يتكلم ضيف أو منشط باللغة الإنجليزية تمر الترجمة باللغة العربية في الشريط المذكور مما يدل على أن معظم ما يقال مكتوب ومدون سابقا ولا مجال للارتجال إلا بنسبة ضئيلة.

خامسا:  لم ترق لكثيرين ممن حضروا حفل الافتتاح هذا، طريقة لباس منشطَيْه الممثلة وسيلة صابحي وصحفي القناة 2 وديع دادة، فتساءلوا: لِمَ لمْ يلجأ ولا واحد منهما إلى لباس مغربي أصيل؟ وجبتنا كما قفطاننا المغربي أصبحا يُرتديان في محافل ومهرجانات دولية لكنهما غابا في أكبر مهرجان سينمائي وطني !!

Abdeslam Hakkar

عبد السلام حكار مدير الموقع وصحفي منذ 1998 عضو مؤسس بالتنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى